اليمن وحكامه: الصراع على السلطة ينتج دولة فاشلة

تاريخ الإضافة الأحد 11 أيلول 2011 - 6:39 ص    عدد الزيارات 926    التعليقات 0

        

اليمن وحكامه: الصراع على السلطة ينتج دولة فاشلة
 

مأمون كيوان

حكم اليمن في مرحلتي: التشطير (1962-1990) التي ظهرت فيها الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ومرحلة الوحدة (1990-2011) دزينة رؤساء هم: المشيرعبد الله يحيى السلال 1962 ? 1967، الرئيس القاضي عبد الرحمن الإرياني 1967 ? 1974، المقدم إبراهيم محمد الحمدي 1974 ? 1977، الرئيس المقدم أحمد الغشمي 1977 ? 1978، الرئيس عبد الكريم العرشي من 24 يونيو إلى 18 يوليو من عام 1978، علي عبد الله صالح 1978 ? 2011، قحطان محمد الشعبي 1967 ? 1969، سالـم ربيع علي: 1969 ? 1978، عبد الفتاح إسماعيل الجوفي 1978 ? 1980، علي ناصر محمد الحسني 1980- 1986، حيدر أبو بكر العطاس 1986- 1990، وعلي سالم البيض 1986 ? 1994·
 

ولقد تراوحت عهود حكمهم بين أيام معدودات أو سنوات قليلة وعقود طويلة من الزمن رسمت حدوداً لإنجازاتهم· فالرئيس عبد الله السلال قائد تنظيم الضباط الأحرار لثورة سبتمبر/ أيلول1962، هو أول رئيس للجمهورية في الشمال· انحدر من مديرية سنحان محافظة صنعاء، حكم قرابة خمس سنوات· وأطيح به في انقلاب تم في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 1967أثناء زيارته للعراق· وانتقل بعدها للإقامة في مصر التي ظل فيها حتى صدور قرار الرئيس علي عبد الله صالح في سبتمبر/ أيلول 1981 بدعوته مع القاضي الارياني للعودة إلى الوطن· وقد توفى بمدينة صنعاء في 5 مارس/ آذار 1994·

أما القاضي عبد الرحمن الإرياني عضو مجلس قيادة الثورة 1962 المنحدر من حصن اريان بمحافظة إب، فقد حكم قرابة سبع سنوات، إذ اطيح به في انقلاب أبيض في 13 يونيو/ حزيران 1974، وتوفي في 14 مارس/ آذار 1998 بالعاصمة السورية دمشق التي ظل مقيما فيها رغم عودته إلى اليمن في شهر سبتمبر/ أيلول 1981·

وحكم المقدم إبراهيم محمد الحمدي المنحدر من مدينة قعطبة - محافظة إب، نحو ثلاث سنوات، وكان في عهد الرئيس السلال قائداً لقوات الصاعقة، ثم مسؤولاً عن المقاطعات الغربية والشرقية والوسطى· وفي عام 1972 أصبح نائب رئيس الوزراء للشؤون الداخلية، ثم عيّن في منصب نائب القائد العام للقوات المسلحة· وفي 13/6/1974، قام بانقلاب عسكري ابيض وهو برتبة عقيد وأصدر قراراً في ما بعد بإنزال جميع الرتب العسكرية إلى رتبة المقدم·

وانتهج سياسة مستقلة عن السعودية خارجياً وسياسة معادية للقبائل داخلياً· وقتل في ظروف غامضة في 11/10/1977 عشية سفره إلى الجنوب لإعلان بعض الخطوات الوحدوية في أول زيارة لرئيس شمالي إلى الجنوب·

وتعرّض للمصير نفسه، الرئيس المقدم أحمد الغشمي المنحدر من ضلاع همدان إحدى ضواحي صنعاء، الذي أسهم بدور رئيسي في حركة 13/6/1974 التصحيحية، وتولى منصب رئيس الأركان ثم نائبا لرئيس مجلس القيادة (رئاسة الدولة)· واغتيل في مكتبه برسالة مفخخة نقلها مبعوث من رئيس الشطر الجنوبي في 24/6/1978 بعد حكم دام قرابة عام·

وخلفه الرئيس عبد الكريم العرشي لفترة 24 يوماً فقط· ونظراً لخشيته من أن يصبح مصيره مثل مصير الرؤساء الآخرين تنحى عن الرئاسة وعيّن رئيساً للمالية مرتين· وفي عام 1988 اختير بالإجماع رئيساً لمجلس الشورى· وبعد عامين، أي بعد توحد اليمن عام 1990، أصبح عضواً في المجلس الرئاسي· وتوفي في السعودية في 10 يونيو عام 2006·

ويُعد عهد الرئيس علي عبد الله صالح، أطول عهد لرئيس يمني، وهو من مواليد 1942 في قرية بيت الأحمر (مديرية سنحان) محافظة صنعاء·

وتلقى دراسته الأولية في كُتَّاب قريته· التحق بالقوات المسلحة عام 1958 وكان ضمن صف ضباط الجيش الذين ساهموا في الإعداد للثورة وتفجيرها - وكانت رتبته آنذاك (رقيب) و رُقي لاحقاً إلى رتبة (مساعد)· و في عام 1963 رُقِّيَ إلى رتبة (مُلازم ثاني)· وفي نهاية العام نفسه أصيب بجراح أثناء إحدى معارك الدفاع عن الثورة في المنطقة الشرقية لمدينة صنعاء·

وشغل منصب عضو لمجلس رئاسة الجمهورية المؤقت، ونائب القائد العام، ورئيس هيئة الأركان العامة عقب اغتيال الرئيس أحمد الغشمي في 24 يونيو 1978· وانتخب في 17 يوليو 1978 رئيساً للجمهورية وقائداً عاماً للقوات المسلحة من قبل مجلس الشعب التأسيسي· وفي 17 سبتمبر 1979 رُقي إلى رتبة (عقيد) بناءً على إجماع تام من كافة قيادات وأفراد القوات المسلحة·

ومُنَح من قبل مجلس الشعب التأسيسي وسام الجمهورية؛ تقديراً لجهوده، وتفانيه في خدمة الوطن في 22 سبتمبر 1979· وانتخب أميناً عاماً للمؤتمر الشعبي العام في 30 أغسطس 1982· وأُعيد انتخابه في 23 مايو1983 رئيساُ للجمهورية· وأُعيد انتخابه في 17 يوليو 1988 رئيساً للجمهورية·

وفي 21 مايو 1990 أجمع مجلس الشورى على إعطائه رتبة (فريق)؛ عرفاناً ووفاءً لما بذله من جهود عظيمة لتوحيد الوطن وقيام الجمهورية اليمنية· و في 22 مايو 1990 قام برفع علم الجمهورية اليمنية بمدينة عدن، وإعلان إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، وإنهاء التشطير وإلى الأبد، وفي نفس اليوم اُختير رئيساً لمجلس الرئاسة للجمهورية اليمنية·

اُنتخب رئيساً لمجلس الرئاسة من قبل مجلس النواب المنتخب، وذلك بتاريخ 16 أكتوبر 1993· وتصدى لكل محاولات الانفصال في صيف 1994·

واُنتخبَ رئيساً للجمهورية من قبل مجلس النواب في 1 أكتوبر 1994، بعد إجراء التعديلات الدستورية التي أقرها المجلس بتاريخ 28 سبتمبر 1994· وفي 24 ديسمبر 1997 أقر مجلس النواب منحه رتبة مشير؛ تقديراً لدوره الوطني والتاريخي في بناء اليمن الجديد· وتمَّ في 23 سبتمبر عام 1999 انتخابه رئيساً للجمهورية في أول انتخابات رئاسية تجرى في اليمن عبر الاقتراع الحر والمباشر من قبل الشعب· في 20 سبتمبر 2006م، وتم انتخابه رئيسا للجمهورية في ثاني انتخابات رئاسية عبر الاقتراع الحر والمباشر وحصل على 4 ملايين و149 الف و673 صوتاً وبنسبة 77.17 %·

وكان من أبرز المنجزات الداخلية والخارجية التي تحققت أثناء حقبة رئاسته: إعادة بناء سد مأرب العظيم، استخراج النفط والغاز، تحقيق تنمية زراعية كبيرة، إقامة المنطقة الحرة بعدن· وتوقيع معاهدة الحدود بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان واريتريا·

وانضمام اليمن لبعض مؤسسات مجلس التعاون الخليجي·

وتعاقب على حكم اليمن الجنوبي (سابقاً) بعد ثورة 14 أكتوبر 1963كل من: قحطان محمد الشعبي الذي حكم لنحو عامين إذ أقيل من منصبه في 22 يونيو/ حزيران 1969 ووضع تحت الإقامة الجبرية· وتوفي في عدن عام 1982·

أما سالـم ربيع علي فحكم 9 سنوات، وكان عضواً في القيادة العام للجبهة القومية وأصبح رئيساً للمجلس الرئاسي منذ العام 1969·

وبدأت في فترة حكمه المباحثات الوحدوية بغية التوصل إلى صيغة تقارب وحدوي بين شمال اليمن وجنوبه·

اتهم عام 1978 بتدبير مؤامرة للاستئثار بالسلطة، وتدبير عملية اغتيال رئيس اليمن الشمالي أحمد الغشمي ، وأعدم بعد ذلك مع مجموعة من أنصاره في عدن بعد هزيمتهم في المواجهة المسلحة القصيرة مع مجموعة عبد الفتاح إسماعيل الجوفي الرئيس الذي أتى بعده· وحكم البلاد لنحو عامين· وكان قد شغل بعد الاستقلال عام 1967 عين وزيراً للثقافة والإرشاد القومي ووزيراً مسؤولاً عن قضايا الوحدة مع الشطر الشمالي·

وانتخب عبد الفتاح في عام 1969 انتخب أمينا عاماً للجبهة· وبقي في هذا المنصب حتى عام 1975، ثم عضواً في مجلس الرئاسة عام 1969، فرئيساً مؤقتاً لمجلس الشعب الأعلى عام 1971· وفي عام 1978 عين رئيساً لمجلس الرئاسة ثم عين في العام نفسه أميناً عاماً للحزب الاشتراكي اليمني الذي حل محل الجبهة القومية·

استقال في أبريل/ نيسان 1980 من جميع مهامه بحجة الأسباب الصحية، وعاش في المنفى في الاتحاد السوفيتي السابق حتى سمح له بالعودة بعد خمس سنوات لتندلع أحداث 13 يناير/ كانون الثاني 1986 والتي اختفى خلالها في ظروف غامضة·

وخلفه علي ناصر محمد الحسني حكم نحو 6 سنوات، وشغل سابقاً في أبريل/ نيسان 1969 منصب وزير للحكم المحلي ثم وزيراً للدفاع 1969 - 1975 إضافة إلى منصبه كوزير للتربية 1974- 1975· - وفي أغسطس/ آب 1971 أصبح رئيساً للوزراء وعضواً في المجلس الرئاسي إلى جانب عبد الفتاح إسماعيل وسالم ربيّع 1971- 1978·

وبعد الإطاحة بسالم ربيّع، أصبح رئيساً بالوكالة وذلك قبل أن يتم اختيار إسماعيل لهذا المنصب، إلا أن الجبهة عقدت مؤتمراً استثنائياً في أكتوبر/ تشرين الأول 1980، وقررت تنحية عبد الفتاح إسماعيل وتعيين علي ناصر رئيساً للدولة وأمينا عاماً للحزب ورئيساً للوزراء· وفي فبراير/ شباط 1985 تخلى عن منصب رئيس الوزراء، واستمر رئيساً للدولة وأمينا عاماً للحزب حتى 13/1/1986·

ولمدة 4 سنوات دام عهد حيدر أبو بكر العطاس الذي ساهم في تأسيس فرع حركة القوميين العرب بحضرموت 1960· و انضم إلى الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل منذ تأسيسها· فقد انتخب عضواً في اللجنة المركزية للتنظيم السياسي للجبهة القومية العام 1972· واُنتخب عضواً في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني وفي المؤتمر الأول للحزب عضواً في المكتب السياسي فبراير/ شباط 1985، ثم عين في منصب رئيس الوزراء·

واُنتخب في فبراير/ شباط 1986 رئيساً لهيئة مجلس الشعب الأعلى (منصب شرف)· وعين رئيساً لوزراء أول حكومة بعد تحقيق الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو/ أيار 1990·

وكان ممن خطط ودبر وقاد البلاد إلى حرب صيف 1994· وإثرها غادر البلاد وأقام في دولة الإمارات العربية المتحدة بعد أن منحه حق اللجوء السياسي·

وأيضاً حكم اليمن علي سالم البيض البلاد لمدة 4 سنوات· وكان قد انتمى مبكراً إلى حركة القوميين العرب، وكان من الشخصيات الأساسية في تنظيم الجبهة القومية، فتولى قيادة العمل العسكري في المنطقة الشرقية، حضرموت - المهرة ضد الاحتلال البريطاني· وتلقى عدداً من الدورات العسكرية في القاهرة في الستينيات وكان له موقف معارض بشدة ضد الدمج بين القومية وجبهة التحرير· وأعلن انسحابه من تنظيم الجبهة القومية وتشكيل تنظيم بديل اسمه (الجبهة الشعبية لتحرير حضرموت)· بفشل الدمج عاد إلى تنظيمه الأم مع مجموعته التي انتزعها·

وشغل موقع نائب عن شؤون الجيش والأمن في ما كان يسمى بالحكومة المؤقتة قبل يوم الاستقلال· وتولى منصب وزير الدفاع في أول حكومة دولة الاستقلال حتى عام 1966· وتم تجريده من مناصبه الحزبية والحكومية في عهد عبد الفتاح إسماعيل بسبب ما قيل حينها عن اختراقه اللوائح الحزبية وقانون الأحوال الشخصية الذي يمنع الجمع بين زوجتين·

عاد إلى واجهة الحياة السياسية في حكومة علي ناصر وتولى وزارة الحكم المحلي· وبانفجار أحداث 13 يناير/ كانون الثاني 1986 كان من الشخصيات التي تمحورت حول مجموعة عبد الفتاح ونجا من الموت بأعجوبة صبيحة ذلك اليوم في مبنى اللجنة المركزية، وخرج متخفياً في إحدى المدرعات مع عبد الفتاح إسماعيل، غير أن الأخير اغتيل بصورة غامضة بينما نجا هو·

وتولى منصب الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني عقب تلك الأحداث الدموية· ووقع في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 1989 مع الرئيس علي عبد الله صالح على اتفاقية عدن الوحدوية ودستور دولة الوحدة·

وبإعلان قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو/ أيار 1990 تولى منصب نائب رئيس مجلس الرئاسة إضافة إلى موقعه الحزبي كأمين عام للاشتراكي حتى مايو/ أيار 1994·

وفي محاولة يائسة لإعادة تشطير الوطن لمدة لم تتجاوز الشهر تقريباً، من 21 مايو/ أيار 1994 حتى 7 تموز/ يوليو من نفس العام عاد رئيساً لجمهورية اليمن الديمقراطية المعلنة من جانب واحد، وغادر بعدها البلاد وأقام في سلطنة عمان بعد أن منحته حق اللجوء السياسي·

وتعددت سبل خروج حكام اليمن من السلطة فمنهم من خرج نتيجة انقلاب رفاقه عليه في حالتي السلال والإرياني؛ والقتل في حالتي الحمدي والغشمي؛ والتنحي في حالة الرئيس العرشي؛ والاقالة في حالة الشعبي؛ والإعدام في حالة سالـم ربيع علي؛ والاستقالة في حالة عبد الفتاح إسماعيل الجوفي الذي اغتيل بصورة غامضة بعد سنوات؛ والمغادرة واللجوء السياسي في سورية ودولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان في حالات علي ناصر محمد وحيدر أبو بكر العطاس وعلي سالم البيض·

تبدو مصائر رؤساء اليمن استنساخاً جزئياً لمصائر رؤساء تعرّضوا لملاحقات قضائية ومطاردات واتهموا بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية· ومنهم: الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك والجنرال التشيلياني السابق بينوشيه، الذي اعتقل في لندن عام 1998 بسبب شكوى قدمها ضده القاضي الاسباني بلتازار غارثون· والحكم في 3 شباط/ فبراير 2000 على رئيس تشاد السابق حسين حبري بتهمة <التواطؤ في أعمال التعذيب> وحكم عليه بالإقامة الجبرية في السنغال حيث كان لاجئاً· والتسليم المثير للجدل في 29 حزيران/ يونيو 2000، للرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش إلى محكمة الجزاء الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة في لاهاي، بتهمة ارتكاب <جرائم ضد الإنسانية>·

كما أن الخطأ الجسيم في مسار الحكم الجمهوري في البلدان العربية تمثل في تحول الحكم الشخصي الأبدي إلى مشاريع حكم سلالي في عدد من الجمهوريات العربية· وتعني شخصنة الحكم أن الحاكم <السوبرمان> أو <المعصوم> يحكم بكل شخصيته وروابطه وتعييناته· ويحكم لأنه ممتاز واستثنائي، وامتيازه كلي وشامل، وليس مهارة سياسية متفوقة، أو نزاهة· إنه استثنائي كياناً وليس أداء، ولا يقاس به أي من محكوميه· والامتياز الكياني اللصيق بشخص الحاكم جوهري وأساسي ولا يُكتسب·

 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,698,563

عدد الزوار: 6,961,853

المتواجدون الآن: 58