ثلاثة مشاريع تتصارع على المنطقة

تاريخ الإضافة الثلاثاء 7 حزيران 2011 - 7:39 ص    عدد الزيارات 839    التعليقات 0

        

 

ثلاثة مشاريع تتصارع على المنطقة -4- معايير لنجاح الثورة  
د. عبدالله الحسيني
يأتي مفهوم المعايير بمعنى  القوانين والقواعد والمبادئ العامة التي يستند إليها  في قياس المواقف والسلوكيات لما ينبغي أن تكون عليه نتاجات هذا الموقف أو ذاك على المستوى الفردي أو الجماعي في أي مجال من مجالات الحياة المختلفة وبمعنى آخر هي الإطار المرشد والدليل القائد الذي ترجع إليه الجماعة للحكم على نجاح سلوكياتها ومدى تطور أدائها في المدخلات أو العمليات أو المخرجات لأي فعل اجتماعي أو اقتصادي أو سياسي ....
 
ولما كانت الثورة حركة سياسية منظمة  يقودها المجتمع لتغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية بالخروج على الواقع الراهن من خلال حركة الشعب ونخبه القيادية لتغيير أنظمة الحكم القائمة التي تعجز عن تلبية حاجات المجتمع وإدارة موارده وبناه الداخلية وعلاقاته الخارجية بما يتناسب مع طموحات هذا الشعب .
 
وبما أن الثورة العربية " العظمى " تسعى لتغيير واقعها من الحالة السلبية إلى الحالة الايجابية بالانقلاب ليس فقط على النظم الحاكمة وإنما على الظلم والتشريعات والدساتير والحالة الاجتماعية والسياسية وحالة التقسيم والتجزئة والوجود الغربي أو الشرقي والإسرائيلي في المنطقة بفعل الحركة المنظمة للشعب العربي ونزوله إلى الميادين والساحات الرئيسية في المدن والقرى والبادية مناديا بإسقاط النظام  وملحقاته .
 
ولكي تنجح الثورة العربية العظمى وتؤتي أكلها ولا يتم احتواؤها أو الالتفاف عليها من هذه الجهة أو تلك مما ينذر بإجهاضها وفشلها وبدل أن تكون  أسلوبا وأداة لشعوبنا كي تحقق أهدافها الكبرى  تصبح أداة لتحقيق أهداف المشاريع المتصارعة على المنطقة سواء الغربي الصهيوني أو الشرقي الفارسي.
 وبالتالي قبل أن نحكم على نجاح الثورة هنا وهناك بإسقاطها لنظام أو نظامين أو أكثر  كان من الضرورة لما سبق أن نضع  مجموعة من المعايير التي بها نحكم بها على نتاجات الثورة بالنجاح أو الفشل ونسترشد بها مسار الثورة لتحقيق أهدافها العليا بإذن الله وهذه المعايير   تتضمن  :
 
**  التخطيط ووضوح أهداف الثورة  :
 
تبرز أهمية التخطيط في كل عمل يقوم به الإنسان فالتخطيط يوضح النتاجات المتوقعة بناء على الإمكانات المتوفرة  والأهداف الموضوعة ولا يمكن للثورة العربية العظمى  أن تقوم وتستمر دون خطة معلنة  واعية لمجريات الأحداث وتغيراتها ومعيقاتها  لأنها تصبح في إطار التوقعات والاحتمالات  والصدفة والانحرافات المستمرة عن تحقيق الحاجات المرجوة من الحراك الجماهيري العظيم ,  ولتحقيق الخطة لا بد من وضوح الأهداف المعلنة  سواء كانت بعيدة أو قريبة المدى لأنها توجه وتوحد سلوك الثورة للأمة في كل أقطارها  وتنسق الأعمال فيما بينها وتساعد في تصويب العمل خلال حركة الثورة ,  ولا بد للأفراد والقيادة في القطر الواحد أو الوطن العربي من القناعة قبل الالتزام بتحقيق هذه الأهداف وحتى يستمر العاملون بتنفيذ الخطة والعمل بأهدافها لا بد للأهداف من أن تكون منطلقة من مفاهيم شرعية وواقعية يمكن تحقيقها وتعبر عن تطلعات وحاجات العاملين بها.
 
 
** توفر القيادة الموحدة :
 
تكمن أهمية القيادة بأنها تحمل على عاتقها التخطيط الدائم وحشد الأفراد وتوجيه الطاقات واتخاذ القرار في الملمات والسعي الدائم لإزالة المعيقات في طريق تحقيق الأهداف وعلينا أن نفرق بين القيادة الجماهيرية والدعوية والعسكرية والاقتصادية والتصنيعية والفكرية والتنظيمية والتخطيطية وغيرها ,فلكل واحدة سمات  وادوار تختلف عن الأخرى لكن على الجميع أن يعمل من منظور الخطة الشاملة المتطورة حسب الاحتياجات المستجدة ,  ويقع على القيادة التنفيذية صهر هذه القدرات وتوجيهها لخدمة أهداف الثورة وانجاز مشروعها .
 
لقد عانت الأمة العربية الإسلامية  إلى عهد قريب من غياب وتغييب للعنصر القيادي الفاعل على مستوى القطر الواحد ومن تشتت العناصر القيادية على مستوى الأمة لغياب التواصل الفعال بين الأقطار المختلفة كما عانت من تحول في سلوكيات ومعتقدات كثير من القيادات في العالم العربي والإسلامي  مما يجعل الأمة اليوم أحوج ما تكون إلى تشكيل القيادة الموحدة على مستوى العالم العربي والإسلامي تخطط للثورة وترشد مسيرتها وتوضح مسارها وتستثمر انجازاتها وتضع ملامح مشروع نهضتها في مرحلة ما بعد نجاح الثورة .
 
 
** رفض نجاح الثورة بالمساعدة الخارجية :
 
العلاقة القائمة بيننا وبين المشروع الغربي أو الشرقي طيلة القرون السالفة  قامت على العدائية والمواجهة المستمرة وعلى الاحتلال ونهب الثروات ومحاولة الاختراق والإضعاف المستمر وصولا إلى حرف الأمة عن دينها وشريعتها وهم في حالة من الصراع المتواصل معنا  في العلن والخفاء ويستخدمون  كافة الأدوات الأخلاقية واللا أخلاقية وعليه لا يمكن لذي لب عاقل أن يتصور أن المشاريع الخارجة عن إطار الأمة يمكن أن تقدم خدمات لنا دون أن تحصل على فوائد جمة من هذه الخدمات بل إن الأرباح المرجوة للغرب من تقديم أي مساعدة قد تصل إلى الخسارة الكلية للامة ومشروعها السياسي بحيث ترهن الإمكانات البشرية والثروات والسياسات للغرب ومصالحه ولذا نقول للحالمين في مساعدة الغرب في إنجاح الثورة العربية من تنظيمات علمانية أو إسلامية أو مجالس وطنية مستجدة كما في ليبيا أو بنى عسكرية قديمة تعيش حالة التبعية كما في مصر انتم في الطريق الخطأ بل إنكم تبيعون مشروع الثورة النظيفة وتتآمرون عليها مقابل كراسي الحكم التي وعدتم بها .
 
وعليه فان أمة الثورة  ترفض الاستقواء بالغرب على ذاتها وعلى تحولاتها وترفض محاولة استعادة الغرب والشرق إلى حالة الاستقواء على الأمة وثورتها بعد ما بدأت ملامح الضعف تنخر في كيانات هذه المشاريع  وكذلك ترفض الذين يتطلعون إلى الغرب كداعم وضامن لمشاريعهم الذاتية والمصلحية 
 
 
** سلمية ومدنية الثورة :
 
تميزت الفترات التي سبقت الثورة العربية العظمى من العمل التنظيمي بالاختلاف والتنوع في الطرح وتوسع الإنتاجية دون تحقيق الانجازات فكانت البرامج الإصلاحية والبرامج الجهادية والتي عملت على الحفاظ على الهوية الإسلامية للامة ومواجهة أعدائها إلا أنها لم تطرح رؤية متكاملة للصراع ولم تع أشكال الخطر الذي يحيط بالأمة كما أنها كانت تعاني من حالة الاستقطاب القطري والعيش في دوائر الأنظمة المتعادية ,  ولهذا كانت الأمة تقترب عاطفيا من هذه البنى التنظيمية أكثر من الانتماء والاستعداد للتضحية في سبيل ما تقدمه هذه التنظيمات من أفكار وخاصة مع قوة القبضة الأمنية للنظام العربي ومع الأيام انحرفت هذه التنظيمات شيئا فشيئا عن مبادئها الأولى وتحولت إلى أدوات بيد الأنظمة وأدوات بيد المشروع الغربي والمشروع الشرقي ,تتصارع فيما بينها وتجهض قدرتها على التغيير عدا عن التحرير.
 
هذا كله أدى إلى أن يأخذ المجتمع والشعب في كل قطر على عاتقه مسؤولية التغيير متجاوزا الأنظمة والتنظيمات والأحزاب لتحقيق الهدف الأول وهو إسقاط النظام متمثلا بالحاكم فخرج الناس إلى الشوارع بالملايين وكل واحد يحمل روحه على عاتقه غير آبه بالموت أو الاعتقال فشكل أفراد المجتمع سيلا بشريا جارفا اسقط حتى هذه اللحظة اثنين من حكام العرب دون أن تطلق رصاصة من الشعب رغم سقوط العديد من الضحايا مما يعزز أن الشعوب بسلمية حركتها قادرة على تحقيق الانجازات حتى هذه المرحلة كما أن سلمية الثورة يحافظ على مدنيتها وبالتالي يحافظ على منجزات الشعوب وثرواتها وقدراتها المتراكمة عبر عشرات السنين وهذا ما فقدته ليبيا بسبب سوء وإجرام حاكمها واستقواء مجلسها الوطني الانتقالي بالغرب وقد تفقده الشام واليمن بالعقلية التآمرية للحكام واستمرار تبعيتهم  والتزامهم  الوظيفي للمشاريع الخارجية المتصارعة على المنطقة .
 
لكن سلمية الثورة لا تعني أن يموت الثوار والشعب تحت قصف طائرات الحكام ودباباتهم دون مواجهة عسكرية  مضادة توقف زحف الحاكم ومرتزقة الرواتب من جنده ولكنها تعني أيضا استخدام الأدوات اللازمة للحفاظ على  شعب الثورة وقيادته لاستكمال التغيير الاجتماعي والتشريعي المطلوب على مستوى البلد الواحد وتقديم الدعم اللازم للبلاد الأخرى بعد نجاح الثورة .
 
** جعل القدس قضية الثورة المركزية :
 
حتى هذه اللحظة لم تكن قضية فلسطين قضية مركزية للامة العربية والإسلامية وإنما تركت القضية للحكام الذين كانوا يمارسون التجارة والقمار بالقضية وأهلها وعلى الرغم من أن التنظيمات الفلسطينية أدركت هذا الأمر إلا أنها عجزت ببرامجها الفكرية أو بأدائها الوطني عن أن تدفع بطاقة الأمة نحو التحرك للمشاركة الفاعلة في عملية التحرير كما أن التنظيمات الفلسطينية بغض النظر عن أفكارها كانت تتعامل مع النظام العربي الناتج عن سايكس بيكو على انه جزء من محور الصراع والمقاومة والممانعة إلى جانبها وتطرح ببرامجها عدم التدخل في الشأن العربي وتقدم المعلومات عن حالة التنظيم أو التنظيمات الأخرى وعن نقاط القوة والضعف لهذه الأنظمة التي أثبتت الثورة العربية أن ما يسمى منها  بأنظمة الممانعة هي كذبة تاريخية أثبتتها التجارب والوقائع التاريخية كما أثبتت أن الحراك الفلسطيني على المستوى الوطني بأفكاره المختلفة وبإمكاناته المتطورة غير قادر على القيام بواجب التحرير مهما بلغت قوته بغياب المشروع العربي والحاضنة العربية التي تعتبر القضية الفلسطينية احد أولوياتها ليس فقط إعلاميا وإنما بالمساهمة الفاعلة في مشروع التحرير كما أثبتت أن التنظيمات الفلسطينية  على اختلاف أفكارها لم تصل من الوعي اللازم لجمع شتاتها وتوجيه طاقاتها فهي على الدوام تظهر متصارعة مختلفة تعمل ضد بعضها البعض حتى وصل الأمر إلى الاقتتال الداخلي بينها  ومحاربتها لأشكال المقاومة والجهاد المختلفة .
 
القضية الفلسطينية وان حاول البعض التخفي عن مسؤولياته تجاهها تعتبر قضية مركزية أساسية بل هي أم القضايا في الوطن العربي لأجلها عمل الغرب على إسقاط الخلافة العثمانية وقسم المنطقة واجتاحها عسكريا لإضعافها واختراقها امنيا ولأجلها عين الأنظمة ودعمها لتبقى حامية للوجود الإسرائيلي ومتعاونة معه ومحاربة لأي شكل من أشكال التطور الداخلي أو المقاومة ولأجلها حرك الجيوش وضرب العراق وأفغانستان ولا زال يسعى لتقسيم المنطقة على أساس عرقي وطائفي ومصلحي في إطار خارطة شرق أوسط جديد " سايكس بيكو 2" .
 
لذا لا يمكن الحكم على نجاح الثورة العربية دون أن تستكمل دائرة الصراع في المسجد الأقصى و إزالة السرطان الإسرائيلي وكيانه السياسي الصهيوني عن ارض فلسطين وهذا يستلزم ليس فقط الأطر الفلسطينية التي لم تثبت نجاعتها في إحداث التحرير وإنما يستلزم أن تكون بوصلة الثورة العربية باتجاه القدس والأقصى  وأن يكون شعار الثورة في كل بلد بعد التحرر " القدس وفلسطين اولاً " وهذا يستلزم  من قيادة الأمة حشد الطاقات والقدرات العسكرية والبشرية والمادية لمواجهة هذا الوجود الصهيوني الغريب عن امتنا.  
 
 ** وضوح راية الثورة  :
 
كما وحدت الأمة خطابها وشعارها في مواجهة رأس الحكم في المنظومة العربية  ونادت بأعلى صوتها " الشعب يريد إسقاط النظام "فإن الأمة اليوم مطالبة بتوحيد راية الصراع كما هي بحاجة إلى توحيد قيادتها والمقصود هنا براية الصراع هي النهايات والنتاجات التي تريد الثورة الوصول إليها وبمعنى آخر المحركات الختامية والدوافع الموجهة لحركة الثورة وليس الدوافع الأولية لان الدوافع الأولية تشترك بها الأمة كلها والتي يمكن اختزالها بالبحث عن الكرامة العربية وحرية المواطن العربي لكن هذه المحركات الأولية لا تمثل برنامجا سياسيا تستقيم عليه نتاجات الثورة ولا تهيئ لاستثمار نجاحات الثورة بما يخدم المصالح العليا للمواطن العربي .
 
ولما كانت الخلافة  والحكومات الراشدة التابعة لها هي الوعاء الموحد و الحامي والحافظ والإطار السياسي للامة العربية والإسلامية سابقا ولما كان سقوطها وانهيارها في بداية القرن العشرين سببا في انهيار الأمة طيلة القرن الماضي ,  وحتى الآن لم تستطع معالجة ارتدادات انهيار الخلافة وحكوماتها  لذا كان من الواجب أن تعمل الأمة مرة أخرى لاستعادة خلافتها ووحدتها ولتنادي بصوت مرتفع بشعار " امة واحدة , حكومة راشدة , خلافة راشدة " كنتاج نهائي لمسار ثورتها التي انطلقت من تونس مرورا بمصر وها هي تشتعل بالشام واليمن من الأرض المباركة وفي ليبيا بوابة الثورة إلى المغرب العربي وتباشيرها في كل العالم العربي والإسلامي بدأت تلوح في الأفق.
 
** حشد الجهود باتجاه بؤرة الصراع القطرية  :
 
تمتلك الأمة الإسلامية طاقة كبرى استخدمت جزءا منها في مشروع الثورة للحرية  والانعتاق من براثن الأنظمة القهرية والجبرية الظالمة , ومع أن الجهود  في بنية الأمة لفترة متأخرة كانت مبعثرة ومتعارضة وباتجاهات مختلفة ودون توجيه أو توجه نحو الوحدة مما أفشلها وأضاع قدراتها وجزءا من بلادها وصارت  اليوم في حاجة إلى جهد كبير لتحقيق أهدافها وتطلعاتها وقد تبذل تضحيات كبرى كان بالإمكان لو توحدت سابقا أن تحافظ عليها .
 
واليوم وقد توسعت دائرة الثورة وانفلت عقال الشعوب من الأنظمة باتجاه الحرية وتقرير المصير فان الثورة بحاجة إلى مزيد من توجيه الجهود المختلفة وبجميع المستويات والمهتمين وتركيزها وتوجيه الطاقات البشرية والإعلامية والمادية والمالية إلى بؤرة الحدث في بلد الواحد بما يخدم تحقيق أهداف الثورة المرحلية الأولى وصولا إلى الأهداف الشمولية.
 
إن تحقيق النجاح في قطرما سيدفع إلى تحقيق النجاح في بلد آخر وستسمح القوة المسيطرة المتعاونة في هذا البلد باستخدام إمكانيات البلد وقدراته لدفع مسيرة الثورة في البلاد الأخرى في صورة تكاملية تسمح بإعادة الوحدة وتوحيد راية الصراع الداخلي والخارجي .
 
 
** استمرارية الثورة رغم التضحيات :
 
أي مواصلة الحراك والحشد الدائم حتى تحقيق الأهداف في إطار الثورة العربية العظمى الموضوعة في البلد الواحد أو الأقاليم الكبرى مثل المغرب العربي أو جزيرة العرب وبلاد الشام أو على مستوى الوطن العربي والعالم الإسلامي وصولا إلى العالمية وبالتالي إن نجاح الثورة في تونس أو مصر والتوقف عند حدود هذا النجاح دون المشاركة الفاعلة في إنجاح الحراك في المغرب العربي أو المشرق العربي يجعل هذه الثورة في إطار التجزئة من جهة وفي إمكانية الاحتواء والإجهاض على المدى القريب من جهة أخرى ويسمح للأعداء من كافة الجهات أن يعيدوا لملمة أوراقهم وان يستخدموا الثورة لخدمة مصالحهم , لذا فان المواصلة في الخروج مهما توسعت التضحيات وزاد الجرحى والقتلى إلى الشارع بعد التقييم لما تحقق من أهداف من شأنه أن يؤكد نضوج الثورة ويدفع بأبناء الوطن العربي في كل مكان للنهوض من اجل استكمال دائرة نجاح الثورة ويزيد من خلط الأوراق الغربية وتشتيتها وبالتالي إضعاف إمكانية التدخل في صياغة نتائج الثورة.
 
** شفافية العلاقة مع الأقليات:
 
الأقليات هي المجموعات العرقية أو الدينية أو الطائفية التي عاشت وتعيش في كنف الأمة الإسلامية في الوطن العربي المترامي أو في جغرافيا الأمة الإسلامية والتي أمنت على نفسها ومالها وضيعها وأماكن عبادتها طيلة القرون السابقة وفي إطار من الأحكام الشرعية دون تجاوز على حدودها أو انتقاص من حقوقها .
 
لكن هذه الأقليات في كثير من الأحيان تعتبر الأدوات الأهم في مشروع الغرب لاختراق جسم الأمة العربية والإسلامية ولزعزعة الواقع العربي وإشغاله عن التوسع وفي بعض الأحيان إفشال مشاريع نهضته , وهذه الأقليات - ويدخل فيها بعض التنظيمات التي صاحبت حالة التجزئة  - غالبا ما ترتبط بقنوات مختلفة مع أعداء الأمة بدعاوي غير مقنعة أو مبررة  وهي تنتهز أي فرصة للانقضاض على الحكم هنا وهناك أو الانقضاض على قطعة جغرافية من اجل فصلها عن جسم الأمة.
 
وهذه الأقليات اليوم هي احد أهم أدوات إنجاح المشروع الغربي الصهيوني لتمزيق المنطقة كما أنها الأداة الأقوى في المشروع الشرقي الإيراني للسيطرة عليه ومن هنا لا بد من أخذ هذه الأقليات في الاعتبار تخوفا من استخدامها ضد ثورة الأمة او التعامل معها وحثها لتكون جزءا لا يتجزأ من مشروع نهضتها .
 
وحتى تصبح هذه الأقليات جزءا من مشروع الأمة لا بد من تطمين هذه الأقليات على وجودها وأماكن تواجدها وأنها ليست في صراع مع الأمة في مرحلة ثورتها وأن هذه الأقليات في صراع مع نظام التجزئة الذي صنعه الغرب بفعل المبضع العسكري والسياسي طيلة القرن الماضي وفي صراع مع الغزاة والوجود الإسرائيلي وأن المسلمين منهم لهم ما للامة من انتصارات وعليهم ما عليها من مغارم وغير المسلمين يعيشون كما عاش أسلافهم في كنف الدولة الإسلامية الموحدة براية الخلافة والثورة تحذر الذين يريدون بالأمة غدرا أن الأمة لا ولن تنسى أعداءها من العقوبة العادلة في حال اكتمال مشروع ثورتها . 
 
 
**  التصحيح المستمر لحراك الثورة  :
 
لا يمكن للشعب العربي المغيب عن الفعل السياسي لأكثر من ستة قرون ومغيب عن الوحدة والاستقلالية لأكثر من قرن من الزمان أن يحكم على حراكه ونجاح برنامج ثروته من خلال عدة أشهر رغم النجاح الواضح والملموس على مستوى استخدام القدرات وطاقة الأفراد والشعب وتوجيهها في إسقاط رموز الأنظمة ورغم الحضور الكبير لأدوات ومشاريع الشرق والغرب التي تستهدف إعاقة واعتراض وإجهاض الثورة العربية العظمى .
 
ومثل أي فعل بشري على المستوى الفردي أو العام يحتاج دائما إلى النقد والنقد الذاتي و التقييم الشامل قبل وأثناء وبعد الثورة , والثورة  كحالة طارئة بحجمها واتساعها وتنوع برنامجها وأدواتها واختلاف طبيعة الأنظمة التي تتعامل معها وطبيعة الحالة الجيوسياسية وعلاقة ذلك بالمشروع الغربي والشرقي يحتم على الثورة والثوار في حال وجود القيادة الموحدة على مستوى القطر الواحد أو على مستوى الوطن العربي أن تجري عمليات التقويم والتصويب وإصدار الأحكام على مدى نجاحة الحراك الجماهيري ,متى يقف ؟ ومتى يتحرك ؟ ومدى وضوح أهدافه وأدواته ؟ وكيفية حمايته من أن يستخدم كأداة تخدم برامج هذه الجهة أو تلك من أعداء الأمة ؟ في أي جهة يتسع ؟ وهنا تأتي أهمية المعايير كمرجعيات للحكم على صحة مسار الثورة .  
 
 
** بناء المجتمع الجهادي :
 
رغم الحاجة إلى سلمية الثورة و مدنيتها في مواجه الواقع الداخلي من اجل الحفاظ على تراكم مكتسبات الأمة وتقليل الفاقد من الضحايا في صراع داخلي يمثل استمرارية الدور الوظيفي للأنظمة في إضعاف و محاربة الشعب العربي من المحيط إلى الخليج إلا أن كلا المشروعين الشرقي والعربي والعدو الإسرائيلي ينتظر لحظة ضعف تمر بها الأمة للانقضاض على مقدراتها وعلى أرضها من أجل زيادة تقسيمها وإضعافها , وهذا يتطلب من الشعب العربي المغيب عن الفعل الجهادي والتدريب الخاص به أن يتحول إلى امتلاك قدرة الدفاع عن الذات ومواجهة الأعداء إذا ما أرادوا بمشروع نهضتها وثورتها شرا وهنا يأتي دور القيادة العسكرية التي تنتمي إلى وطنها وتستشعر الخطر على أمتها لتبني وتفعل وتنظم وتخطط وتوجه القدرات والإمكانات البشرية المهيأة والمدربة وصهرها في بوتقة واحدة لما يخدم مصلحة الأمة .
 
       ** استمرار مقاومة العدو :
 
لا بد من استمرار مشاغلة أعداء الأمة الذين احتلوا أرضها عسكريا وهؤلاء لن ينفع معهم الحلول السياسية أو المفاوضات على حالة الضعف التي تسيطر على الامة ولذا من دخل بلادنا عسكريا علينا أن نخرجه عسكريا وهذه مهمة قوى المقاومة على اختلاف مواقعها , ولقد ظهرت قوى المقاومة الفلسطينية والمقاومة الأفغانية والشيشانية والعراقية والصومالية بمسميات مختلفة ... وغيرها من أراضي الامة العربية والإسلامية .
 
لكن وللأسف أن بعضا من أشكال المقاومة انحرف باتجاه الحلول السلمية وتحقيق المكاسب السياسية رغم وجود الاحتلال وضمن توافقات دولية وبعضا آخر لعب دورا أكثر سلبية بان جعل قدراته خدمة للمحتل في مواجهة المقاومة الحقيقية ولم يثبت في مواجهة المحتل إلا من ثبته الله حتى الآن  .
 
وعلى رغم ما تعانيه أشكال المقاومة والجهاد من صعوبات أمنية وعسكرية وملاحقات وتجفيف للموارد البشرية والمالية إلا أنها كانت ولا زالت قادرة على مواجهة المحتل إذا ما توفرت لها البيئة المناسبة واستغلت الفرص التي تلوح بالأفق من خلال تفاعل الثورة وحراك الشعوب وقيادات الجيش معها  مما يمكنها من انجاز ما تنتظره الامة من تحرير للأراضي وانهزام للأعداء .
 
إذن لا بد من استمرار المقاومة والمقاومة المتصاعدة  في البلاد العربية المحتلة وعلى رأسها فلسطين كمؤشر من مؤشرات نجاح الثورة ولا بد من دعم هذه المقاومة  بكل أشكال الدعم حتى تبقى على الأقل مخططات العدو لا تتجاوز حدود تواجده وحتى يقوى ساعد الثورة المتدحرجة  في الوطن العربي وتتوحد الجهود والطاقات للقيام بواجباتها تجاه تحرير الأقصى والقدس.
 
 
** رصد المشاريع المتصارعة في المنطقة:
 
لا بد للعاملين الذين يقودون الحراك الجماهيري على مستوى القطر الواحد أو الأقطار المختلفة أن ينظروا للأحداث نظرة شمولية ومن زوايا مختلفة وان لا يقصروا النظر على جانب  واحد من الأحداث.
 
فالبعض يتهم الحراك الجماهيري على انه استجابة لرغبة الغرب في الفوضى الخلاقة التي تؤدي إلى إحداث تقسيمات جديدة في جغرافيا المنطقة وبالتالي توزيعات استعمارية جديدة لخيرات المنطقة ,والبعض ينتشي لدرجة انه لا يرى سوى انتصار الثورة وتحقيقها لأهدافها مغفلا حالة الصراع والأعداء الذين يتربصون بالمنطقة الدوائر ويتداعون عليها كتداعي الأكلة إلى قصعتها وآخرون يرون الثورة على أنها امتداد للمشروع الثورة الإيرانية وأنها ترتبط مباشرة بها ,وهكذا تتباين الآراء إذا نظر إليها كحالة جزئية ويصبح الحكم على مسار الثورة مختزل ومجزوء وغير دقيق.
 
إن النظرة الشمولية تظهر أن الصراع من كل الجهات على المنطقة - وقد بينا في المقالات الثلاث السابقة أن ثمة ثلاثة مشاريع تتصارع على المنطقة وان ثمة لاعبين ووسطاء ومتطلعين لان يكون لهم دور فيها -  , كما تظهر أن ثمة  تساوي نسب النجاح والفشل للمشاريع الثلاث في تحقيق انتصار ينعكس إيجابا في حال نجاح المشروع العربي على المنطقة وينعكس سلبا في حال نجاح المشروع الغربي والشرقي في المنطقة .
وتظهر الثورة في بداية حركتها ضعفا للمشروع الشرقي وتراجعا كبيرا في قدرته على الفعل كما أن الثورة تزيد من احتمالات تفجر الصراع في قلب المشروع الشرقي " إيران" ولا تظهر الثورة ضعفا واضح المعالم على المشروع الغربي الصهيوامريكي  - على الرغم من ضعفه -  مما يزيد لدى العامة احتمالات الشك حول حركة الثورة ودوافعها ونتائجها كما تظهر الثورة اتساع الدور التركي في المنطقة وتدخلا واضحا له  في سياسات دول ما بعد  وأثناء الثورة .ولقد وضحنا في الأوراق السابقة 1-3 مفاهيم ومنطلقات ومصادر القوة والضعف في المشاريع المتصارعة على المنطقة بالإضافة إلى جدلية الدور التركي في المنطقة .
 
 
** إزالة الحدود بين بلدان الوطن العربي :
 
يمكننا اعتبار  إزالة الحدود بين أقطار الوطن العربي وتوحيد العالم العربي وزوال جامعة الدول العربية احد أهم المؤشرات الكبرى على نجاح الثورة العربية العظمى فلا يمكن أن نتحدث عن ثورة عربية عظمى تنادي بها الملايين وتتطلع إليها شعوب العالم الإسلامي والمستضعفين في الأرض ونقول أنها نجحت وهي تحافظ على حالة التجزئة والتقسيم في الوطن العربي وتبقي على أعلام متنوعة وجيوش وأمن متصارعة وبرلمانات  ودساتير ووزارات وحكام مختلفة وحدود مفرقة لأبناء الأمة العربية الواحدة .
 
كما اننا لا يمكن أن نتحدث عن نجاح للثورة ونحن نرى أن كل بلد يعاني شعبه بشكل مفرد من جبروت النظام الداخلي أو تاّمرات النظام الدولي الخارجي دون حراك من الشعوب العربية في كل مكان من اجل دعم شمولية المطالب وتوحيد الحراك ودعم الحالة الكلية للنهج الثوري مع الأخذ بعين الاعتبار تناقضات المشاريع الخارجية المتصارعة وأهدافها في المنطقة و التوقيت المناسب للخروج وتركيز الجهود لإنجاح التجربة في كل قطر من الأقطار العربية  ومن ثم إسقاط منظومة سايكس بيكو وما نتج عنها من اختلالات وتشوهات في جغرافيا الواقع العربي .
 
**  القياس الدقيق لارتدادات الثورة:
 
 في واقعنا العربي نعتبر الثورة شكلا من أشكال العبادة  لله بل هي من ضروريات الإيمان وشهداؤها يرتقون إلى مرتبة سيد الشهداء لأنها ثورة على الظلم والطواغيت  ولاسترجاع الكرامة والحرية والدين ليكون حاكما للامة , ولكل طاعة من الطاعات مناسك وترتيبات خاصة بها والترتيب في الطاعات من الفروض فلا يجوز أن تسجد في الصلاة قبل أن تركع أو ترمي الجمرات أو تنحر قبل الوقوف بعرفات .
 
والثورة كشكل من أشكال الطاعة لا بد لها من برنامج عمل يقود حراكها على مستوى القطر الواحد ومن برامج عمل على مستوى الامة بحيث  تسير حركة الثورة بالتراتبية التي تخدم مصلحة الامة العربية والإسلامية معتمدة بذلك على عناصر المفاجئة  ووضوح الفكرة وتوفر القيادة وحجم الشعب خلف الثورة وإمكاناته على الصمود وتقديم التضحيات لانجاز أهدافها   ضمن منظومة المعايير التي تحكم على  نجاحها .
 
ومع توسع دائرة الثورة العربية بعد تونس ومصر لتدخل اليمن وليبيا وسوريا وتتهيأ لدخول أقطار عربية وإسلامية أخرى علينا أن نعرف تأثير  الحراك هنا أو هناك على المشاريع المتصارعة من جهة وعلى التنظيمات والمنظمات التي ارتبطت بهذه الجهة أو تلك وكذلك أهمية الحراك في هذا البد أو ذاك من ناحية تسريع التحرك أو تأخيره ومدى انعكاس ذلك على المشروع الكلي للامة .
 
وتكمن أهمية متابعة حركة الثورة واحتمالات انتقالها من بلد لآخر واي البلاد ستشتعل فيه الثورة في المرحلة القادمة في تحديد الوقت المناسب لحراك الثورة بحيث تحقق أفضل النتائج للامة العربية ومن بعدها الإسلامية لان عملية تسريع الثورة في بلد ما قبل ضعف بلد آخر أو اشتعال الثورة فيه قد يجعل الثورة في خدمة المشاريع الخارجية كما أن تأخيرها في بلد ما قد يضعف نتائج الثورة أو يفشل مشروعها .
 
وكما اشرنا في الورقة -3-  كمثال في الثورة العربية تتجه نحو القدس أن اشتعال الثورة في سوريا وعودة سوريا إلى الحاضنة العربية السنية سيضرب المشروع الشرقي الفارسي في العمود الفقري وسيجعل إيران مباشرة في مواجهة مع قدرها
إن انعكاسات الثورة بدأت مباشرة مع توسعها على الأراضي السورية على مجمل أدوات المشروع الشرقي واذرعه في المنطقة:
 
-    ففي البداية تحولت حماس والجهاد الإسلامي والتنظيمات الفلسطينية إلى الواجهة المصرية وتفاجأ الجميع بالتوقيع على المصالحة الفلسطينية  التي كانت لأيام قليلة مرفوضة وأكثر من ذلك كانت حالة من حالات التعامل مع عملاء دايتون .
 
-    ثم شاهدنا ارتباكا في مواقف حزب الله من الثورة السورية واتهامها بأبشع الصور مع أنها امتداد للثورة العربية في مصر واليمن وتونس وغيرها واتهم الحزب بالمشاركة بقمع المتظاهرين .
 
-    ثم ارتبكت المنظمة السياسية في إيران وأصبحت  الإذاعات تتناقل عن صراع بين خامئني ونجاد وبين الباسيج ونجاد وظهر أنجاد في اضعف حالاته .
 
-         وبدأ الحراك في منطقة الأهواز العربية على الجانب الإيراني .
 
-         وخمد الحراك في البحرين مما جعل البحرين تلغي حضر التجول والطوارئ في البلاد.
 
-         وانطلقت المظاهرات في معظم العراق لإسقاط المالكي وزمرته  وإسقاط التقسيمات التي نشأت بفعل الاحتلال .
 
إن هذا المثال الذي نضربه لقياس ارتدادات الثورة إنما هو لتفعيل العقل المتابع والناقد والمحلل من اجل الحسابات الدقيقة للآثار المترتبة على اتخاذ قرار الحراك في أي قطر من أقطار الوطن عربي أو الإسلامي بعد سوريا وهل سيكون ذلك في مصلحة الأمة ومشروع ثورتها أم لا .
 
كما اننا ندرك إن إضعاف المشروع الشرقي الفارسي سيؤمن ظهر الأمة في حال انطلاقها لمواجهة المشروع الغربي الصهيوني وسيجعل منها ومن اذرعها السابقة وقدراتهم في خدمة الأمة إذا ما استجابت لمخططات الأمة كمشروع نهضة وليس العمل من خلال النظرة الحزبية أو الطائفية الضيقة .
 
إذن تظهر حركة الثورة توجها إلى إيران بعد سوريا وفيها ما يؤهل لنجاح الثورة في الواقع الداخلي إذا ما تفاعلت الجماهير المقموعة والمقهورة من آهل السنة مع الجماهير الفقيرة والمسلوبة من الشيعة مع الحركة الإصلاحية في القيادة الإيرانية .
 
كما أن مؤهلات نجاح الثورة في أي بلد عربي أو إسلامي قائمة لان مبرراتها موجودة في كل مكان ولكن الأهم لمن يفكرون ويقودون إطار الثورة على مستوى الأمة أن يدركوا أهمية إضعاف احد المشاريع للتفرغ من اجل إزالة المشروع الآخر.
 
 وبعد إيران وليس قبلها يظهر المؤشر أن دول الخليج ستكون المرشحة لانتفاضة الشعب ضد الأسرة الحاكمة وتتكامل مع حالة نجاح الثورة في اليمن ومنها تتوسع الدائرة إلى الدول الإسلامية في باكستان وأفغانستان.
 
وقد ينال تركيا نصيبا منها إذا ما اتجهت تركيا لتخدم المشروع الغربي على حساب المنطقة وستتجمع مشاريع الثورة العربية والإسلامية لتمر عبر الأردن في طريقها لاستهداف القاعدة الإجرامية الغربية المتقدمة في المنطقة الكيان الإسرائيلي .
 
ثم على الواجهة الغربية من الوطن العربي لا زالت حالة التآمر على مصر قائمة من خلال إدخال مصر في دوامة الأحزاب المرتبطة باتصالاتها وقياداتها مع الغرب والشرق والانتخابات والدستور والتقوقع على المستوى الداخلي والعزل الشعبي دون أن تمارس الثورة دورها بدعم العالم الإسلامي
 
وقد تأخر حراك الثورة باتجاه الجزائر والمغرب العربي نتيجة  المحاولة  الناجحة جزئيا في اعتراض الثورة في ليبيا من قبل الغرب بالتعاون مع القذافي والمجلس الانتقالي  إلا أن الوقت بدأ ينفد والعملاء تتكشف مما يجعل الثورة في المغرب العربي وحصادها قاب    قوسين .
 
ندرك أن إعصار وطوفان الثورة سيشمل العالم العربي والإسلامي ولكن حتى لا يكون هذا الطوفان مدمرا لا بد من توجيه وترشيد حركته لينتفع به الناس ولا بد من توقع المناطق التي سيمر بها الإعصار ولا بد للعاملين في السياسة من امة العرب والإسلام من أن يصبحوا كالراصد الجوي الذي يتنبأ بالأحداث ويتوقعها بناءا على مجموعة المعلومات الدقيقة المتوفرة لديهم , ثمة أعاصير كبرى تضرب بعض المناطق تترك أثارا مدمرة لكن خسائرها البشرية تكون محدودة عندما يتم التنبؤ بها بشكل دقيق ويعرف مسارها وثمة أمطارا غزيرة في بعض المناطق تغرق قرى لغياب الوعي اللازم لمعرفة حجمها أو لعدم المسؤولية في تحذير الناس من اقترابها . 
 
ثمة معايير أخرى يمكن إضافتها لما سبق وهذه المعايير تتناول حالة ما بعد نجاح الثورة وتشكيلها للحكم الراشد واليات تعاملها مع الشعب والأمة ومنها العدالة في توزيع ثروات الأمة , ورقابة الأمة على مؤسسات الحكم , وحق الأمة في اختيار سلطتها , التعددية السياسية التي تخدم رؤية الأمة , الشورى في الأمور , والعدل بين الناس , وتوزيع الأدوار بين طاقات الأمة حسب الكفاءات وتفعيل هذه الطاقات وإيجاد البيئة اللازمة لتطويرها  وقد وردت هذه المفاهيم بورقة الدكتور حاكم المطيري " الثورة العربية والحكم الراشدي" بتوسع وتأصيل شرعي وقد شرحت وفصلت في كتبه القيمة نحو وعي سياسي راشد وكتابه تحرير الإنسان وكتابه الحرية أو   الطوفان .
إن هذه المعايير تعتبر أدوات للحكم على نجاح الثورة العربية العظمى من المحيط إلى الخليج وتعتبر أيضا مؤشرات على الطريق للإفادة منها في الحراك المستمر لتوحيد الأمة وقيادتها واستعادة خلافتها وحكمها الراشد واستئصال أعدائها من جذورهم و إنقاذ الأقصى وتحرير القدس وكامل التراب الفلسطيني والعراقي والعربي والإسلامي واستعادة مجد الأمة المستلب .
 
مؤتمر الأمة
3/6/2011
 
 
 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,568,303

عدد الزوار: 6,955,497

المتواجدون الآن: 66