ل تنجح استقطابات بريكس في إزاحة النفوذ الدولي الأمريكي؟..

تاريخ الإضافة الخميس 11 نيسان 2024 - 5:41 ص    التعليقات 0

        

هل تنجح استقطابات بريكس في إزاحة النفوذ الدولي الأمريكي؟..

مركز كارنيغي..محسن حسن..

محسن حسن، باحث أكاديمي وكاتب صحفي مصري، تركز أعماله على السياسات العامة الإقليمية والدولية، وقضايا النزاع والتنمية وجماعات الإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية، وهو باحث مشارك في مراكز بحثية عربية ودولية. لمتابعته على أكس @twittmohsen2011.

يمتلك الأعضاء الحاليين والمحتملين لبريكس قدرات كامنة على منافسة الدول السبع الصناعية الكبرى، وهذا سيؤثر سلبا على النفوذ الدولي الأمريكي والأوروبي.

اسس انضمام كل من السعودية ومصر والإمارات وإيران وإثيوبيا بوصفهم أعضاء جددا في تجمع (بريكس BRICS) الاقتصادي، إلى جانب الأعضاء المؤسسين، وهم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، لنمط جديد من أنماط الاستقطاب الإقليمي والدولي المشتعل بين القوى الكبرى، والذي تزداد التوقعات المتأرجحة بشأن تأثيراته السلبية المحتملة، على مستقبل النفوذ الدولي الأمريكي، خاصة، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وهذا الاستقطاب الجديد، قوامه توسيع النطاق الجيوسياسي الراهن لهذا التحالف النامي. تجسدت الفكرة واقعاً بظهور تنظيم(بريك BRIC) الرباعي عام 2006، وانعقاد أولى قممه عام 2009 في مدينة(يكاترينبورغ) الروسية، قبل انضمام جنوب أفريقيا له عام 2010، وليستحوذ التنظيم وفق تقييمات صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية ــــ بالنظر إلى توسعاته الأحدث عام 2024 ـــــ على أكثر من 28.7في المئة من الناتج المحلي العالمي، وعلى أكثر من 19.9 في المئة من التجارة الدولية، و تزيد موارده المالية على 25 تريليون دولار، بينما يغطي رقعة سكانية نسيجها ثلاثة مليارات ونصف المليار نسمة، تشكّل بدورها ما يفوق 44.5 في المئة من سكان العالم، أي ما يزيد جغرافياً على 24.5 في المئة من اليابسة. ووفق نظرة مرجِحة لإمكانية التأثير السلبي لــ(بريكس) على النفوذ الأمريكي والأوروبي في المنطقة والعالم، فإن الأعضاء الحاليين والمحتملين(الكثر) لهذا التنظيم، يمتلكون ــــــ على المدى البعيد ــــ قدرات كامنة على منافسة الدول السبع الصناعية الكبرى(G7)، وزحزحة(الدولرة) المهيمنة على جنبات الأسواق الدولية المستقرة والناشئة، وإقران هذه الإزاحة الاقتصادية بإزاحات أخرى موازية؛ سياسية وأمنية واستراتيجية، عبر عدة سيناريوهات تنتهجها سياسات روسيا والصين، على رأس القوى الكبرى المؤسسة للتنظيم منذ ظهوره وحتى الآن، لعل أبرزها، إحلال العملات المحلية للدول الأعضاء كبديل عن الدولار في مجمل المبادلات الاقتصادية والتجارية، بالتزامن مع التجهيز لإصدار عملة موحدة، واعتماد مؤسسات مالية بديلة عن صندوق النقد والبنك الدوليين، وتوظيف القوى النفطية الممثلة في روسيا والسعودية والإمارات وإيران، في فرض واقع سياسي واستراتيجي داعم لتوافقات تلك القوى، سواء في تحديد ملامح وإمدادات الأسواق الطاقية، أو في تحجيم وتطويق الآثار الناجمة عن أية عقوبات أمريكية أو غربية، أو حتى في تكييف محددات القضايا الإقليمية والدولية عبر التأثير الفاعل في القرارات الصادرة عن المؤسسات الأممية والمحافل الدولية، وبشكل يفضي إلى تهميش الأهداف الأمريكية والأوروبية كلياً أو جزئياً، وإفراغها من فاعليتها. وعلى النقيض مما سبق، يضعنا التأمل الدقيق، أمام تحديات هيكلية جمة، قد يستحيل معها على تكتل بريكس المتطور، على مدار سنوات وعقود قادمة، تحقيق هدفه الأسمى وهو إقصاء النفوذ الدولي للولايات المتحدة الأمريكية على مستوى الاقتصاد أو الأمن أو الاستراتيجية؛ و يأتي على رأس هذه التحديات، تضارب المصالح وتناقض الأيديولوجيات بين أعضائه، خاصة الجدد؛ فمصر وإثيوبيا مثلاً على طرفي نقيض، وكذلك إيران مع السعودية والإمارات في ظل نزاعات إقليمية وحدودية، و توجسات تخصيب الأولى لليورانيوم بنسبة 60 في المئة، وبين الهند والصين صراعات الماء والغذاء، وتناقضات الأنظمة السياسية، وتوترات الحدود المشتركة البالغة 3400كم. وفي الخلفية لكل ذلك، يظل الدولار الأمريكي مهيمناً على التعاملات التجارية العالمية، ومستخدماً على نطاق واسع في تيسير مبادلات العملات النقدية داخل الأسواق الناشئة. و حتى بين أعضاء البريكس أنفسهم، تظل أهمية الدولار حاضرة في تسوية وتسعير السلع الرئيسة وما يرتبط بها من صفقات تجارية، في الوقت الذي تعاني فيه العملات المحلية لهؤلاء الأعضاء، من قصور البنية التحتية المالية، ومن زيادة الكلفة في المعاملات التجارية عبر الحدود، الأمر الذي يُضعف من جدارتها السوقية، مقابل تعزيز الجدارة الموازية للدولار، وزيادة قوته النقدية المحركة للاقتصاد الأمريكي، والجاذبة للاستثمارات ورؤوس الأموال. خلاصة القول هنا، إن توسعات بريكس وتداعياتها الراهنة، في المديين القريب والمتوسط، لا تزال بعيدة جداً عن حيز التأثير السلبي على نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية، وخاصة النفوذ الاقتصادي، غير أن الوتيرة المتسارعة لمقتضيات الوضع المتأزم إقليمياً ودولياً، في ظل مخرجات حربى أوكرانيا وغزة، المصحوبة بإشكاليات الحضور الأمريكي المهزوز والمضطرب، مقابل الحضور الصيني والروسي المتزايد، قد تُعجل بظهور مفاجئ لذلك التأثير السلبي بفعل انكشاف الهيمنة الصريحة لمنطق المصلحة الأمريكي على مجريات الواقع الدولي والإنساني، وبشكل أصبح معه توظيف الأنظمة المالية كأدوات للمنافسة الجيوسياسية، أمراً واضح المعالم في السياسة الخارجية لواشنطن، بدليل الانتقائية العقابية الأخيرة ضد روسيا، والتي تم بمقتضاها تحييد البنوك الروسية عن اتصالات (سويفت)المالية، إلى جانب تجميد نصف احتياطياتها من الذهب والنقد الأجنبي. وهذا الانكشاف المشار إليه، عزز من مخاطره لدى القوى الصاعدة والنامية، المشكلات الاقتصادية لأزمات الدولار، والسياسات الضارة لصندوق النقد الدولي، والتي بدت في الكثير من تطبيقاتها وبرامجها، خانقة للاقتصادات المدينة، ومعززة لتسلط المؤسسات الدائنة الأمريكية، وهو ما يفرز حاجة ماسة لإنجاح التكتلات الهجينة مثل تكتل بريكس.

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,013,169

عدد الزوار: 6,975,150

المتواجدون الآن: 78