اليمن: حالة الطوارئ تثير جدلا سياسيا وبرلمانيا.. ومخاوف

اليمن: الرئيس يوافق على «خريطة طريق» المعارضة.. والجوف تسقط في يد المحتجين

تاريخ الإضافة الجمعة 25 آذار 2011 - 5:47 ص    عدد الزيارات 2666    القسم عربية

        


اليمن: الرئيس يوافق على «خريطة طريق» المعارضة.. والجوف تسقط في يد المحتجين

قيادي في «المشترك» لـ«الشرق الأوسط»: موافقة صالح «مراوغة جديدة» * البرلمان يقر فرض حالة الطوارئ.. ومجلس التعاون الخليجي: اليمن «شأن داخلي بحت»

صنعاء: عرفات مدابش
رمى الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، أمس، بورقة جديدة في مرمى المعارضة اليمنية و«شباب الثورة» من أجل تأمين خروج «مشرف وآمن» له من السلطة، بعد أن ضاقت دائرة مؤيديه واتسعت رقعة معارضيه والمطالبين برحيله من السلطة بعد 33 عاما من التفرد بها، كما يقول المراقبون. وأعلن مصدر في الرئاسة اليمنية أن الرئيس علي عبد الله صالح وافق على مقترح أحزاب تكتل «اللقاء المشترك» المعارضة والمسمى «خريطة طريق» والمكون من 5 نقاط، وهو المقترح الذي نقلته، إلى الرئيس، لجنة الوساطة المكونة من علماء الدين ومشايخ وقبائل، قبل أن يعلنوا فشل وساطتهم إثر رفض الرئيس لما تقدمت به المعارضة.

وقال المصدر الرئاسي إن صالح حرص خلال «مراحل الأزمة السياسية الراهنة التي افتعلتها أحزاب اللقاء المشترك، على تلك الجهود الممكنة وتقديم المبادرات التي من شأنها حقن دماء اليمنيين وحماية مكتسباتهم». وأضاف أن الرئيس صالح و«بناء على طلب أحد الوسطاء الذي اقترح فيه عليه القبول بما جاء في النقاط الخمس المقدمة من اللقاء المشترك، وعلى أساس أن القبول بتلك النقاط سوف ينهي تلك الأزمة ويطوي صفحاتها ويجنب الوطن الصراع الذي يهدد أمنه واستقراره ووحدته، فقد وافق فخامته على ذلك المقترح وأرسلت الموافقة عبر ذلك الوسيط إلى أحزاب اللقاء المشترك».

وتضمنت الموافقة المشار إليها، سلفا، أربع نقاط، تختلف عن النقاط الخمس، بحسب ما تقول المعارضة، وتضمنت موافقة الرئيس صالح على هذه النقاط: «تشكيل حكومة وفاق وطني تكون مهمتها تشكيل لجنة وطنية لصياغة دستور جديد للبلاد، صياغة قانون الانتخابات والاستفتاء على أساس القائمة النسبية، تشكيل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء، ويتم بعد ذلك الاستفتاء على الدستور الجديد وإجراء الانتخابات البرلمانية. ويقوم مجلس النواب الجديد المنتخب بتشكيل الحكومة وانتخاب رئيس الجمهورية بعد ذلك مباشرة نهاية عام 2011»، أما النقاط الخمس التي هي عبارة عن أفكار للمعارضة قدمت للرئيس عبر العلماء من المشايخ، فكانت تنص على التالي: «استمرار المظاهرات والاعتصامات وحق الشعب في التعبير عن رأيه بكل الطرق والوسائل السلمية، والتحقيق في جرائم القتل التي ارتكبت في مختلف محافظات اليمن خلال الفترة الماضية تحقيقا شفافا نزيها وعادلا وتقديم القتلة ومن يقفون وراءهم إلى محاكمات عاجلة، وإنزال القصاص العادل بهم، وتعويض أسر القتلى والجرحى، والانتقال السلس للسلطة، استنادا إلى التزامات الرئيس المعلنة بعدم التوريث والتمديد وعدم الترشح في انتخابات 2013، وأن يحدد الرئيس مجموعة الخطوات التي سيجري عبرها نقل السلطة، وعدم توريثها، خلال فترة زمنية لا تتعدى نهاية هذا العام، وأن يعلن الرئيس هذه الخطوات للشعب وكل القوى السياسية بتحديد موقف منها بالقبول أو الرفض».

من جانبها، اعتبرت المعارضة اليمنية في تكتل «أحزاب اللقاء المشترك» أن ما أعلنه صالح، أمس، من موافقة على نقاطها أو أفكارها، مراوغة جديدة، لا أقل ولا أكثر. وقال علي الصراري، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني، القيادي في تكتل «اللقاء المشترك» إن ما أعلن من الرئاسة اليمنية «أورد النقاط بمضمون مخالف لما حملته النقاط الخمس التي حملها العلماء»، ووصف ذلك بـ«الاجتزاء والابتسار»، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «يدل على عدم جدية السلطة ومصداقيتها وعلى أنها تتلاعب ولم تعترف، حتى الآن، أنها تتعامل مع قوى سياسية ذات وجود ومصداقية». وأردف أن «السلطة تحاول أن تشوه المواقف والأفكار التي تطرح عليها»، وشدد القيادي المعارض على أن ما قدمته المعارضة، حينها، لم يكن «مبادرة»، ولكنه «أفكار». وأضاف الصراري أنه وبعد «رفض السلطة لتلك النقاط، أعلن (المشترك) عدم تبنيه لها، ومنذ ذلك الوقت تغير الموقف ولم تعد النقاط الخمس صالحة للتفاهم أو التفكير بها».

من جانبه، قال المحلل السياسي اليمني، علي سيف حسن، رئيس منتدى التنمية السياسية، إن «ما كان متاحا ومقبولا بالأمس، لم يعد متاحا أو مقبولا اليوم»، وإن الأحداث تتسارع و«لم يعد مطلوبا من الأخ رئيس الجمهورية مبادرات أو تصورات، وإنما المطلوب منه قرارات تخص ترتيب وضعه في النظام»، ورهن حسن مستقبل الرئيس صالح بيد «قبيلته، حاشد، وبيد قادة الجيش»، على حد قوله في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط».

في هذه الأثناء، دعا «شباب الثورة» في ساحات التغيير والحرية والاعتصامات في عموم المحافظات اليمنية، جماهير الشعب إلى المشاركة والخروج بـ«الملايين» إلى الساحات والميادين، يوم الجمعة المقبل، الذي يتردد أنه «جمعة زحف». وهناك تصريحات لقادة في المعارضة قالوا فيها إنه سيتم الزحف على قصر الرئاسة (دار الرئاسة) في جنوب صنعاء، لإرغام الرئيس صالح على التنحي. هذا ويواصل مئات الآلاف من المواطنين اليمنيين الاعتصام في الساحات للمطالبة برحيل الرئيس علي عبد الله صالح ونظامه.

وفي الوقت الذي شهدت فيه مدينة عدن أعمال فوضى وتخريب وإحراق لفنادق وملاه ليلية من قبل مجهولين، رغم الانتشار الأمني وانتشار الجيش بدباباته، فقد أهابت «هيئة علماء المسلمين» في اليمن والتي يتزعمها الشيخ عبد المجيد عزيز الزنداني، رئيس جامعة الإيمان، بـ«جميع أبناء الشعب اليمني الحفاظ على المؤسسات العامة والخاصة»، وأفتت بـ«تحريم الاعتداء عليها نهبا أو إتلافا». وتشير هذه الدعوة والفتوى، إلى مخاوف عميقة في مختلف الأوساط اليمنية من حدوث انفلات أمني وصدامات مسلحة في أكثر من منطقة في البلاد.

على صعيد آخر، سقطت محافظة الجوف، شرق اليمن، في يد المحتجين الذين يحاصرونها منذ عدة أيام، وقالت مصادر مطلعة في الجوف إن المحتجين الذين أجبروا محافظ المحافظة وقادتها العسكريين والمدنيين على مغادرة مبنى المجمع الحكومي بمدينة الحزم، عاصمة المحافظة، شكلوا «لجنة شعبية» لإدارة شؤون المحافظة، بعد الفراغ الذي تعيش فيه، هذا في وقت لا يعرف مصير محافظ المحافظة، يحيى غوبر، الذي جاءت الانتفاضة الشعبية في أول يوم من تسلمه لمهامه بعد تعيينه بقرار رئاسي، وهو الذي منع من دخول المحافظة من قبل قبائلها، وكانت معلومات صحافية أشارت إلى أنه يحتمي بأحد الألوية العسكرية، قبل انقطاع أخباره. كما عبر وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس عن موقف غامض تجاه المطالب المتزايدة بتنحي الرئيس اليمني. وقال في القاهرة للصحافيين إن «نتيجة الاضطرابات في اليمن ما زالت غير واضحة».

إلى ذلك، أكدت دول مجلس التعاون الخليجي أن ما يجري في اليمن الذي يشهد مظاهرات منذ أكثر من شهر قتل خلالها عشرات «شأن داخلي بحت». وقال أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن بن حمد العطية، في بيان له أمس: «إننا نتابع باهتمام بالغ تطورات الأحداث الجارية على الساحة اليمنية»، مؤكدا احترامه لإرادة وخيارات أهل اليمن.

وأضاف أن «ما يجري في اليمن شأن داخلي بحت»، مشددا على ضرورة المحافظة على المدنيين وعدم تعريضهم لأية مخاطر تهدد أرواحهم. ودعا إلى «عدم إهدار المكتسبات الاقتصادية والحضارية، مما يعيد لليمن أمنه واستقراره وتنميته».

اليمن: حالة الطوارئ تثير جدلا سياسيا وبرلمانيا.. ومخاوف

أقرها البرلمان بأغلبية الحضور وحسب قانون 1963

 
صنعاء: عرفات مدابش
أقر مجلس النواب اليمني (البرلمان)، أمس، حالة الطوارئ التي أعلنها الجمعة يوم الماضي الرئيس علي عبد الله صالح، إثر مقتل أكثر من 50 شابا من المعتصمين برصاص قناصة، أثناء محاولة فض الاعتصام في ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء الجديدة.

وصوت البرلمان بأغلبية الحضور بالمصادقة على القرار الجمهوري بإعلان حالة الطوارئ، رغم وجود أصوات معارضة داخل نواب حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم إزاء الخطوات الإجرائية المطلوبة من أجل التصويت على مثل هكذا مشروع، ومن هذه الأصوات النائب أحمد محمد صوفان، نائب رئيس الوزراء الأسبق، الذي تحدث في البرلمان مطولا بشأن سلبية مجلس النواب إزاء التطورات الجارية في البلاد وعدم قيامه بواجبه نحو مقتل العشرات من شباب اليمن والتوجيه بمحاسبة المتسببين، وتطرق إلى طلب الحكومة من البرلمان المصادقة على قرار إعلان حالة الطوارئ، ووصف ذلك بالقول إن «الحكومة تطلب منا التوقيع على بياض».

وتطرق صوفان، وهو من القيادات الحزبية في المؤتمر التي تحظى باحترام كبير، إلى أن مطلب الحكومة ليس مكتملا، لأنه لم يتضمن مبررات إعلان حالة الطوارئ، إضافة إلى عدم وجود قانون للطوارئ حسبما تنص المادة 121 من الدستور اليمني، غير أن سلطان البركاني، رئيس الكتلة النيابية للحزب الحاكم في البرلمان، رد عليه وقال إنه ولأول مرة منذ 23 عاما وهما زميلان في البرلمان، يجد صوفان «غير حصين»، وذلك في ما يتعلق بحديثه عن عدم وجود قانون للطوارئ. وقال البركاني إن هناك قانونا للطوارئ صدر عام 1963 ولا يزال نافذا، وأن إعلان حالة الطوارئ الذي تم في حرب صيف 1994، استند إلى ذلك القانون.

وأثار قرار البرلمان، أمس، ردود فعل رافضة ومنددة، وقالت كتلة أحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة وكتلة الأحرار التي تتكون من النواب الذين استقالوا من الحزب الحاكم، إضافة إلى كتلة النواب المستقلين، إن ما جرى مخالفة دستورية، ووصفه البعض بأنه «فضيحة أخلاقية كبيرة»، وذلك لاستناد البرلمان إلى قانون صدر عام 1993. ويؤكد النواب المعارضون للنظام أن المشروع المقر «فاقد للشرعية»، بسبب إقراره «من دون نصاب» قانوني، حيث يتطلب الإقرار أن يحصل المشروع على أغلبية أصوات أعضاء مجلس النواب الذي يتكون من 300 نائب ونائبه واحدة، وليس أغلبية الحضور، وضمن ما طرحه البرلمانيون بشأن قانون 1963، أنه «شطري» وأصبح باطلا بقيام الوحدة اليمنية عام 1990، وحملوا نواب الحزب الحاكم مسؤولية تبعات ما جرى.

وتشير المعلومات إلى أن 125 نائبا فقط هم من حضروا جلسة البرلمان، أمس، وأن بعضهم لم يصوت لصالح قرار الرئيس بإعلان حالة الطوارئ. ويظهر التصويت التقلص الكبير في الأغلبية المؤيدة للرئيس اليمني الذي كان يحظى بدعم 240 نائبا من أصل 301 قبل بدء الحركة الاحتجاجية المطالبة برحيله في نهاية يناير (كانون الثاني).

وأكدت مصادر برلمانية أن أكثر من 50 نائبا انشقوا عن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، وقد قاطعوا الجلسة مع باقي النواب المعارضين والمستقلين. وبرر نائب لم يصوت لصالح القرار موقفه بغياب وجود قانون للطوارئ وبارتكاز التصويت على قانون كان يسري في شمال اليمن قبل الوحدة مع الجنوب، فيما طالب النائب الآخر بمحاسبة المسؤولين عن «المجازر» في حق المعتصمين قبل التصويت على الطوارئ.

وكان برلمانيون و«شباب الثورة» وشخصيات اجتماعية وقبلية بارزة كالشيخ صادق بن عبد الله الأحمر، شيخ مشايخ حاشد واليمن، قد استبقوا الجلسة البرلمانية بتوجيه نداء ومناشدة إلى نواب الحزب الحاكم كي لا يشاركوا في الجلسة وفي التصويت. وأعرب النواب الذين انضموا إلى الثورة عن مواقفهم، أمس، من خلال بيان تلاه النائب عبده بشر، رئيس كتلة الأحرار، في منصة ساحة التغيير بوسط العاصمة صنعاء، وبحضور ومشاركة عشرات النواب من مختلف الكتل النيابية.

وكانت حالة الطوارئ أعلنت صيف عام 1994، عندما اشتدت الأزمة السياسية بين شريكي الوحدة اليمنية حينها، وقد أعقب ذلك إعلان حرب ضروس بين الشمال والجنوب انتهت بانتصار الطرف الشمالي.

وبمصادقة البرلمان اليمني، أمس، على قرار إعلان حالة الطوارئ، بغض النظر عن الملابسات القانونية والدستورية، فإن هناك مخاوف شديدة في الشارع اليمني من قيام السلطات اليمنية باتخاذ إجراءات وممارسات أمنية، كفرض حظر تجوال والتضييق على حقوق المواطنين وحرياتهم في التظاهر والاعتصام، ويذهب البعض إلى التخوف من ممارسة قمع عنيف، كما حدث يوم الجمعة الماضي، يؤدي إلى سقوط المزيد من الضحايا.


المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,093,699

عدد الزوار: 6,978,188

المتواجدون الآن: 75