«الإسلاموفوبيا» اجتماعياً: هم يتمدّدون ونحن نتقوقع

تاريخ الإضافة الثلاثاء 4 تشرين الأول 2011 - 6:49 ص    عدد الزيارات 743    التعليقات 0

        

«الإسلاموفوبيا» اجتماعياً: هم يتمدّدون ونحن نتقوقع

 
 

لا يتجاوز عدد المصلين في كنيسة مار سويرويس للسريان الأرثوذكس في المصيطبة 75 مصلياً (أرشيف ــ مروان طحطح)

لطالما انتابت المسيحيين في لبنان هواجس أعدادهم الضئيلة والهوية المتبدّلة لمناطقهم. إلا أن قلقهم يوشك، في ظلّ تراجع دورهم السياسي، وتكاثر الشيعة وتسلّحهم، وصعود الإسلام السياسي المتطرّف في المنطقة، أن يجنح نحو خوف مرضي. عبارة «بدا تضلّ جراسنا تدق»، المدوّنة على جدران مهترئة في أكثر من مكان، تبدو على المحك

نسرين حمود

راح يسير الهوينى بعدما غادر عين الرمانة، ويسأل قبل بلوغ أي مفترق بثوان عمّا إذا كان يسلك المسار الصحيح، متابعاً طريقه بحذر، إلى أن فاجأته الجلبة في منطقة الملعب البلدي في الطريق الجديدة. عندها «قذف» الراكبة الوحيدة في سيارته، والتي أغرته بالأجرة المضاعفة ليوصلها، بعبارة: «رجالكم مزواجون ونساؤكم ولّادات»، مردفاً: «نحن المسيحيين ما منعملا!».
يبدو الحصول على أرقام تؤكد كلام سائق سيارة الأجرة أو تنفيه صعباً لغاية في نفس «السلطات»، ولكن أعداد المسيحيين المقيمين في لبنان تقدّر اليوم بـ1,199,511 مسيحياً من مجموع يبلغ 3,453,480 نسمة حسب مكتب بيروت للإحصاء والتوثيق. غياب الإحصاءات الرسمية لا يغيّب الإحساس لدى المسيحيين بتناقص أعدادهم، وهو إحساس يقوّي في نفوسهم الحنين إلى زمن المارونية السياسية ومحاولة استعادة شيء من الحقوق «المهضومة» بعد اتفاق الطائف عبر مصالحات وتحالفات، لعلّ أبرزها وثيقة التفاهم التي وقّعها «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» في عام 2006. يتحدّث المسيحي عن خشية على هويته، ولو أنّه يكرّر في غير مناسبة أنّه علّة وجود هذا «الكيان».

«ونبقى»...

«ونبقى». يعلنها الصليب المشطوب المنقوش بطلاء أحمر على جدار في شارع البكاسيني في عين الرمّانة. إعلان لا يخفي القلق من مشاريع الإعمار المتنامية المحيطة التي ترفع عند مقدّمتها لافتات تشير إلى منبت مالكيها الجنوبي أو البقاعي. يراوح سعر المتر المربع للشقة في هذه المباني الفخمة بين 1600 و1900 دولار أميركي، ويجمع بين غالبية سكّانها وفودهم الجماعي من ضاحية بيروت «الشيعية». يستنتج المرء بعد زياراته المتكرّرة للمنطقة أن العلاقة بين «سكّانها الأصليين» وجيرانهم في المحيط الجنوبي لم ترمّم بصورة كليّة. «التعايش» هنا يكاد يختصر بقصد الأُوَل الغبيري لإصلاح سيّاراتهم والجاموس لشراء الأدوات المنزلية بأسعار متهاودة، من دون إغفال السلع اليومية من خضر وفاكهة! فيما تنحصر «زيارات» جماعة «الحيّ الثاني»، إلى هذه البقعة التي تعيش هاجس الهوية الأقلوية، في محال بيع المشروبات الروحية ونوادي التسلية. هنا، يعلّق فريز منصور (76 سنة، مالك محطة وقود) على تغيّر ديموغرافية الجزء الجنوبي من عين الرمّانة، حيث تقع ملكيته، بـ«أن الطائفة الشيعية تحبّ التوسّع بصورة عامّة، وتهوى العيش في المناطق المسيحية بصورة خاصّة لإعجاب ربما بطريقة عيش هذه الجماعة»، ويعترف: «بعض السكّان يهاب التبدلات الحالية التي تشهدها المناطق المعروفة بأنها كانت مسيحية الطابع، ويخاف بأن يروح في الدعس نتيجة لها».
هذه الملاحظة لا تجد صدى لها في دكّان جورج ضو (50 سنة، مالك محلّ لبيع المشروبات الروحية) الكائن في «شارع الشهداء»، والذي يشهد ذروة اكتظاظه عند السابعة مساءً. حين تسأله عن مواقفه من التمدّد الشيعي الحاصل، والحديث المكرور المتمحور عن هواجس المسيحيين، يجيب صراحةً: «أنا سليل المؤسسة العسكرية، ولا تخيفني الضاحية التي يؤم أبناؤها يومياً محلّي لتناول الكحول»، إلا أنّه يوضح: «الحركات الأصوليّة (يشير إلى الجهة الشمالية) تبثّ فيّ هذا الشعور، وكذلك فعلت تصريحات (النائب) خالد الضاهر الأخيرة المناوئة للجيش». في الموازاة، تكشف تجربة نزيه سركيس (49 سنة، جابي كهرباء) عن نفحة «استعلاء» يلمسها خلال قيامه بواجبه في عين الرمانة لدى كلام السكّان عن الوافدين الجدد والذين يعدّونهم في عداد «الطارئين». يشير الى «أن أسماء بعض مالكي الأبنية التي تظهر على فواتير الكهرباء تعود إلى عائلات مسلمة (شيعية)». يسوق مبتسماً بعض «اللطشات» التي يسمعها أثناء تحصيله للفواتير، من باب «خدو من تحت (الضاحية) مصاري، بتستقوو علينا، ما فيكن تقربو صوبن!». ويضع «همس» أنصار «التيار الوطني الحر» بالدور التطميني لوثيقة التفاهم مع «حزب الله»، في إطار «شعور المسيحيين السابق بالخوف وبحثهم عن حاضنة في ظلّ حضورهم المنحسر في محيط أكثري مسلّح وتكرّر إحباطاتهم».
مختار الشيّاح (منطقة بئر العبد) زهير غاريوس يقدّر هذه «الوثيقة»، ويرفع من شأنها في مجال إلغاء المشكلات التي كانت تدور على «خط التماس» والحدّ من عدد القتلى! غاريوس هو المسيحي «الصامد» في بئر العبد ذات الكثافة الشيعية بعد تهجّر سكّانها. انتخبه الموارنة الذين يعدّون 9 آلاف ناخب على لوائح الشطب، التي تضمّ أيضاً 1000 ناخب من الطوائف المسيحية الأخرى (أرثوذكس وكاثوليك) والطوائف غير المسيحية. تندر الأراضي التي تعود ملكيتها إلى مسيحيين حيث يقع مكتبه، ويقابل حضوره بـ«دلال» يخصّه به السكّان، يعبّر عنه قائلاً: «أشعر بحبّ المحيط لي. عملي في هذه المحلّة أتاح لي التعرّف أكثر إلى مكوّناتها، ناسها طيّبون لا يعرفون الخبث، يتوق بعضهم إلى امتلاك منزل في عين الرمانة، فيما يحرص بعضهم الآخر على أن يتلقّى أبناؤه تعليمهم في المؤسسات التربوية المسيحية». تسأله عن موقف المسيحيين المقابل لهذين التوق والحرص الشيعيين، فيكتفي بالإشارة إلى «أن الشعور ليس متبادلاً»، وحين تحاول التحرّي عن السبب الكامن خلف الأمر، يكتفي بالتعليق: «لا جواب!».

من «تحت» أم من «فوق»؟


قرار منع بيع الكحول بعد العاشرة يدفع إلى جردة حساب عن «حقوق المسيحيين المهدورة» (أرشيف ــ هيثم الموسوي)

ثمة بلبلة تعيشها الحدث أخيراً جرّاء القرار البلدي بمنع بيع المشروبات الروحية في الدكاكين بعد العاشرة مساءً، تحت طائلة دفع غرامة تتجاوز مليون ليرة. حين تعلن هويتك الصحافية لميركو قنسطنطينيدس (مالك محل للمشروبات الروحية)، يسارع إلى التعبير عن حنقه من رئيس بلدية الحدث جورج عون! الشاب العشريني ينسب مصدر «القرار» إلى «تحت»، أي الضاحية الجنوبية، ويصفه بـ«التتمة لخطوة حزب الله في الجنوب». تدفعه هذه الخسارة إلى إجراء «جردة حساب»، يستهلّها بالكلام على حقوق المسيحيين المهدورة، فيقول: «نحن مدعوسون وكلمتنا غير نافذة!». يسأل عن السبب الذي يجعل «كل مزار ديني ينتصب على طريق صيدا القديمة يتحطّم؟»، قبل أن يعلن نيته منح صوته للقوات اللبنانية في الانتخابات المقبلة.
ينثر الصليب المثبت فوق كنيسة سيدة الحدث نوره المسائي على الشوارع النظيفة المحيطة، وعلى لافتة موقعة باسم «التيار الوطني الحر» فيها: «من أقوال مار بشارة الراعي: أرضنا هبة من الله وهي ليست للبيع». تقابلها ثانية تحمل توقيع قسم الحدث في حزب «الكتائب» تقول: «نحن لا نركع إلا على أقدام الصليب ولا نبكي إلا في الجمعة العظيمة». هنا، تنبه آديل أشقر (51 عاماً، موظفة في مستشفى) إلى الحرص على حقيبة اليد من النشّالين الناشطين في هذه المحلّة، قبل أن تتحدّث عن تعجّبها من اللافتات الداعية إلى منع المسيحيين من بيع أراضيهم.
قرار رئيس بلدية الحدث جورج عون القاضي بمنع المسيحيين من بيع أراضيهم لغير المسيحيين يفتح الباب على استفهام عن مدى تناغم هذا الأخير مع «وثيقة التفاهم»: فكيف تتحقّق «مناخات الثقة» حين تمثّل الهوية الدينية الشرط القابل أو الحائل دون بيع عقار أو شرائه؟!
عون يشدّد على أن قراره «يصبّ في مصلحة الحفاظ على ما بقي من أراضٍ مسيحيّة في الحدث». يقول: «الشيعة يتكاثرون، وبالتالي يتمدّدون، وكان المسيحي منذ 15 سنةً ـــــ وحتى مدّة قريبة ـــــ خائفاً ويبيعهم. أمّا اليوم، بعد مناشدة أبناء الطائفتين الشيعية والسنية التوقف عن شراء الأراضي، وإخطارهم بأن نسبة تملّكهم المرتفعة تقضي على صيغة التعايش، فأستطيع الجزم بأن المسيحي، منذ سنة وأشهر أربعة، بات يشتري الأراضي ولم يعد يبيعها». وإذ يحرص على التعبير عن بعده عن الطائفية(!)، يذكر «أن الشيعة متفهمون لخطّة البلدية، والعلاقة ممتازة بين الطرفين، وخصوصاً بعد التفاهم».

ذكرى «الغزوة»


يقتصر عدد المتابعين للتعليم الديني المسيحي في أحد الصفوف على تلميذة واحدة (أرشيف ــ كامل جابر)

لا تحتاج إلى كثير من الفطنة لتميّز هويات التجار بين مناصر لـ«التيار الوطني الحر» ومعجب بـ«القوات اللبنانية»، حين تثير قصّة أحذية البحر التي «ضُبط» عليها رمز الصليب في فرن الشباك، والتي أقفل محل «بيغ سايل» الذي يبيعها، وأوقف مالكه (الشيعي) نتيجة لها. يخفف «العونيون» من أثر هذه القضية، فيما يبدي القواتيون إعجابهم بردّ الفعل عليها. يستعيد بعضهم «غزوة الأشرفية» في عام 2006 حين احتجّ مسلمون (سنّة) على الرسوم الدنماركية المسيئة إلى النبي في مقرّ السفارة بالتباريس، فحوّلوا الأشرفية إلى «ساحة وغى» وخرّبوا أملاك ساكنيها ودور عباداتهم، في تبرير خطوة الإقفال.
سعيد (اسم مستعار) شاب ثلاثيني، انتقل وزوجته وولديه من الطريق الجديدة إلى شقة حديثة في فرن الشباك. هاله أن تعبّر جارته عن انزعاجها من درّاجته النارية التي يركنها تحت شرفة غرفة نومها ويجعلها تستفيق يومياً على صوت محرّكها المزعج، فما كان منه إلا أن مرّ قربها حاملاً مسدساً على خصره، ليجعلها تطبق فمها إلى الأبد في هذا الشأن! وإذ لا يبدو تصرّفه «الأرعن» حكراً على مناطق «ملوّنة» يشعر فيها بعض الساكنين بـ«الاستضعاف»، ولو أنّهم يعدّون المكوّن الرئيس فيها، إلا أنّه يحلّل دوماً وفق منطق خاصّ يجعل فكرة «الكانتون» تلاقي صدى في المجتمعات المسيحية خصوصاً، ويجعل صيدلانية توافق على بيع شقتها في هذه المحلة إلى ثنائي بعد أن تربط بين عائلة الشاب وزعيم سياسي نافذ في المتن، ثم سرعان ما تعدل عن رأيها بصورة دبلوماسية حين تعرف الحقيقة «المرّة» بأن المالكين جنوبي وبيروتية!

العذراء بحلّة جديدة

تعلن عطلة نهاية الأسبوع عن نفسها باكراً في بدارو. يلاحظ الزائر أن العذراء تعود بحلّة جديدة في «محطة البراكس»، بعدما طاول تمثالَها التحطيم في العتمة. يتحدّث طوني بجّاني (عضو في لجنة تجّار بدارو) عن تكرار فعل الإيذاء المتعمّد للتماثيل والنصب الدينية في الآونة الأخيرة في غير مكان، وإن يجري التستر عنه. يقول: «يقترف هذا الفعل الشنيع امرؤ لا ينتمي إلى الديانة المسيحية، يغتاظ لوجود تماثيل تصوّر القديسين، أو طرف يهمّه زرع بذور خلاف سريع واعتباطي بين المسيحيين والشيعة في المناطق المختلطة». لا يجد في الأمر سبباً يدفعه إلى الخوف، مؤجلاً هذا الأخير إلى حين يتطوّر الأمر نحو تفجير الكنائس على غرار أنموذج العراق، ولو أنّه يستبعده.

«جيرة هيفا منّا عاطلة أبداً!»

بابتسامة يفيد موسى الخوري (38 سنة، مدير حسابات) بأن هيفاء وهبي أمست جارته بعدما اشترت شقّةً في ساحة ساسين في الأشرفية، مردفاً «جيرتها منّا عاطلة أبداً!»، ولكنه يشير في المقابل إلى تبدلات عدّة يشهدها محيط مدرسة الحكمة، حيث تتغيّر الوجوه وتنتصب بنايات شاهقة يشتري «الشيعة خصوصاً» شققاً سكنيّة فيها. يشرح هذه الخطوة (رغم أنها لا تروقه)، بالتالي: «الشيعي متعلّق بهذه الأرض وحضوره في غالبية المناطق يعود إلى أنّه حين يهاجر وتنقش معه، يبقى دوماً على رابط مع أرض آبائه التي يعود إليها بعد مدّة. أمّا المسيحي، فبعد أن تتبدّل أحواله نحو الأفضل في بلاد الاغتراب، يطوي صفحة لبنان إلى الأبد!».
تمثّل نهارات الأحد فرصةً نادرةً تتخلّى في أثنائها بيروت عن «جنونها»، وتتيح لـ«ابنها» بالسرور في نزهته بين شوارعها الداخلية القديمة (بربور والمزرعة والمصيطبة) التي تشهد على إمعان كتل الإسمنت في محو هويتها. تشي ذاكرة المكان بجماعة هرمت، لا يتجاوز عدد المصلين ضمنها خمسة وسبعين في كنيسة مار سويرويس للسريان الأرثوذكس في المصيطبة وأكثر منهم بقليل في كنيسة مار الياس بطينا الأرثوذكسية في الأونيسكو، يستدعون «أبانا» ليحفظهم من كلّ مكروه وليعيد إليهم أبناءهم من المهجر. يتعايشون بوئام مع جيرانهم السنّة، وتغيب أية صبغة حزبية تميّزهم، ولو أنهم يدلون بأصواتهم في الانتخابات لفريق 14 آذار. ذريتهم الموزّعة بين الشطر الشرقي للمدينة وبلاد الله الواسعة لم تحذ حذوهم لأسباب عدة، لعل أبرزها تطلّب التملّك في «المدينة العريقة للمستقبل» حساباً مصرفياً تتجاوز الأصفار فيه قدرة امرئ «عادي» على توفيره، ورغبتهم في أن يكونوا داخل سرب يرتدي الجلد عينه ولو بعيداً عن أهاليهم! لا تدهش، بعد الحفر عميقاً في ثنايا المكان، حين تعلم أن عدد المتابعين للتعليم الديني المسيحي في مدرسة الراهبات العريقة الكائنة في زقاق البلاط في أحد الصفوف يقتصر على تلميذة واحدة بين مجموع 47 تلميذاً. وتفهم ما تعنيه دينا (اسم مستعار) حين تعبّر مستغربة عن سلوك بعض من زملائها المسيحيين في الشركة الواقعة في عين المريسة، الذين يقبلون يومياً من بقاع تبعد كيلومترات ليست بقليلة عن بيروت، ولا يبدون أي اهتمام في اكتشاف المكان المحيط بمقرّ عملهم، رغم وفرة نقاط الجذب فيه!


«نوستالجيا» الهيمنة

يعيد علم الاجتماع السياسي الخوف المرضي الذي يعيشه قسم من المسيحيين في لبنان إلى التنظيمات الأصولية السنية في المحيط العربي الإسلامي، التي تترك عقيدتها وممارساتها أثرها عليهم، كما على إخوانهم في الشرق، لا إلى الإسلام السياسي الداخلي. ولعلّ تصريحات رأس الكنيسة المارونية مار بشارة الراعي في فرنسا أخيراً، التي لا تزال تتردّد أصداؤها، والقائلة: «إذا تأزّم الوضع في سوريا أكثر مما هو عليه ووصلنا إلى حكم أشد من الحكم الحالي كحكم الإخوان المسلمين، فإن المسيحيين هناك هم الذين سيدفعون الثمن، سواء أكان قتلاً أم تهجيراً (...)» تشكّل مثالاً ساطعاً عمّا ذكر آنفاً.و«الإسلاموفوبيا» حسب أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة اللبنانية الدكتور فؤاد خليل، نظرة يتبنّاها فرد أو جماعة تجاه جماعة أخرى، تنحصر هذه الأخيرة أساساً بقوى تتبنّى الأيديولوجيات الاسلامية وتمثّل مصدر خوف للجماعة الأولى. لكنّه يشدّد على أن تقسيم الجماعات إلى أكثريات وأقليات مفهوم أشاعه الغرب الكولونيالي والاستشراق، يدعو تبنيه إلى الاستنتاج أن المسيحي ينتابه الخوف، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الشيعي والدرزي والكردي والعلوي... في ظلّ عمق سنّي. هو يصف حال المسيحيين اليوم بـ«طائفة تعيش تناقضاً بين نوستالجيا الهيمنة السابقة، وإمكانية أداء دور الشريك المقرّر في بنية النظام راهناً، إلا أن حزب «القوات اللبنانية» يبدو ملحقاً أكثر بالسنّة يتدرّى بعباءتهم السياسية، فيما يحاول «التيار الوطني الحر» أن يؤدي دور الشريك المقرّر».


قزي: التفاهم أسقط خطوط التماس

يرى أستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية، مسؤول العلاقات السياسية مع الأحزاب في «التيار الوطني الحر» الدكتور ناصيف قزي، أن «وثيقة التفاهم أخرجت غالبيَّة المسيحيين والشيعة من أوهام عقود الرهانات الخاطئة والحروب والفتن ومشاريع التفتيت، وأنتجت حالاً من الصفاء الاجتماعي سقطت معها خطوط التماس». يروي محطّات من الأزمات التي واجهتها هذه الطائفة في لبنان وما يتعرض له أبناؤها اليوم في المشرق العربي من عمليات تهجير مشبوهة ومدبّرة. يتحدّث عن أسئلتهم المرتبكة عن كيفية الحفاظ على وجودهم الحرّ مستقبلاً في هذه المنطقة من العالم، في ظلّ واقع ديموغرافي لا تسير أرقامه لمصلحتهم بسبب هجراتهم الجماعيّة وقلّة إنجابهم، ما يسهم في جعلهم يفقدون العزيمة والثبات. وإذ يعبّر عن رفض «الغيتوات» وتفهّم أسباب شراء الأراضي من الميسورين الشيعة أو غير الشيعة الذين تضيق بهم رقعة سكنهم بهم، يرى أن المشكلة تتمحور حول غياب المخطّط التوجيهي الناظم لها، ما قد يؤدي إلى القضاء، بين ليلة وضحاها، على الطابع الاجتماعي لبلدات عدّة يمثّل المسيحيون أسسها. لذا، من الضروري، حسبه، أن يتفهّم المسلمون هواجس المسيحيين.

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,579,291

عدد الزوار: 6,996,686

المتواجدون الآن: 70