أخبار لبنان..مواجهة بالبيانات بين مجلس المطارنة والمجلس الشيعي..ووفد حزب الله إلى الرابية..لبنان ينتظر ما سمعه هوكشتاين في إسرائيل حول التهدئة..أوروبا تعمّم التهويل الإسرائيلي: 15 آذار آخر مهلة للمسعى الدبلوماسي..أزمة النازحين من الجنوب: لا حضور للدولة..والـ NGOs لا تعترف بالحرب!..«حزب الله» يتعهد ضمناً بعدم تكرار عملية «7 أكتوبر» انطلاقاً من لبنان..تماهٍ بين الحزب وحكومة ميقاتي يرتكز على تفاؤل بالهدنة..إسرائيل تدمّر منازل جنوب لبنان لتحويل الحدود ساحة مكشوفة أمنياً..المطارنة الموارنة يرفضون زج لبنان في الحرب الإسرائيلية - الفلسطينية..«الثقب المعيشي الأسود» يهدّد العائلات اللبنانية: أكلافٌ مُرْعبة لحياةِ..الحد الأدنى..

تاريخ الإضافة الخميس 7 آذار 2024 - 4:02 ص    عدد الزيارات 223    القسم محلية

        


لبنان ينتظر ما سمعه هوكشتاين في إسرائيل حول التهدئة..

مواجهة بالبيانات بين مجلس المطارنة والمجلس الشيعي..ووفد حزب الله إلى الرابية..

اللواء..إنصبَّ اهتمام المسؤولين اللبنانيين على متابعة ما يجري في نيويورك على صعيد مشروع القرار الذي اعدته الولايات المتحدة الاميركية لاعلان وقف نار مؤقت، يسمح بتحرير الاسرى والرهائن، واحتمالات انعكاساته على التهدئة على جبهة الجنوب، والمحكومة ليس فقط بـ«هدنة غزة» بل ايضاً بطبيعة ما يسوّقه الموفد الرئاسي الاميركي كبير خبراء ملف أمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين، والذي نقل الى اسرائيل مقترحه، وما سمعه في بيروت من خلال لقاءاته مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي وقائد الجيش في ما خص الوضع في الجنوب، والتهدئة المطلوبة، لاعادة المستوطنين الى المستوطنات في الشمال. وحسب مصادر شبه رسمية فإن اتصالات ستجري مع هوكشتاين لمعرفة الاجوبة الاسرائيلية، والمسار الذي ستسلكه التطورات في حال التوصل الى هدنة في غزة، او لم تتوصل الى اي وقف للنار في القطاع. وحسب تسريبات مصادر «عبرية» فإن الاساس في المفاوضات اقناع المستوطنين بالعودة الى المستوطنات الشمالية، عبر تكوين شبكة سيطرة في مناطق اطلاق الصواريخ، تتمكن قوة من اليونيفيل، بمؤازرة الجيش اللبناني من بسط سيطرتها عليها. وحضر الوضع الجنوبي، خلال جولة قائد قوات اليونيفل العاملة في الجنوب اللواء آرولدو لازارو  الذي زار الرئيس بري ثم الرئيس ميقاتي وعرض معهما الوضع في الجنوب والتعاون بين الجيش و»اليونيفيل». وقد اطلع لازارو رئيس الحكومة على مضمون التقرير الدوري لمجلس الامن الدولي بشأن  تطبيق القرار 1701.

الاعتدال في عين التينة السبت

واشارت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن تكتل الاعتدال الوطني يحاذر الحديث عن فشل مسعاه الرئاسي حتى وإن عكست المعطيات المتعلقة بلقاء التكتل مع كتلة الوفاء للمقاومة مناخا غير مسهل لمسعاه، وقالت إن نواب التكتل ذهبوا إلى القول أنه ينتظر جواب حزب الله مع العلم انه كان في امكانه الإشارة إلى رأيه من هذا المسعى من دون تأخير، معتبرة أن لقاء تكتل الاعتدال مع الرئيس بري مجددا من شأنه تحديد البوصلة. وفهم من المصادر أن زيارة موفد اللجنة الخماسية ليست من شأنها نسف المسعى المحلي، وأكدت أنه مع مرور الوقت بدأ زخم المبادرة يخف حتى وإن قامت محاولات لأحيائه، معربة عن اعتقادها أن الأيام المقبلة تعطي الجواب، علما أنه يكون البلد قد دخل في فترة شهر رمضان المبارك. وفيما رحبت بكركي بالحراك النيابي من اجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية حطت مبادرة الاعتدال الوطني في السراي الكبير، والتقى الرئيس ميقاتي وفداً من التكتل والنائب السابق هادي حبيش بحضور النائب بلال الحشيمي. وكشف البعريني ان التكتل سيلتقي الرئيس نبيه بري يوم السبت للتشاور في النتائج التي توصل اليها التكتل خلال لقاءاته. وشدد التكتل على ان مبادرته مستمرة، واذا حصلت عرقلة لمبادرتنا سيظهر من هو المعرقل.. كاشفاً عن ايجابيات قابلة للتطوير..

السجال السلبي

على ان التطور السلبي تمثل امس، ببروز اشتباك في المواقف بين مجلس المطارنة والمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى حول ما يجري في الجنوب. فقد جدد مجلس المطارنة الموارنة رفضه القاطع زج لبنان في الحرب الاسرائيلية - الفلسطينية، التي نأت الدول العربية جمعاء عن نيرانها، وطالب الاطراف المحليين المعنيين (حزب الله) بإبعاد الاذى الذي يعانيه اهلنا في الجنوب، على اختلاف انتماءاتهم الدينية والسياسية. وحذر الآباء من مغضبة ربط النزاع الحدودي الجنوبي بتسويات تمس سيادة لبنان وثرواته النفطية والمائية، وما يعود اليه من حقوق جغرافية ويلفتون نظر افرقاء الخارج العاملين على هذا الصعيد، ان اي تفاوض لبناني في هذه الشؤون يعود الى رئيس الجمهورية، وان ذلك يخضع لتجميد حتمي حتى انتخابه. ولم يتأخر الرد الشيعي على بيان مجلس المطارنة، فعقد المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى بهئته الشرعية والتنفيذية اجتماعاً، ادان خلاله العدوان الصهيوني المستمر على الشعب الفسطيني، وحيا المقاوملين الصامدين في غزة. واعتبر المجلس ان المقاومة اصبحت ضمانة وطنية لحفظ سيادة لبنان وثرواته وردع العدوان عنه، وان التحريض عليها يخدم اهداف العدو الاسرائيلي المتربص شراً بلبنان. ويزور وفد حزب الله برئاسة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الرابية للقاء رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون، في اطار مهمة لا ترتبط بالتباينات مع التيار الوطني الحر.

التيار يحذّر

رئاسياً، حذر المجلس السياسي في التيار الوطني الحر من التمادي في كسر الشراكة الوطنية، وقد تنتج عنه ردات فعل ليست في مصلحة وحدة اللبنانيين. وشدد التيار على انفتاحه الى اقصى الحدود للتشاور وللتحاور في الإستحقاق الرئاسي، مشيراً الى ان الترجمة للفصل بين الاستحقاق الرئاسي وحرب غزة فإنها ستكون بالاسراع في انتخاب رئيس توافقي اصلاحي، وعكس ذلك ضرب للشراكة وسعي لحكم البلد من دون المسيحيين.. وانضم رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الى الحملة على حزب الله والحكومة وقال ان الرئيس ميقاتي حليف حزب الله ونقول 8 آذار التي سمته لرئاسة الحكومة، وبالتالي رئيس الحكومة جزء من السطو القائم على البلد، وميقاتي يستطيع القيام بأكثر مما يقوم به في ملف الجنوب، فهو رئيس حكومة لبنان.

الوضع الميداني

ميدانياً، اعلن حزب الله عن استهداف موقع زبدين في مزارع شبعا بالاسلحة الصاروخية، محققاً اصابات. كما شنت المقاومة الاسلامية هجوماً جوياً بمسيرة انقضاضية على موقع المطلة، واصابت هدفها بدقة. وليلاً، أغارت الطائرات الاسرائيلية على بلدة يارون الحدودية.

افتتاح القرية الرمضانية في الأسواق

مع اقتراب بدء شهر رمضان المبارك، افتتحت في اسواق بيروت «القرية الرمضانية» بالزينة المعروفة، لإقامة النشاطات في المناسبة، المسائية والسحورية. شارك في حفل الافتتاح، الذي نظمته شركة «سوليدير» وجمعية «أجيالنا» وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، ومحافظ بيروت مروان عبود ورئيس بلدية بيروت عبد الله درويش ورئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير ورئيسة مؤسسة «أجيالنا» الدكتورة لينا الزعيم الدادا.

أوروبا تعمّم التهويل الإسرائيلي: 15 آذار آخر مهلة للمسعى الدبلوماسي

الأخبار... بينَ لبنان ومصر وكيان العدو، توزّعت الأنظار في اليومين الماضييْن لمراقبة المفاوضات المُضنية حول «هدنة رمضان» ومحاولة الموفد الأميركي عاموس هوكشتين أن تشمل أي تهدئة الجبهة الجنوبية تمهيداً لاتفاق شامل مع لبنان، ورصد الموقف الإسرائيلي المتأرجِح بين الحل السياسي والتصعيد العسكري، الأمر الذي يجعل الجانب الأميركي حذراً من أن يتحول اليوم التالي في الجنوب إلى الفتيل الذي يفجّر المنطقة برمّتها. ومع أن وزير الدفاع الإسرائيلي يؤاف غالانت أبلغَ هوكشتين (خلال زيارة الأخير لتل أبيب) التزام إسرائيل بالجهود الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق لتجنّب التصعيد على الحدود مع لبنان، مؤكداً أن بلاده لا تسعى إلى الحرب، علمت «الأخبار» من مصادر دبلوماسية غربية أن «المسار السياسي غير كافٍ للاطمئنان، رغم إصرار الجانب الأميركي على صياغة الأحرف الأولى من الاتفاق بين بيروت وتل أبيب، والذي يتمحور حول تثبيت وقف إطلاق النار وبتّ الخلاف على النقاط المتنازع عليها وإيجاد صيغة لمزارع شبعا وكفرشوبا وصياغة حل مستدام يمنع الاصطدام الكبير»، كاشفة أن الدول الغربية «تبلّغت من إسرائيل أن الأخيرة حدّدت مهلة حتى 15 آذار الجاري موعداً للتوصل إلى تسوية سياسية مع لبنان، وإلا فإنها مستعدة لتصعيد العمليات العسكرية إلى حرب واسعة النطاق».زادَ هذا الأمر من قلق الدول الغربية التي تعتبر أنه «ينبغي بذل كل الجهود لدعم المساعي المستمرة للولايات المتحدة وفرنسا لتنفيذ القرار 1701 والشروع في تسوية حدودية توفّر الأمن على المدى الطويل وتضمن عودة النازحين على طرفَي الحدود». وينسحب هذا القلق أيضاً على الداخل اللبناني الذي انقسم في تحليله لوقائع زيارة هوكشتين الأخيرة. ففي مقابل إبداء البعض ارتياحاً للمسار الأميركي الذي يضغط لتجنب التصعيد، هناك رأي آخر لا يزال يبدي تخوفاً من احتمال تدهور الأوضاع ربطاً بما قاله الموفد الأميركي عن أن «هدنة غزة ليست بالضرورة أن تشمل لبنان». أما التقديرات بشأن الزيارة فقد تقاطعت حول أن «التطورات كلها رهن ما سيحصل في غزة وما سيتم التوصل إليه في المفاوضات الجارية في القاهرة، لأن أي نقاش حول ترتيبات سياسية في لبنان وحلّ لوقف إطلاق النار لن يكون قابلاً للترجمة ما دامَ إطلاق النار مستمراً في القطاع». وقد باتت هذه المعادلة قناعة عند الجانب الأميركي، بحسب ما نقل مسؤولون غربيون عن هوكشتين نفسه، وفق المصادر الدبلوماسية. وقالت المصادر إن «هوكشتين بات على قناعة بصعوبة وقف القتال في لبنان قبل توقفه في غزة، وهو مقتنع أيضاً بأن حزب الله لا يريد التصعيد»، مشيرة إلى أن «المبعوث الأميركي يعتبر أن الهدنة في غزة ستكون بمثابة ساعة الصفر التي تنطلق منها مسارات متوازية، أولها العمل على تسوية الخلاف على النقاط الحدودية مع لبنان، من دون أن يشمل الحل مزارع شبعا، بالتوازي مع انتشار قوات من الجيش اللبناني في الجنوب بموافقة الأطراف المعنية». وتابعت المصادر أن «هناك قناعة أيضاً بأن فترة الـ 45 يوماً للهدنة ستكون فرصة لجمع المساعدات للجيش وحشد الموارد وتأمين المعدات اللوجستية المطلوبة وتأمين الأموال اللازمة». أما في ما يتعلق بالمساعي الفرنسية، فتقول المصادر إن «الأوروبيين، وتحديداً البريطانيين، يعتبرون أن على فرنسا التنسيق مع الأميركيين بشأن الترتيبات السياسية، لأن الجانب الأميركي ينوي إطلاق المسار ساعة سريان الهدنة في غزة»، مشيرة إلى أن «عملية نشر أبراج المراقبة التي اقترح البريطانيون تشييدها على الحدود الجنوبية ستكون ضمن الإجراءات المتّخذة ويجري التنسيق بشأنها مع الجيش اللبناني والجانب الأميركي».

توقّعات بأن يشهد الميدان «تصعيداً كبيراً» ضمن قواعد الاشتباك المعمول بها

في سياق متصل، علمت «الأخبار» أن مساعد هوكشتين الذي استبقاه الأخير لمواصلة الاجتماعات مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي غادرَ بيروت أمس لارتباطه ببعض الالتزامات. وعليه، فإن الأيام المقبلة ستكون بيروت في موقع المنتظر لما ستؤول إليه المحادثات المنعقدة في القاهرة، في وقت توقّعت فيه مصادر مطّلعة أن يشهد الميدان «تصعيداً كبيراً»، لكن ضمن قواعد الاشتباك المعمول بها، خصوصاً أن العدو الإسرائيلي سيحاول الضغط على المقاومة لدفعها للقبول بفصل المسارات السياسية بين الجنوب وغزة. إلى ذلك، نفت مصادر في الحزب التقدمي الإشتراكي المعلومات التي أفادت أن النائب السابق وليد جنبلاط هو من طلب اللقاء بهوكشتين خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت. من جهة أخرى، واصل حزب الله تصدّيه للاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين، وشنّ عمليات المساندة للمقاومة الفلسطينية في غزة. واستهدف أمس موقَعي زبدين ورويسات العلم في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وأصابهما إصابة مباشرة. ‏‏ ورداً ‏على ‏اعتداءات العدو على القرى الجنوبية والمنازل المدنية، ‌‎استهدف ‌‌‌حزب الله ‏مبنى في مستعمرة أفيفيم بـ«الأسلحة المناسبة وأصابه إصابة مباشرة».‏‏ كما شنّ هجوماً جوياً بواسطة مُسيّرة ‏انقضاضية على موقع المطلة «أصابت هدفها بدقّة». في المقابل، استهدف القصف المدفعي المعادي أطراف بلدة الفرديس وراشيا الفخار والمرتفعات الشمالية لبلدة شبعا. وأغار الطيران الحربي الإسرائيلي على منزل خالٍ في محيط تلة الحقبان في بلدة ياطر، وبلدات يارون والضهيرة ومروحين، ومنزلاً كان قد استُهدف لأكثر من مرة بقذائف الدبابات في أطراف بلدة طير حرفا. ونعى حزب الله علي حسن حسين من بلدة حولا الجنوبية.

أزمة النازحين من الجنوب: لا حضور للدولة..والـ NGOs لا تعترف بالحرب!

الاخبار..تقرير ندى أيوب .. مع دخول الحرب شهرها السادس، تستمر الدولة في التعامل معها وكأنها تجري في مكان آخر، فيما لا يجد المانحون سبباً لصرف دولار واحد، ولا تجد المنظّمات الدولية العاملة في لبنان ما يستدعي تعديل طرق العمل لتصبح أكثر مرونة وفعالية. يقف الجميع على حافة التدخّل، كلّ لسببه، باستثناء ما تقدّمه جمعيات وجهات مموّلة محلياً، فيما القصص الآتية من مراكز الإيواء لا تبشّر بخير.... حضور الدولة شبه المعدوم في إغاثة النازخين، تعبّر عنه تقديمات وزارة الشؤون الاجتماعية إلى غرفة إدارة الكوارث في صور، والتي اقتصرت منذ بداية النزوح على 6 آلاف ليتر مازوت و7 أطنان طحين و70 مروحة و250 حصة نظافة للنساء والأطفال، و1000بطانية، أكّد المعنيون «أنها غير صالحة للاستعمال». وعدا مجلس الجنوب الذي وزّع نحو 5 آلاف حصّة غذائية إضافة إلى بطانيات وفرش وحليب وحفاضات، لا توجد حالياً جهة رسمية تقدّم المعونة. فيما النشاط الأبرز لجمعية «وتعاونوا» ووحدة العمل الاجتماعي في حزب الله التي تدفع 333 دولاراً كبدل إيجار شهري، وبدل اشتراك مولّد كهرباء 5 أمبير، وحصة غذائية شهرية، إضافة إلى تقديمها مبالغ مالية في الأشهر الثلاثة الماضية، إلى جانب خدمات صحية تقدّمها جمعية الهيئة الصحية الإسلامية.أما لجهة المنظّمات، فقد قدّمت نحو 25 منظمة دولية ومحلية نوعاً من الإغاثة في بداية موجة النزوح، بالتنسيق مع وحدة إدارة الكوارث في المنطقة. ورغم أن هذه التقديمات كانت متواضعة أساساً، إلا أن عدداً كبيراً منها توقّف عن تقديم المعونة، «وينحصر الأمر اليوم في ثلاث أو أربع جمعيات فقط»، من بينها save the children وworld vision. فيما غالبية المنظّمات الدولية والجمعيات المحلية الشريكة لها «تحضُرُ مرة في الشهر»، ويتركّز تدخّلها على الشق التوعوي والدعم النفسي الذي، على أهميته، «لا يُشبع البطون»، تقول سيدة نازحة. والأمر هنا لا يتعلق بـ«اختلاف الثقافات»، وإنّما بخلاف منطقي حول الأولويات. فما الذي يحول، مثلاً، دون تأمين 400 دولار لصيانة مولّدات كهرباء تغذي خمسة مراكز إيواء في قضاء صور تستضيف 1000 نازح؟ إذ أدارت المنظمات الأذن الطرشاء لكل المناشدات لجمع هذا المبلغ الزهيد، أو لتخصيص مبلغ شهري متواضع لـ30 متطوعاً تكفّلوا منذ خمسة أشهر بالاهتمام بإدارة المراكز وتسلّم المواد الغذائية والتجهيزات والمساعدة في أعمال التنظيف ونقل النازحين المرضى إلى مراكز الرعاية الصحية أو مستشفيات القضاء. كما غضّت المنظمات النظر عن حاجة المراكز إلى صيانة بعد خمسة أشهر من النزوح، خصوصاً بعدما تسبّب استخدام المراحيض المشتركة في أمراض نسائية لعدد من النازحات، وسُجّل قبل نحو شهر انتشار القمل بين بعض أطفال النازحين.

بخلاف توجيهات وزارة الصحة ترفض المستشفيات الخاصة استقبال المرضى من النازحين على نفقة الوزارة

رسمياً، يستفيد النازحون في مراكز الإيواء وخارجها من مراكز الرعاية الأولية التابعة لوزارة الصحة في قضاء صور، من دون أن يشمل ذلك توفير بعض الأدوية، وبخاصة المزمنة، ولا تكاليف دخول المستشفيات. وبخلاف توجيهات وزارة الصحة، ترفض المستشفيات الخاصة استقبال المرضى من النازحين على نفقة الوزارة. فيما تنقل مصادر متابعة لاجتماعات التنسيق بين لجنة الطوارئ والمنظمات الدولية شكوى وزارة الصحة من «ضعف المساعدات الدولية، إذ لم يستجب أي طرف للائحة الاحتياجات التي وضعتها الوزارة». وفي وقت يقدّم المستشفى «اللبناني الإيطالي» ومستشفى «حيرام» حسماً متواضعاً جداً على الفاتورة الاستشفائية، وحدها مؤسسة «عامل»، بالتعاون مع منظمة دولية، تتكفّل بتغطية كلفة استشفاء النساء الحوامل في مستشفى قصب في منطقة صيدا أو في مستشفى النبطية الحكومي. لا تعاني محافظ النبطية هويدا الترك من هذا النوع من التحديات، بسبب صغر حجم مراكز الإيواء في المحافظة. لكنها تلفت إلى أنّ «الفترة الفاصلة بين تسلّم المنظمات الدولية للداتا وتاريخ الاستجابة قد تمتد لثلاثة أشهر، بسبب طريقة عمل هذه الجهات». عجز الدولة المالي أدّى إلى حصر تدخلها على مستوى التنظيم والتشبيك. فيما المفارقة أنّ المنظّمات الدولية لم تظهر في ظل الحرب الدائرة السخاء الذي أظهرته بعد انفجار مرفأ بيروت، بذريعة أنّها «لا تعتبر لبنان في حالة حرب»! فيما تؤكد مصادر معنية أن «التنسيق بين المنظمات ليس في أفضل حال»، وأنّها «إن أرادت تسيير الأمور يمكنها أن تعمل بمرونة كبرى والتخلي عن ذرائع، كطلبها تجميع الداتا بنفسها، رافضة الاعتراف ببيانات البلديات»، وكذلك «رفضها مساعدة عائلات تستفيد من برامج وزارة الشؤون الاجتماعية»، ما يجعل أوضاع النازحين خارج مراكز الإيواء أكثر سوءاً، إذ إنّ آخر إحصاء صدر عن إدارة الإحصاء عام 2018 أظهر أنّ نسبة الفقر في قضاء بنت جبيل تبلغ 65% وفي صور 63% وفي النبطية 59%، وبالتالي فإن النازح والمضيف مستحقان للمساعدة في الأوضاع الطبيعية.

«حزب الله» يتعهد ضمناً بعدم تكرار عملية «7 أكتوبر» انطلاقاً من لبنان

تماهٍ بين الحزب وحكومة ميقاتي يرتكز على تفاؤل بالهدنة

الجريدة... بيروت - منير الربيع ..برز موقفان لبنانيان يعكسان عدم النية أو الرغبة في الذهاب إلى حرب على جبهة الجنوب، الأول لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، الذي أعلن أن مفاوضات معالجة الوضع الحدودي في لبنان ومنع التصعيد ستبدأ خلال شهر رمضان المبارك، وهي خطوة تشير إلى أن المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، الذي يريد إضافة إنجاز إقليمي آخر على سيرته الذاتية وتجييره لإدارة الرئيس جو بايدن في موسم الانتخابات، قد سرّع حركته الدبلوماسية المكوكية بين لبنان وإسرائيل لتجنب التصعيد. الموقف الثاني جاء من نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، الذي قال إن الحزب في موقف دفاعي لا هجومي، وأن الحزب يتحمل التكاليف لمنع شن حرب على لبنان، كما أنه لا يريد الدخول في حرب كبرى. وأظهر الموقفان مجدداً مدى التكامل في الموقف بين ميقاتي و«حزب الله»، لا سيما أن رئيس الحكومة بدا متماهياً إلى حدود بعيدة مع الحزب، لكن لموقف قاسم رواية أخرى، إذ تشير مصادر متابعة إلى أنه منذ بداية التحركات الدبلوماسية الدولية باتجاه لبنان كان هناك تشديد على ضرورة إطلاق موقف واضح وصريح من الحزب يتضمن تعهداً بألا يشن أي هجوم مشابه لعملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر 2023، وقد تلقى الحزب في وقت مبكر من حرب غزة، رسائل فرنسية واضحة تطالب أمينه العام حسن نصرالله بموقف واضح بهذا الشأن، وذلك لطمأنة سكان الشمال الذين يشكلون ضغطاً كبيراً على حكومة بنيامين نتنياهو. لكن الحزب ونصرالله رفضا اطلاق مثل هذا التعهد، وصولا الى الزيارة الأخيرة لهوكشتاين، التي يبدو أن المشاورات والمفاوضات التي جرت خلالها قد دفعت باتجاه تصريحات قاسم التي حملت اشارة واضحة بأن الحزب لن يبادر إلى هجوم مفاجئ. وبحسب ما تشير المعلومات، فإن ميقاتي والحزب يراهنان على جدية المفاوضات وتسارعها بعد أن تبدأ في رمضان، وتشير المعطيات الى أن اللجنة العسكرية التي تضم الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي وقوات اليونيفيل، قد تتولى بحث مسألة معالجة النقاط الحدودية الـ 13 العالقة. وتقول مصادر رسمية لبنانية إنها متفائلة من إمكانية الوصول الى هدنة ومنع اتساع رقعة الحرب.

إسرائيل تدمّر منازل جنوب لبنان لتحويل الحدود ساحة مكشوفة أمنياً

مع فشل إبعاد مقاتلي «حزب الله» بالسياسة

الشرق الاوسط...بيروت: نذير رضا.. تمضي إسرائيل في تطبيق خطة تدمير المنازل في جنوب لبنان على طول الواجهة الحدودية، في ما يبدو أنه يهدف إلى تحويل المنطقة الحدودية ساحة مكشوفة، ودفع السكان المدنيين إلى إخلاء المنطقة بالكامل. من يجول على المنطقة الحدودية في هذا الوقت، يلاحظ الدمار الهائل على طول الشريط الحدودي، حيث تحولت الكثير من المنازل كومة من الركام، وتقول مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن معظم المنازل في هذه المنطقة، لم تكن مأهولة لحظة استهدافها، وليس بالضرورة أنها عائدة إلى أشخاص ينتمون إلى «حزب الله» أو يناصرونه؛ ما يشير إلى «خطة ممنهجة لتدمير تلك المساحات المشيدة على طول الحدود، بغرض انكشافها». وتشير الصور التي تبثها مواقع محلية في الجنوب، إلى دمار هائل في الممتلكات يرصد بعد الغارات الجوية التي لا تنقطع منذ ثلاثة أشهر، وبات الجيش الإسرائيلي يعتمد عليها بشكل أساسي في استهدافه للمنازل، بعدما كانت المدفعية في البداية السلاح الأبرز، وبعدما كانت غارات المسيرة لا تتسبب بتدمير كامل المنشآت. وإثر الغارات، تتحول المنازل ركاماً، مهما كان عدد طبقاتها؛ ما يجعل أي مشهد خلفها مكشوفاً للمواقع الإسرائيلية. هذا المشهد، بات واقعاً بالفعل في كفركلا. يقول مصدر من البلدة زارها في الأسبوع الماضي: «إن الأحياء الداخلية تقريباً باتت مكشوفة، بعدما تم تدمير المنطقة المحيطة بها من جهة مستعمرة المطلة». ويضيف: «وسع القصف المساحة الحيوية أمام المستوطنات، وتقلص إلى حد كبير عدد المنازل القائمة قرب الشريط الحدودي، أو محاذية له. ويتخطى عدد المنازل المدمرة بالكامل أو بشكل كبير في بلدتي العديسة وكفركلا الـ270 وحدة سكنية، حسبما تقول المصادر، ويتكرر المشهد في بليدا ويارون وميس الجبل وعيتا الشعب.

موقع جغرافي... وواقع أمني

الموقع الجغرافي للبلدات الحدودية، خلق هذا الواقع الأمني. فبلدة كفركلا مثلاً، تقع على خط المواجهة المباشرة مع المطلة، ولا تبعد عن المنازل في المستعمرة الإسرائيلية أكثر من عشرات الأمتار، حيث تظهر تفاصيل حياة الناس على جانبي الحدود بشكل واضح. أما العديسة فتقع على مقابل مسكاف عام، كما تحاذي بلدة حولا مستعمر المنارة، وتقع بليدا قبالة مستعمرة يفتاح. وتعرّض الخط الممتد من كفركلا وحتى عيتا الشعب مروراً بأكثر من عشر قرى حدودية، إلى تدمير ممنهج، حيث لم تعد الغارات وقذائف المدفعية تتسبب بأضرار فقط، بل باتت تؤدي إلى كامل لها. وتقول المصادر إن نتائج القصف الإسرائيلي «تشير إلى أن الإسرائيليين يحاولون تحويل المنطقة بالكامل منطقة مكشوفة، وإفراغ المنطقة الحدودية من السكان وإبعاد المدنيين بشكل كامل منها؛ لجعل المنطقة تشبه المستوطنات الشمالية لديهم الخالية من السكان المدنيين»، لافتة إلى «مخاوف لدى السكان من أن يكون الإسرائيليون يسعون إلى تطبيق استراتيجية فرض منطقة عازلة بالنار، أو منطقة خالية من السكان ومكشوفة أمامهم، بالنار والتدمير»؛ وذلك لأغراض أمنية تسعى إسرائيل إلى تطبيقها. وتطالب إسرائيل عبر موفدين دوليين يحملون رسائلها إلى بيروت، بإخلاء المنطقة الحدودية من مقاتلي «حزب الله» وتراجع مقاتليه إلى مسافات تتراوح بين 7 و10 كيلومترات، وهي مساحة حيوية تحاول فيها تل أبيب ضمانة عدم انطلاق عمليات مفاجئة في حال قرر «حزب الله» اقتحام المستوطنات، كما تسعى إلى تخفيف تأثير الصواريخ الموجّهة التي يستخدمها الحزب لاستهداف مشاة وآليات ومواقع إسرائيلية، حيث يضطر إلى استخدام الصواريخ المنحنية، وهي صواريخ ذات تأثير أقل من الموجهة والمباشرة، حسبما يقول خبراء عسكريون. وفي حين أبلغ لبنان الموفدين رفض الحزب إخلاء المنطقة، ويطالبون بتطبيق القرار 1701 من الجهتين بالتزامن، تقول وسائل إعلام إسرائيلية إن مسؤولين من المستوى الأمني في تل أبيب يتخوفون من تكرار سيناريو اقتحام مستوطنات غزة في الشمال؛ ما يوضح طبيعة الاستهدافات الإسرائيلية التي تحاول تدمير وإحراق أي شيء يمكن أن يتوارى المقاتلون فيه، وهو ما يفسر التدمير الممنهج للمنشآت المدنية، وإحراق البساتين والأحراش في الحدود بقذائف الفوسفور.

سيناريو غزة

ويتوجس السكان في الجنوب من تكرار الاستراتيجية المتبعة في غزة، في منطقة جنوب لبنان، لجهة «أن يساهم التدمير الممنهج في إفقاد المنطقة سبل العيش في المستقبل؛ ما يدفهم إلى نزوح قسري في حال واصلت إسرائيل تدمير المنازل بشكل كامل، واستهداف المنشآت الصناعية والزراعية والمزارع، واستهداف المنشآت الحيوية، مثل محطات ضخ المياه ولوحات الطاقة الشمسية وشبكات الكهرباء». ويقول السكان في الجنوب إن بعض القرى «باتت معزولة بالقصف والعتمة؛ كون شركات الصيانة لا تستطيع الوصول إلى البلدات لإصلاح أعطال الكهرباء»، أو أن الجرافات تتأخر لفتح طرقات نتيجة القصف. أما محطات ضخ المياه، فقد تضرر العشرات منها، كما تضررت مئات محطات ألواح الطاقة الشمسية على المنازل جراء القصف والاستهدافات المتواصلة.

المطارنة الموارنة يرفضون زج لبنان في الحرب الإسرائيلية - الفلسطينية

دعوا لضبط الوجود السوري «لأن الخطر يدق أبواب هوية البلاد»

بيروت: «الشرق الأوسط».. رفض المطارنة الموارنة مجدداً «زج لبنان في الحرب الإسرائيلية - الفلسطينية التي نأت عنها الدول العربية»، وطالبوا بـ«إبعاد الأذى الذي يعانيه أهلنا في الجنوب عن لبنان كله». وجاءت مواقف المطارنة إثر اجتماعهم الشهري، حيث سجلوا، في بيان لهم، «ارتياحاً مبدئياً إلى التحرك الخيّر الذي يقوم به نوّاب وكتل نيابية وأشخاص ذوو إرادة حرة آملين أن يعقد المجلس النيابي جلسات مفتوحة متتالية حتى انتخابِ رئيسٍ جديد للدولة، وأن يتلاقى هذا التحرّك مع المساعي الدبلوماسية الخارجية التي تصبّ في الاتجاه نفسه»، وذلك في إشارة إلى مبادرة تكتل «الاعتدال الوطني». وجدد المطارنة في المقابل «رفضهم القاطع زجّ لبنان في الحرب الفلسطينية – الإسرائيلية، التي نأت الدول العربية جمعاء عن نيرانها»، مطالبين «الأطراف المحليين المعنيين بإبعاد الأذى الذي يُعانيه أهلنا في الجنوب، على اختلاف انتماءاتهم الدينية والسياسية». وحذّروا من «مغبة ربط النزاع الحدودي الجنوبي بتسوياتٍ تمسّ سيادة لبنان وثرواته النفطية والمائية وما يعود إليه من حقوقٍ جغرافية، متوجهين إلى «أفرقاء الخارج العاملين على هذا الصعيد»، بالتأكيد على «أن أي تفاوضٍ لبناني في هذه الشؤون يعود إلى رئيس الجمهورية، وأن ذلك يخضع لتجميدٍ حتمي حتى انتخابه». وعبروا كذلك عن «استيائهم البالغ حيال الدرك المؤسف الذي بلغته إدارة الحكم في البلاد، والذي يجد تعبيره الأخير الخطير في إقرارِ موازنة ظالمة للشعب اللبناني، ترفع من مستوى التضخم من خلال الخلل الفاضح بين الواردات والصادرات، فضلاً عن اعتماد سياسة الهرب إلى الأمام في تداركٍ زبائني للغضب الأهلي المُتصاعد. يحدث ذلك رغم التنبيهات التي صدرت عن مراجع معنية واختصاصية في المجال المالي والاقتصادي»، ودعوا بذلك «مجلس الوزراء والمجلس النيابي إلى تدارك الأمر ومعالجة مكامن الداء قبل استفحاله في سلسلة من العصيان والتمرُّد، تُهدِّد الوضع العام وتزيد من تفاقم أزمات البلاد المُتنوِّعة». وتطرق المطارنة إلى قضية النازحين السوريين، محذرين من «الأحوال التي آلت إليها معظم المناطق من جراء تنامي أخطار الوجود المُتفلِّت للنازحين السوريين»، واعتبروا أن «التهديدات الأمنية التي يمثلها هذا الوجود، وضغوط الأعباء المالية التي يرتبها على البلاد، وازدياد تضييقه على معيشة اللبنانيين سواء في المنافسة التجارية أو مُحاصَرة اليد العاملة، كلّ ذلك يُؤكِّد على وجوب المُسارَعة إلى ضبط هذا الوجود وإخضاعه للقوانين اللبنانية الضرائبية والرسومية، وإلى الإفادة في ذلك من إمكانات الإدارات المُختصّة والبلديات واتحادات البلدية. فالخطر بات يدقّ أبواب هوية لبنان وعيشه المُشترَك معاً».

في «الذكرى» الرابعة لـ «نكبة 7 مارس» المالية

«الثقب المعيشي الأسود» يهدّد العائلات اللبنانية: أكلافٌ مُرْعبة لحياةِ... الحد الأدنى

الراي.. | بيروت - من زيزي اسطفان |

- بيروت في المرتبة 208 في العالم على 241 مدينة في مؤشّر نوعيّة الحياة

قبل 4 أعوام بالتمام والكمال، كان 7 مارس «الأسود»... وفيه دخل لبنان للمرة الأولى بتاريخه نادي الدول التي تتخلّف عن سداد ديونها بإعلانٍ مدوٍّ من رئيس الحكومة حينها حسان دياب، لتوضع البلاد «رسمياً» منذ ذلك اليوم على سكّة «كوابيس» مالية – مصرفية – نقدية – اجتماعية لم تهدأ وكادت أن تودي بالوطن الصغير إلى الارتطام المميت الذي تمت «فرْملته» منذ أشهر ليتجرّع اللبنانيون مُرّه على دفعات من... «الموت البطيء». وعلى مدى أربعة أعوام، تَقَلَّب لبنان و لايزال على جمر الأزمات، متسلّقاً سلّم «الأسوأ» على مختلف المقاييس العالمية، حتى باتت تستبيحه الأرقامُ الصاعقة «المتسلسلة» عن أكلاف عيشٍ، صار لغالبية اللبنانيين من «قلة الموت»، والتصنيفاتُ الصادمة التي لا تنفكّ تضعه في أسفل قوائم مؤشرات الحياة ونوعيّتها. وجاء وَضْعُ مدينة بيروت في المرتبة 208 في العالم (على 241 مدينة) والـ16 في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤشّر نوعيّة الحياة للعام 2023 (بحسب سهولة ومُرونة العيش والعمل للمُغتربين وعائلاتهم المُقيمين فيها) ليشكّل إشارةً إضافية إلى «الجحيم» الذي يقيم فيه اللبنانيون، وإن كان قسم منهم «تَكيَّف» مع «ناره»، والذي يستعدّون لقفزة إلى قعر جديد فيه بفعل الرسوم والضرائب الفتّاكة التي فرضتْها الحكومة في الموازنة التي أقرّها مجلس النواب من دون التعمق في تأثيراتها المباشرة على المواطنين الذين باتوا في فوهة «ثقب أسود» يتّسع مع كل أعباء ضريبية جديدة «تغذّي» وحشَ التضخم الذي يرفع تكلفة المعيشة بأرقام مُرْعِبة، في غمرة أزمة سياسية – رئاسية مستعصية وشَبَحِ حرب كبرى تحوم فوق «بلاد الأرز» في ضوء الـ «ميني حرب» المشتعلة على جبهة الجنوب منذ بدء «طوفان الأقصى». فقبل عام وتحديداً في أبريل 2023 كانت تكلفة المعيشة للعائلة اللبنانية (من 4 أفراد) تقارب 39 مليون ليرة (نحو 438 دولاراً) وذلك من دون احتساب الصحّة والاستشفاء، بينما راوحتْ هذه التكلفة في أكتوبر 2022 بين 20 مليون ليرة و26 مليوناً. وهذا يعني ارتفاعاً خلال ستة أشهر بنسبة ما بين 95 و196 في المئة. لكن أرقام التضخم على هوْلها لم تقف عند هذا الحدّ، إذ استمر ارتفاع تكلفة المعيشة للعائلة ليبلغ وفق آخِر إحصاءات «الدولية للمعلومات» إلى 52 مليون ليرة شهرياً (582 دولاراً) في القرية، وإلى 71 مليون ليرة (794 دولاراً) في المدينة وذلك في بداية فبراير 2024. وهذه الأرقام مرشّحة لأن تشهد قفزةً جديدةً مع بدء تطبيق الضرائب التي لحظتْها موازنة السنة الحالية. وفي حوار مع الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين أردْنا التعمق أكثر في ما تعنيه هذه الأرقام بالنسبة للعائلات اللبنانية وكيف يمكن التوفيق بينها وبين مدخول العائلات. وفي نظرة عملية وسريعة على جدول التكلفة المعيشية التي تواجهها عائلة مكوّنة من أربعة أفراد يتبيّن أن الأرقام هي أقلّ من الواقع وتلحظ تقشفاً كبيراً يصعب على العائلات الالتزام به لأنه بالكاد يؤمّن الحد الأدنى من احتياجاتها. فالرقمان 52 مليون ليرة شهرياً في القرية و71 مليوناً في المدينة لا يعبّران إلا عن الحد الأدنى لاحتياجات العائلة فيما الواقع اليومي قد يتخطى هذه الأرقام بكثير. ويقول شمس الدين: «إن تكلفة المعيشة سترتفع ما بين 20 إلى 25 في المئة في الأسابيع المقبلة حتى ولو بقي سعر الدولار ثابتاً (على نحو 89500 ليرة)، لأن الرسوم و الضرائب التي لحظتْها الموازنة ستنعكس على مختلف نواحي الحياة، إذ لا يمكن أن ترتفع التكلفة في مكان ما إلا ويكون لها تأثير مباشر على الدورة الاقتصادية ككل». وهنا يعطي الباحث الاقتصادي مثالاً بقوله إن زيادة رسم الميكانيك على سيارات النقل مثلاً سيدفع بصاحبها لإضافتها على سعر السلعة، والأمر نفسه ينطبق على سعر صفيحة البنزين التي ازدادت بنسبة 8 في المئة تدريجاً ما يجعل كل أسعار السلع والخدمات تتأثر وترتفع. ويورد مثالاً آخر على الزيادات قائلاً «إن الجريدة الرسمية ارتفع اشتراكها من 750000 ليرة الى 15 مليون ليرة ما يعني أن المحامين الذين ينشرون فيها أحكاماً سيتكبّدون تكلفة أعلى، وهكذا دواليك. فحتى الرسوم البلدية التي أوقفها المجلس الدستوري ستنعكس سلباً على الأسعار بعد أن تُقر الزيادة عليها. وهذا الارتفاع في أسعار السلع يشمل المُنْتَجة محلياً كما المستورَدة لأن هذه الأخيرة أيضاً تخضع للارتفاع العالمي نتيجة ما يَحدث في البحر الأحمر ولارتفاع أسعار الشحن والنفط والمواد الأولية عالمياً».

الأرقام المتقشّفة

من هنا فإن هذه الأرقام المتقشّفة، والتي يمكن أن تكون في الواقع أعلى مما هي عليه، تكاد تكون فوق طاقة 50 في المئة من العائلات اللبنانية ولا سيما الفئات التي لاتزال تتقاضى رواتبها بالليرة اللبنانية من دون أن تشهد تصحيحاً يوازي التضخم الحاصل وارتفاع الاسعار بل بقيتْ دونه بكثير. إذ في افضل الأحوال لم يستعد سوى 15 الى 20 في المئة من الأُجَراء قدرتهم الشرائية بشكل شبه كامل، وذلك بحسب تقديرات أعدّها البروفسور كمال حمدان، فيما غالبية الموظفين الرسميين لم يكونوا استعادوا، قبل الزيادات الجديدة والحوافز الأخيرة التي أُقرت نهاية فبراير إلا ثلث القوة الشرائية، هذا من دون احتساب التكلفة الاستشفائية والتعليمية التي باتت تفوق قدرة الكثير من الموظفين. ومعلوم أن هذه الزيادات لحظتْ إعطاء الموظّفين والعسكريين في الخدمة ما بين راتبيْن إضافييْن وثلاثة (حيث يصبح مجموع ما يتقاضونه 9 رواتب شهرياً انطلاقاً من الراتب الأساسي) مع رفْع بدل النقل والحضور وصرف مكافآت مثابرة بشروط محدَّدة، بحيث بات متوسط دخلهم بين 350 و860 دولاراً. أما المتقاعدون فخُصِّصوا بزيادة 3 رواتب إضافية بحيث صار دخلهم نحو 220 دولاراً. ويؤكد شمس الدين، أن المتقاعدين وصغار موظفي الدولة والأساتذة العاملين في المدارس الرسمية وبعض المدارس الخاصة إضافة الى العاملين في المصانع الصغيرة والعمل الزراعي هم الأشدّ تأثراً نظراً الى التفاوت الكبير الحاصل بين مدخولهم وارتفاع كلفة المعيشة.

والسؤال الذي يَطرح نفسه هنا: كيف يمكن لهذه العائلات تأمين 52 مليون ليرة شهرياً لمواكبة التكلفة التقشفية الأدنى للحياة؟

الجواب الأبسط أن العائلات الأكثر فقراً تعاني في تأمين خبزها اليومي وهي لا تأكل القدر الكافي، فيما ثمة عائلات تعتاش من بعض التحويلات التي تردها من الخارج او تعمل على بيع ما تملكه، هذا إذا كانت تملك شيئاً في الأصل. ويرى أن أرباب العائلات باتوا مضطرين للعمل في أكثر من وظيفة ومكان ومهنة لتأمين الحد الأدنى من متطلبات الحياة وذلك بشكل شرعي أو غير شرعي. وفي حين حصرت الدراسة التي أعدتها «الدولية للمعلومات» تكلفة المعيشة بالأساسيات، من مسكن ومأكل واتصالات وتنقلات وكهرباء وماء وتدفئة إضافة الى التعليم والنقل المدرسي، إلا أنها لم تذكر الأهمّ وهو تكلفة الطبابة والاستشفاء التي تكاد تشكّل معضلةً حقيقيةً في بلدٍ كان يُعتبر مستشفى الشرق. واحتساب التكلفة الصحية يشكّل أزمة في ذاتها حتى بالنسبة للباحثين، في غياب التقديمات التي كانت تؤمّنها وزارة الصحة والضمان الاجتماعي وتفلُّت الأسعار في المستشفيات وغياب الرقابة الصارمة عنها. ويقول شمس الدين «إن التأمين الصحي بات اليوم بديلاً عن الخدمات الصحية التي كانت الدولة اللبنانية تقدمها من خلال مؤسساتها الضامنة ووزارة الصحة. واليوم يمكن اعتبار متوسط تكلفة التأمين للشخص الواحد 1500 دولار في السنة أي 6000 دولار سنوياً بالنسبة لعائلة مكوّنة من أربعة اشخاص. وإذا قسمنا هذا المبلغ على 12 شهراً تصبح التكلفة الشهرية 500 دولار ما يعني أنه يجب احتساب 44 مليون ليرة إضافية فوق الكلفة الشهرية للمعيشة وهي 52 مليوناً». أرقام مخيفة لا تبشّر بالخير لا سيما مع تراجع النمو الاقتصادي الذي كان يُعوّل عليه لاسترداد العافية الاقتصادية نتيجة الحرب الدائرة رحاها في الجنوب اللبناني واستمرار العشوائية في ما خص مقاربات المعالجات السليمة لأموال المودعين وللأزمة النقدية، كما بفعل التخبط الضريبي الذي يسعى لتعويم واردات الموازنة على حساب الناس. هذا دون ذكر جشع التجار والمستوردين وتخبط برامج الحماية الاجتماعية وعدم تأمين التمويل الكافي لها.

مشكلة في خفض التمويل

وفي الإطار، أعلن وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار خلال مؤتمر صحافي في أواخر يناير 2024 أن ثمة مشكلة في خفض التمويل من الدول المانحة بالنسبة للبرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً (بطاقة الشؤون) وأن المبلغ الذي تم تأمينه هو 33.3 مليون دولار فقط بينما المبلغ الذي تحتاج إليه الوزارة لتأمين المساعدة لـ 75000 أسرة هو 150 مليون دولار خلال 2024. وقال «اضطررنا أيضاً لإجراء ما يشبه العملية الجراحية، وتعديل المساعدات، وأنا أعرف مسبقا أنها ستتسبب بزعزعة الاستقرار الاجتماعي. وأود أن أوضح للأسر المستفيدة من البرنامج أنه لن يكون هناك دفعة عن شهر يناير 2024، بل سيكون هناك دفعة في آخر شهر فبراير عن شهرين. ثم دفعة في أبريل ودفعة في يونيو. والتغييرات المتعلقة بالمبلغ أصبحت مقسمة كالآتي: 20 دولاراً عن العائلة بدل 25 دولاراً، وسنعطي 5 أفراد كحد أقصى بدل 6 أفراد في الأسرة، وسنعطي 10 دولارات للفرد الواحد بدل 20 دولاراً». إذاً حتى المساعدات الضئيلة التي كانت الأُسر الأكثر فقراً تعول عليها باتت على تَراجُعِ في ظل ارتفاع مستمرّ في الأسعار. والبحصة التي كانت تسند خابيةً صارت فتاتاً ينذر بتدحْرج الخابية وانهيار ما فيها.



السابق

أخبار وتقارير..ترامب يعلن دعمه للحرب التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة..في البحر الأحمر..احتجزوا سفينة نصف ساعة لتغيير مسارها..بعد الثلاثاء الكبير..سيناريو بايدن ترامب يتكرر وحرب آتية..بريطانيا تعتقل 5 جنود من النخبة لارتكابهم جرائم حرب في سوريا..ماكرون: على حلفاء أوكرانيا ألا يكونوا «جبناء»..هل أوقفت كوريا الشمالية شحنات الذخائر إلى روسيا؟..روسيا غيرت تكتيكاتها الجوية وخاطرت بطائراتها لتحقيق مكاسب في الشرق..كييف تعلن تدمير سفينة روسية في البحر الأسود وضرب مستودع للنفط في بيلغورود..الولايات المتحدة تشجع كوريا الشمالية على السماح لمزيد من الأجانب بدخول أراضيها..الصين تضع أهداف 2024: 5% نمواً و7.2% زيادة الإنفاق الدفاعي..لتقليل اعتماده على أميركا..الاتحاد الأوروبي يقترح تعزيز إنتاج وامتلاك الأسلحة..

التالي

أخبار فلسطين..والحرب على غزة..قائمة بأبرز الدعاوى القضائية ضد إسرائيل بسبب حرب غزة..هل تحسم «التنازلات» سيناريوهات «التهدئة» في غزة؟..مقترح أميركي جديد لغزة..وبايدن يضغط على «حماس»..الاتحاد الأوروبي والإمارات يقتربان من تدشين ممر بحري للمساعدات عبر قبرص..الاحتلال يُصادق على 3500 وحدة سكنية في 3 مستوطنات بالضفة الغربية..مشروع قرار أميركي «مُعدل» في مجلس الأمن..وقطر تتعهّد بدعم إضافي لـ «الأونروا»..تحقيق يحمّل نتانياهو مسؤولية "أحد أسوأ الكوارث" بتاريخ إسرائيل..السعودية: نجدد التأكيد على ضرورة إقامة دولة فلسطينية على حدود 67..وزير خارجية بريطانيا لغانتس: الوضع في غزة يجب أن يتغير.."على إسرائيل أن تعتاد الرقم 10".. خطة لغزة في مكتب نتنياهو..وزراء الخارجية العرب يطالبون بوقف «فوري» للحرب في غزة..نزوح وجوع ومرض..تفاصيل الوضع الإنساني في قطاع غزة الذي دمرته الحرب..

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,524,010

عدد الزوار: 6,994,327

المتواجدون الآن: 80