أبعاد التحالف الأمريكي الإسرائيلي

تاريخ الإضافة الأربعاء 29 كانون الأول 2010 - 7:43 ص    عدد الزيارات 488    التعليقات 0

        

 

هل هناك لعبة كبرى؟
أبعاد التحالف الأمريكي الإسرائيلي
د. محمد عبد العزيز ربيع
سمعت أحد الأشخاص المقربين من مركز صنع القرار في البيت الأبيض قبل أسابيع يقول بأن هناك قرارا بتصفية "قوى الرفض والمقاومة" في منطقة الشرق الأوسط، أي حزب الله وحركة حماس ونظامي الحكم في إيران وسورية. ويقول الشخص المعني أنه استقى معلوماته من الجنرال جيم جونز المستشار السابق للرئيس أوباما لشؤون الأمن القومي، إذ استقال الجنرال جونز من منصبه قبل بضعة أسابيع. وتشير المعلومات إلى أن عملية التصفية ستبدأ إما في لبنان بضرب حزب الله أو في عزة بتصفية حماس. من ناحية أخرى نرى أن من الضروري الإشارة إلى أن إدارة أوباما تعيش حالة من الاضطراب بسبب التغيرات في الموظفين الرئسيين، خاصة في مجال الأمن القومي والشؤون الاقتصادية وإدارة البيت الأبيض، وأنها دخلت مرحلة تتصف بالارتباك والضعف بعد نجاح الحزب الجمهوري في السيطرة على مجلس النواب، مما يجعلها أكثر عرضة للتأثر بالضغوط الإسرائيلية واللوبي الصهيوني. وبغض النظر عن صحة أو خطأ المعلومات المتعلقة بتصفية "قوى الرفض والمقاومة" في منطقة الشرق الأوسط، واحتمالات تغير القرارات في ضوء تغير الظروف، إلا أن خطورة تلك المعلومات تستوجب النظر إليها بجدية، وتقييم احتمالات قيام أمريكا بمثل ذلك العمل. ومما يعزز مصداقية هذه المعلومات، أن الوثائق التي كشف عنها موقع ويكيليكس تشير بوضوح إلى هوس إدارة أوباما بقضية إيران وتصميمها على إحباط مشاريع إيران النووية.
جاء لقاء رئيس وزراء إسرائيل والرئيس الأمريكي في أوائل شهر يوليو عام 2010 ليعيد تأكيد عمق التحالف بين الدولتين من ناحية، وحدة العداء المشترك لنظام الحكم في إيران وقوى المقاومة العربية من ناحية ثانية. وحيث أن رئيس إيران أعلن أكثر من مرة أن بلاده لن توقف أبحاثها في مجال التكنولوجيا النووية، فإن احتمالات القيام بحملة عسكرية ضد إيران تبدو قوية. وفي الواقع، بينما كان المحللون السياسيون في أمريكا يتوقعون أن تركز مباحثات نتنياهو وأوباما على إحياء "عملية السلام" التي لفظت أنفاسها الأخيرة قبل سنوات، جاء التركيز على إيران بدلا من ذلك. من ناحية أخرى، جاءت مراسم استقبال أوباما لنتنياهو في البيت الأبيض، وما أدلى به من تصريحات أمام الصحفيين لتثبت أن الرئيس الأمريكي استسلم تماما لإرادة إسرائيل وإملاءات صهاينة أمريكا. وقبل مضي أسبوع على عودة نتنياهو إلى إسرائيل ظهرت منظمة يهودية جديدة في أمريكا تدعو لوقف المفاوضات مع الفلسطينيين لأنه "لا يجوز إطلاقا التنازل عن أي جزء من أرض وهبها رب اليهود لشعبه". وفي ضوء تلك التطورات وما تمخضت عنه محاولات تجميد الاستيطان الفاشلة حتى اليوم، يمكن استخلاص النتائح التالية:
1.    إن الحليفين الأمريكي والإسرائيلي اتفقا فيما بينهما على التعاون والتنسيق بهدف إدارة الصراع العربي الصهيوني وليس حله. وهذا يعطي إسرائيل الضوء الأخضر والمزيد من الوقت لاستكمال مشروعها الاستيطاني، وتحضير الرأي العام العالمي للقيام بعملية تطهير عرقي واسعة ضد عرب فلسطين، قد تتلازم مع ضرب إيران.
2.    التحضير للقيام بعملية عسكرية ضد إيران في غضون السنتين القادمتين، والتركيز خلال تلك المدة على جمع المعلومات المتعلقة بأمكنة تواجد المنشآت النووية الإيرانية.
3.    إعطاء أوباما المزيد من الوقت لإقناع الرأي العام الأمريكي والأوروبي بأن مشاريع إيران ومواقفها تشكل خطرا يهدد أمن العالم الغربي وطريقة حياته، وإعدادهم نفسيا لدعم عملية عسكرية ضدها، ربما تأتي بمشاركة أوروبية كما حدث في العراق وأفغانستان.
4.    عدم تصعيد الموقف مع إيران في الوقت الراهن، ريثما تستكمل أمريكا عملية الخروج من العراق وأفغانستان، إذ لا يمكن لأمريكا أن تخرج من البلدين بأقل الخسائر الممكنة إلا بتعاون إيران. ويتم التعاون الإيراني اليوم بالسكوت على ما تفعله أمريكا في البلدين من ناحية، والتوقف عن دعم القوى التي تقاوم الأمريكيين في العراق من ناحية ثانية. وتقوم إيران بالتعاون ليس حبا في أمريكا، بل خدمة لمصالحها الذاتية، وذلك لأن خروج أمريكا يمنحها فرصة أفضل لفرض هيمنتها وتعزيز نفوذها في تلك المنطقة.
ومما يعزز هذه الاستنتاجات، قيام نتنياهو، وخلافا لمواقف إسرائيل السابقة، بدعم العقوبات التي فرضها الكونجرس والاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن الدولي على إيران، بينما تستمر الاستعدادات العسكرية لما هو متوقع. ومن جملة الاستعدادات، قيام أمريكا بإجراء مناورات عسكرية مشتركة مع إسرائيل، وتزويدها بالمزيد من الصواريخ المضادة للصواريخ، وقيام أوباما بالضغط على الفلسطينيين لمواصلة عملية التفاوض. وكي تقبل إسرائيل بوتيرة المسيرة التي يقودها أوباما، فإن الرئيس الأمريكي يقوم كل يوم تقريبا بتقديم ضمانات ووعود جديدة لإسرائيل، من بينها ضمان تمركز قواتها على الحدود مع الأردن بعد قيام دولة فلسطينية، وذلك على افتراض قيام مثل تلك الدولة في المستقبل القريب، وكأن منطقة وادي الأردن ملكا لأمريكا وبالتالي من حق أوباما التصرف بها كما يشاء. ويأتي الضغط الأمريكي على الدول العربية والسلطة الفلسطينية لمواصلة عملية التفاوض كي يعطي أوباما لنفسه ما يكفي من أعذار للإدعاء بأن عملية المفاوضات لا تزال حية، بينما يقوم بمد إسرائيل بالمزيد من المعونات العسكرية والضمانات الأمنية والوعود بأراض فلسطينية جديدة. من ناحية أخرى، يأتي رفض نتنياهو لعروض أوباما بالنسبة لمنطقة وادي الأردن ليؤكد تصريحات إسرائيل التي تقول بأن كل الأراضي الفلسطينية هي جزء من "أرض إسرائيل"، ومن أجل ابتزاز المزيد من الدعم والضمانات الأمنية والسياسية الأمريكية، خاصة ضمان قيام أمريكا باستخدام الفيتو في مجلس الأمن الدولي في حالة قيام السلطة الفلسطينية بتقديم مشروع قرار يطالب المجلس بالاعتراف بدولة فلسطينية ضمن حدود الرابع من حزيران عام 1967.
مما لا شك فيه أن إسرائيل وأمريكا تتفقان على وجوب منع إيران من امتلاك السلاح النووي مهما كان الثمن، وذلك لأن الدولتين تتهمان إيران بأنها تشكل خطرا على أمن المنطقة والعالم. ولهذا نلاحظ تتابع التصريحات الصادرة عن قادة أمريكا ورجال الكونجرس وبنوك التفكير وقادة إسرائيل السياسيين والعسكرين مهددة بضرب إيران إذا لم توقف برنامجها النووي. وفي الوقت ذاته، تحصل أمريكا وإسرائيل على تأييد غالبية دول أوروبا الغربية خاصة فرنسا وألمانيا، ويقوم الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على إيران تتجاوز العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي. وفي ضوء موقف إيران المتشدد فيما يتعلق بحقها في مواصلة مشاريع التخصيب النووي وعدم شرعية الكيان الصهيوني، وتصاعد وتيرة التهديدات الأمريكية والإسرائيلية التي تبدو قد اقتربت كثيرا من خط اللارجعة، فإن احتمالات المواجهة تبدو كبيرة.
إن فلسفة نظام الحكم في إيران وتصريحات رئيسها تخلق مخاوف لدى العديد من الأطراف ذات المصالح الحيوية في منطقة الشرق الأوسط، تشمل عدة دول عربية. لكن غالبية الشعوب العربية لا تشارك حكوماتها نفس المخاوف، بل تبدي تعاطفها مع إيران، وذلك لأن إيران تجسد القوة الوحيدة التي تبدي استعدادا لمواجهة التحديات الأمريكية والإسرائيلية وتقوم فعلا بدعم حركات المقاومة العربية في لبنان وفلسطين. وهذا يعني أن قيام أمريكا وإسرائيل بضرب إيران يحمل في طياته مخاطر أمنية كبيرة بالنسبة للعديد من الدول العربية، خاصة الخليجية منها، وأن العدوان سيتسبب في حالة حدوثه في قيام إيران على الأغلب بضرب العديد من المنشآت العسكرية في الدول العربية. وهذا من شأنه تعميق فجوة الثقة بين الشعوب العربية وحكوماتها قد توصل العلاقة بين الطرفين في بعض الدول حد القطيعة والعداء.
د. محمد عبد العزيز ربيع        www.yazour.com

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,474,585

عدد الزوار: 6,992,951

المتواجدون الآن: 79