الإنقسام السياسي بين القوى الشيعية في لبنان يتفاقم..

تاريخ الإضافة السبت 7 تشرين الثاني 2009 - 2:36 م    عدد الزيارات 2387    التعليقات 0

        

 منذ فترة ما بعد حرب تموز التي جرت عام 2006، ونتيجة للخسائر الهائلة التي تعرض لها المواطن اللبناني بشكل عام والجنوبي بشكل خاص.. يعيش المجتمع الجنوبي والشيعي بشكل خاص حال من القلق.. خاصةً بعد أن وعد حسن نصرالله بالتعويض على المتضررين من هذه الحرب بالمال الحلال القادم على المحفة البيضاء التي لم تلوثها أدران وأخطاء وخطايا النظام العربي المتخاذل أمام الكيان الصهيوني وعدوانه المتمادي...دون ان يرى المتضررون هذا الكلام يترجم فعلياً على أرض الواقع.. بل ما برح نصرالله وفريقه يطالب الدول العربية عموماً والدولة اللبنانية خصوصاً بالمساعدات المالية وبتسريع إعادة الإعمار وهي التي لم تتأخر يوماً عن نجدة اللبنانيين عقب كل حرب وعقب كل أزمة وعقب كل صراع حتى لو كان داخلياً... وبعد ان أطل علينا صاحب شعار أشباه الرجال.. لإدانة القيادات العربية.. في حين كان هو يفاوض سراً في تركيا ولكن ليس علناً كالرجال..مخفياً مفاوضاته عن شعبه وعن سائر الشعوب العربية وحتى عن حلفائه الذين وضعوا جمهورهم وسائر الشعب اللبناني تحت نير العدوان الصهيوني الغاشم..لمدة 33 يوماً قاسى خلالها اللبنانيون عموماً والجنوبيون بشكل خاص كافة أشكال العدوان والإعتداء والظلم والتهجير..خدمةً لمشروع الممانعة والهيمنة..!! بعد كل هذا شعر أبناء الجنوب بخطورة المشروع الذي يقوده حزب الله..
عقب هذه الحرب وكنتيجة لها وللوعود التي أطلقها.. استطاع حزب الله أن يمسك بكافة تفاصيل الحياة السياسية والإعلامية والإجتماعية والإقتصادية والأمنية داخل المجتمع والشارع الشيعي بعد ان ارتد خلال الحرب وخاصةً بعد إنتهائها.. من حالة وطنية إلى حالة طائفية مذهبية محجماً حزبه وفريقه ودوره في إطار الصراع على السلطة بادعائه تمثيل الطائفة الشيعية فقط وحصراً.. وباحثاً عن أسماء وليس أطراف في سائر الطوائف لتكون حليفاً له ولسياساته بالأجرة خلال هذه المرحلة التي يفترض بل يجب أن تنتهي بالاستيلاء على السلطة السياسية في البلد بعد إلغاء إتفاق الطائف أو تعطيله وترهيب القوى السياسية وإفهامها بالمباشر ومن خلال بعض الأبواق السياسية والإعلامية أن سيناريو السابع من أيار ممكن أن يتكرر وبسلاح سبق أن أطلق عليه يوماً أنه سلاح المقاومة..!!
هذا الإمساك بمفاصل ومواقع الطائفة الشيعية في المجتمع اللبناني دفع حزب الله إلى إعلان رعايته لشؤون هذه الطائفة بالكامل..وإلى تشكيل ما يشبه الدولة ضمن الدولة فلا تتم مداهمة من قبل قوى الأمن إلا بعد مراجعة مسؤول الإرتباط ولا تتلف مزارع الحشيشة إلا بعد رفع الغطاء السياسي.. ولا يتم منع بناء مخالف إلا بعد مراجعة أصحاب الشأن..ولا يعتقل مطلوب إلا بعد مراجعة وموافقة من قبل حزب الله...وبالتالي أصبحت منطقة الضاحية الجنوبية ومناطق جنوبية معينة والبقاع الشمالي مثالاً غير مرغوب فيه..هذا الواقع المتفلت هو ما دفع حزب الله أخيراً إلى التوجه نحو الدولة ومؤسساتها الأمنية التي كان يهاجمها بالأمس ويتهمها بأنها ميليشيا (تيارالمستقبل) أو بأنها غير أهل للثقة أو بأنها (تصب الشاي) للعدو الصهيوني ليطلب منها العون والدعم بل والخلاص من هذا الواقع السئ وغير المحتمل الذي يعيشه جمهور واسع من اللبنانيين...غير القادرين على رفع الصوت..وفي هذا الشأن نشر موقع لبنان الأن الإلكتروني هذا الخبر..(قام وفد مؤلّف من النائب الحاج علي عمار ورئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية محمد الخنسا ورئيس لجنة الارتباط والتنسيق في "حزب الله" وفيق صفا، بجولة شملت كلاً من مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وقائد الدرك العميد انطوان شكور وقائد الشرطة القضائية العميد انور يحيى، حيث جرى التباحث في أمور السير وعمل سرية الضاحية الجنوبية، ودراسة الامكانيات والعناصر البشرية المطلوبة بما يتناسب مع الزيادة الحاصلة في حركة العمران وعدد السكان. كما تم التباحث في السبل الآيلة لتعزيز الأمن الاجتماعي في الضاحية، وتم طلب موآزرة قوى الأمن الداخلي للبلديات أثناء قيامها بواجباتها في تنظيم الأوضاع وضبط ازالة المخالفات)..... وتعليقاً على هذا الخبر نشر الزميل والصديق الحاج قاسم قصير مسؤول هيئة دعم المقاومة في حزب الله سابقاً... مقالاً..أوضح فيه الأسباب التي دعت الحزب للقيام بالزيارة تحت عنوان.. (قيادة "حزب الله" تعوّل على القوى الأمنية الرسمية لقمع انتشار السرقات والمخدرات والدعارة في بعض مناطق الضاحية). وقال الزميل قصير في هذا المقال..( أدى تزايد المشكلات الامنية والاجتماعية في المناطق التي يتواجد فيها "حزب الله" و"حركة امل" بشكل فاعل وخصوصا في الضاحية الجنوبية إلى اتخاذ قرار لدى قيادة الحزب بضرورة "العمل المكثف من اجل مواجهة هذه الاوضاع والطلب من قبل القوى الامنية اللبنانية نفعيل دورها في هذه المناطق"، وقد تمثل هذا التوجه من خلال الزيارات واللقاءات التي عقدها وفد من كتلة "الوفاء للمقاومة" وبلدية الغبيري مع عدد من قادة القوى الامنية والطلب منها تزخيم دور هذه القوى وابلاغها رفع الغطاء عن اي مخل بالامن وعدم السماح لاحد بالاخلال بالوضع الامني... وتقول مصادر مطلعة في "حزب الله" ان "قيادة الحزب بدأت تشعر بالفترة الاخيرة أن حالة الاهتراء التي تصيب الوضع العام في المناطق التي يتواجد فيها "حزب الله" وسلسلة الاحداث الامنية وآخرها ما جرى في عين الرمانة وداخل الشياح وبعض مناطق الضاحية الي بدأت تشكل خطرا مباشرا على الحزب وأهالي المنطقة"، مؤكدة أنه بات "من غير الممكن إبقاء الوضع على حاله لأنه يمس بالأمن الاجتماعي ويسمح بازدياد المشاكل الاجتماعية والاخلاقبة وخصوصا على صعيد السرقات والادمان على المخدرات وانتشار الدعارة بشكل يهدد بالوصول إلى امن المقاومة ويساهم بانتشار شبكات التجسس والعملاء". ويبدو ان قيادة "حزب الله" لم يعد لديها خيار إزاء هذا الواقع سوى العودة إلى القوى الأمنية الرسمية لان "الحزب لا يستطيع ان يحل مشاكل الناس وهمومهم ولانه يجد نفسه في مواجهة بعض العصابات وكذلك بعض المناطق المحمية عائليا وامنيا"، حسبما توضح مصادر "حزب الله" التي تشير إلى أن "الحزم الذي تمثل بتعاطي القوى الامنية مع حادثتي عين الرمانة والشياح مؤخرا سيشكل نموذجا جديدا لاداء القوى الامنية ولرفع الغطاء عن اي مخل بالامن في المنطقة حيث ستقف قيادة الحزب الى جانب القوى الامنية في هذا الاتجاه ولن تغطي اي مخل بالامن".)....
هذا الواقع المؤلم الذي يصيب شريحة واسعة من اللبنانيين سواء من الطائفة الشيعية الكريمة أو من سائر الطوائف الأخرى خاصةً وأن الضاحية الجنوبية تسكنها عائلات من مختلف الطوائف والمذاهب اللبنانية ولكنها تخضع حصراً لسلاح حزب الله وحركة أمل بما يضفي عليها صفة مربع أمني لحزب الله.. وقد أصاب هذا التفلت الأمني السائحين والوافدين إلى لبنان من العرب والأجانب والمغتربين..
 إحتكار التمثيل السياسي والتصريح السياسي للطائفة الشيعية..من قبل حزب الله وتغييب شريحة واسعة من قيادات ومثقفي الطائفة الشيعية، دفعت بعض القيادات الشيعية من دينية وغير دينية إلى اتخاذ خطوات جدية للتمحور في تكتلات وتجمعات حول مرجعيات تقدم نفسها للجمهور الشيعي بشكل خاص واللبناني بشكل عام على أنها حبل خلاص له ولسواه وللجميع من هذا الواقع المأزوم الذي تعيشه الطائفة نتيجة سياسات حزب الله السياسية والإعلامية والأمنية، وللخروج من العلاقة المتأزمة بين أبناء الطائفة الشيعية وسائر الطوائف اللبنانية.. مهما حاول حزب الله تجميلها بالعلاقات الطيبة مع بعض الأسماء التي لا تملك جسداً بشرياً وجمهوراً حياً بل هي أشبه بالدمى التي يحركها ساعة يشاء، للمديح طوراً وللذم تارة اخرى خاصةً عندما يريد مهاجمة مرجعيات دينية كالبطريرك الماروني الذي يتعرض لحملة شنيعة من بعض الألسن المدفوعة الأجر وكان أخر هذه الجولات والصولات ما أطلقه أحدهم أيضاً من اتهامات بحق سماحة مفتي الجمهورية ودار الفتوى.. في محاولة لاستكمال حلقات التدمير المنهجي للقيادات الدينية بعد السياسية ومن كلا الطائفتين السنية والمارونية اللذين هما ركيزة الوطن اللبناني وعماد استقامته واستمراره..وحول هذا الأمر أعلن سماحة مفتي صور الجعفري السيد علي الأمين في مقابلة له ورداً على سؤال مضمونه....

 * الواقع الشيعي يعيش في حالة قلق، برأيكم إلى ما مرد ذلك؟...يقول سماحة السيد علي الأمين..

- (القلق الذي يعيشه أبناء الطائفة في لبنان ودول الخليج وسائر الوطن العربي سببه السياسة التي إعتمدها الثنائي الشيعي خلال السابع من أيار وقبله، فبعد عدوان تموز ظهرت حالة من الإصطفافات المذهبية والطائفية الحادة نتيجة إحتلال وسط بيروت وإقفال المجلس النيابي وصولا إلى أحداث السابع من أيار التي سفكت فيها الدماء المحرّمة بلا مبرر· كنّا نقول لهم بأنّ هذه السياسة تساهم في عزل الطائفة الشيعية داخل الوطن وتؤدي إلى قطع الجسور بين سائر الطوائف اللبنانية، وإخافة الشيعة وجعلهم مصدر قلق لجيرانهم وشركائهم في الوطن، وفي الوطن العربي سيتحولون إلى مصدر للشك والريبة، لكن تلك النداءات لم تنفع، ولأجل ذلك فإنني تعجبت كيف أنّ الرئيس نبيه بري ذهب إلى الإمارات العربية المتحدة لحل قضية الشيعة المبعدين منها خصوصا وأنه بتحالفه مع حزب الله ساهما في إيصال الأمور إلى التي وصلت إليها اليوم عبر سياستهما الخاطئة التي في جوهرها تعبّر عن رغبات غير عربية)...·
وتأكيداً لهذا الكلام نرى أن هذا القلق أخذ يترجم بظهور قوىً سياسية وتكتلات جديدة تسعى للخروج بالطائفة الشيعية من حالة التشنج التي تعيشها مع الطوائف اللبنانية الأخرى وحتى مع بعض الدول العربية.. إلى حالة التوافق والتفاهم.. من هذه القوى..
- تيار الإنتماء اللبناني الذي يقوده السيد احمد الأسعد..
- اللقاء العلمائي المستقل الذي يرأسه المفتي أحمد طالب.
- اللقاء العلمائي اللبناني
- التيار الشيعي الحر
- المجلس الإسلامي العربي.. الذي يقوده سماحة السيد محمد علي الحسيني.. والذي يقول بأن المجلس الاسلامي العربي وعلى المستوى العربي قد أرسى (خطا سياسيا يقوم على ثلاثة مبادئ رئيسية: الاول، إحترام خصوصية کل دولة عربية في تعاطيها مع أبنائها، الى أي طائفة أو مذهب ينتمون، وتدبير شؤونها الداخلية بنفسها. والمبدأ الثاني، التصدي بحزم لأية محاولة خارجية، وخصوصا غير العربية، للعبث بأمن أية دولة عربية. والمبدأ الثالث، حث مکونات أية دولة على إلتزام النظام العام، وإعتماد الحوار، ولا شئ غير الحوار لنيل المطالب إذا وجدت، والمساهمة الفعالة في مؤسسات الدولة والانصياع التام للقانون العام)..
ولفتت بعض المصادر الشيعية المطلعة إلى أنه "يبدو أن الساحة الشيعية ستشهد المزيد من التفاعلات والتطورات على ضوء ما يحصل من خلال تأسيس اللقاءات العلمائية، وكذلك في ظل استمرار تداعيات "قضية صلاح عزالدين" التي طالت شريحة واسعة من أبناء الطائفة الشيعية حصراً من متوسطي الحال ومن أبناء الطبقة الميسورة والتي كان لافتاً أن من بين الأسماء التي تورطت في قضية عزالدين، قيادات بارزة في حزب الله كانت تحث المواطنين الشيعة على التقشف والتضحية والإستشهاد بينما هي تكنز المال والثروات..
وهنا يبرز دور سماحة السيد محمد حسن الأمين والسيد علي الأمين والنائب السابق محمد عبد الحميد بيضون..والأستاذ نسيب حطيط..وهو مسؤول سابق في حركة أمل..إضافةً إلى العديد من الصحافيين والمثقفين الشيعة الذين يتصلون ويتواصلون مع قوىً سياسية وإعلامية في مختلف التيارات والإنتماءات معبرين لها عن رفضهم ما آلت إليه الأمور في الساحة الشيعية من كم الأفواه وتغييب لدور المثقفين والقيادات السياسية والإجتماعية عن مواقع القرار والمشاركة في تصويب مسيرة أبناء الطائفة الشيعية مما يجعلها تحت سلطة حزب واحد يقودها باتجاه العداء والاستعداء مع الداخل من شركائه في الوطن من خلال الممارسات التي تتكرر كل يوم من اشتباكات ومخالفات وسوى ذلك مما ذكره الزميل قصير فيما اوردناه سابقاً بالتفصيل.. أو من طمع بعض الجشعين بأموال بعض أبناء الطائفة والعمل على إعادتهم سنوات إلى الخلف عبر سرقة اموالهم بطريقة إحتيالية أو بطريقة تحمل الطابع الشرعي..كما جرى مع الحاج صلاح عزالدين..أو استعداء دول الخارج على أبناء الطائفة وجعل المغتربين الشيعة تحت انظار الأجهزة المخابراتية في كل دولة يسعون فيها لرزقهم ورزق عيالهم..كما جرى في دولة الإمارات أخيراً..أو المشاركة في صراعات خارجية لا علاقة لدولة لبنان بها أو لأبناء الطائفة الشيعية من مصلحة فيها أو في ان يكونوا جزءاً منها كما جرى في العراق.. والأن الحديث يتصاعد عن تورط حزب الله في اليمن دون ان يرد حزب الله حتى الأن على هذه الإتهامات بالنفي او بالإيجاب..
إذاً الحراك في الساحة الشيعية يتواصل والقوى الحية والناشطة التي تتحلى بالروح الوطنية وتعتز بمفاهيم العيش المشترك والإنفتاح على الأخر يبدو أنها لن تسمح باستمرار هذه الحالة وتفاقمها وهي تسعى جاهدةً لإثبات حضورها وحضور جمهورها في مواجهة مشاريع الهيمنة والترهيب والتخويف والتهديد..وإثارة الفتن ومحاولة زعزعة الثقة باستمرار الكيان اللبناني واستقراره وعمل مؤسساته الدستورية وقواه الأمنية....
 

بقلم مدير المركز حسان القطب

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,689,849

عدد الزوار: 7,000,339

المتواجدون الآن: 71