" الشيعة المستقلون" في لبنان: ماذا تخبرنا ويكيليكس عن الجهود الأميركية لإيجاد بديل لحزب الله

تاريخ الإضافة السبت 31 كانون الأول 2011 - 12:14 م    عدد الزيارات 3124    التعليقات 0

        

" الشيعة المستقلون" في لبنان: ماذا تخبرنا ويكيليكس عن الجهود الأميركية لإيجاد بديل لحزب الله

 

ترجمة: وحدة الاعلام الالكتروني

المصدر: موقع غلوريا التابع لمؤتمر هرتسيليا

 

فيليب سميث

22 كانون الأول، 2011

 

قدمت البرقيات الديبلوماسية الأميركية التي نشرتها ويكيليكس نظرة جديدة في موضوع السياسة الأميركية في لبنان، خاصة في الجهود المبذولة لمكافحة حزب الله. إن استعداد حزب الله لاستخدام تركيبة تمزج بين القوة الشديدة من خلال العنف والإكراه مع لمسة أنعم عبر شبكات الرعاية الممتدة أعطته سيطرة لا مثيل لها على المجتمع الشيعي منذ ثورة الأرز 2005. باستخدام هذه الوثائق المسربة، ستركز الدراسة على الجهود، والنجاحات، والإخفاقات التي قامت بها مجموعات دينية، منظمات غير حكومية، وتنظيمات سياسية شيعية "مستقلة " لمكافحة نفوذ حزب الله المتفشي في أوساط شيعة لبنان.

مقدمة

قدمت الوثائق المسربة المنبثقة عن ويكليكس نظرة فريدة الى مجال السياسة الأميركية لم تكن مرئية من قبَل عدد من جماعة المحللين. وبما يخص موضوعنا، هناك حوالي 250000 برقية من المصنفة سرية، غير سرية، وخاصة قد تم نشرها. من تلك البرقيات هناك 2500 برقية تقريباً مصدرها السفارة الأميركية في بيروت.

تعود البرقيات الخاصة بلبنان الى الفترة ما بين عامي 1985 و 2010، وتغطي معظمها الفترة الممتدة ما بين 2005 و2010. توفر البرقيات معلومات وفيرة مباشرة مستقاة من المصدر الأصلي، إضافة إلى حيل الضغط، ومعلومات خاطئة مضللة محتملة، وتقييمات مختصرة عن اجتماعات مع مسؤولين، ومواطنين عاديين، ورؤساء منظمات غير حكومية. وفي إثبات للهواجس الأميركية البالغة بخصوص المجموعة، أشارت الفايننشال تايمز إلى أن " كل برقية ذات صلة بلبنان تستحق القراءة لها علاقة ما بحزب الله". (1)

وفي كل البرقيات المنشورة، تبدو الهواجس الأميركية بشأن حزب الله وإيجاد طرق لمكافحة المجموعة مكشوفة بشكل بارز.

كان لوثائق ويكيليكس المسربة تأثير سياسي أكبر في بعض البلدان من غيرها. ويقول أحد العناوين الرئيسة، " ويكيليكس تهدد برفع التوترات في لبنان"(2). وقد رحبت القوى المعادية لأميركا في لبنان بهذه الوثائق المسربة. وكان لصحيفة " الأخبار" اللبنانية الموالية لحزب الله طريقة وصول خاصة لعدد من وثائق ويكيليكس غير المنشورة سابقاً وسرعان ما نشرتها على موقعها الإلكتروني على الإنترنت(3). وعندما تمت قرصنة الموقع وحذفه، قدم حزب الله دعمه، داعياً الهجمات الإلكترونية، " هجوماً على حرية الرأي والتعبير"(4). ورغم أن صحيفة الأخبار قد نشرت الوثائق، على الأرجح، بأمل إحراج الولايات المتحدة، وإسرائيل، والمعارضة اللبنانية لحزب الله في تحالف 14 آذار، فقد كشفت الوثائق عن حملة العنف لحزب الله، واستغلال التهديدات، والصدع المستمر بين حزب الله وحليفته حركة أمل الشيعية الموالية لسوريا. إضافة إلى أساليب حزب الله المزدوجة ، فقد أظهرت الوثائق المسربة أيضاً الدعم الأميركي لإيجاد بدائل لحزب الله داخل المجتمع الشيعي الذي يهيمن عليه.

كان هناك أمل أنه مع وجود السيادة اللبنانية الكاملة، سيكون بإمكان تحالف 14 آذار المؤلف بشكل رئيس من سنة، ومسيحيين، ودروز، تهميش حزب الله ديمقراطياً. وفي نفس الفترة تقريباً، أثبت عدد من وثائق ويكيليكس المسربة عن مصلحة في وجود بدائل شيعية لحزب الله. وبعد الفشل الإسرائيلي بتدمير حزب الله في حرب إسرائيل – حزب الله عام 2006، تزايدت قوة الحزب (5). وقد تمت استشارة عدد من المجموعات السياسية والمنظمات غير الحكومية الشيعية وتم التحدث إلى هؤلاء من قبل السفارة الأميركية في مجهود لمكافحة حزب الله سياسياً، وجعل عضويته تتآكل، وخلق أفكار جديدة داخل المجتمع الشيعي وانتهاج طريق بعيد عن دعم حزب الله.

في كل الأحوال، واجه شيعة لبنان المناهضون لحزب الله عدداً من الصعوبات. بعض هذه المشاكل والصعوبات كان ناشئاً من تهديدات حزب الله وموارده الضخمة. المشاكل الأخرى يقع اللوم بشأنها على فشل تحالف 14 آذار بإشراك المجتمع الشيعي بالكامل. وفي حالات أخرى، أدى تكاثر أحزاب شيعية صغيرة مستقلة وعدم استعداد بعض قادتها للعمل مع أحزاب شيعية مستقلة أخرى إلى صدور إحدى البرقيات التي سمتهم بـ " العديمي الشكل "(6). وكان على صناع السياسة الأميركية التعامل أيضاً مع مجموعات شيعية رئيسة ذات استقلالية معينة وأكثر هيمنة والتي لديها صلات بالإرهاب، وسياسة معاداة أميركا، والفساد، إضافة الى صلات مع تلك التي قد تكون، في الواقع، واجهات لحزب الله. وقد لخص السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان هذه المشاكل في برقية واحدة، قائلاً: " متن المركب مكدس بمن هم ضد الشيعة المستقلين".

للاحتفاظ بولاء قاعدته الشعبية، يدير حزب الله، من خلال مؤسساته - الواجهة كالهيئة الصحية الإسلامية، ثلاث مستشفيات، 12 عيادة طبية، 20 مستوصفاً، 20 عيادة لطب الأسنان، 10 إدارات للدفاع المدني (الحريق والإنقاذ) وبرامج توعية صحية مختلفة"(10). إما مشاريع البناء، كإعادة بناء ما تهدم نتيجة حرب 2006، فقد تولت القيام بها جهاد البناء، المجموعة الواجهة لحزب الله. وتقدم مؤسسة جهاد البناء، بحسب

أحد الصحافيين الشيعة، خدمات بناء مجانية لسكان جنوب لبنان وتدعم أعمالاً خدماتية أخرى كبناء ملاعب التنس والمخيمات الصيفية للشباب" (11).

 

يشغِّل حزب الله أيضاً مؤسسة " وعد" للإعمار. فبعد حرب حزب الله- إسرائيل 2006، قامت الهيئة العليا للإغاثة اللبنانية بدفع مبالغ وصلت قيمتها إلى حوالي 53000 دولار لأصحاب المنازل التي تضررت في الحرب(12). وبحسب عباس صباغ، الصحفي الشيعي، " قام البعض بتكليف مؤسسة وعد ، بواسطة المال الذي أعطتهم إياه الحكومة اللبنانية، للقيام بأعمال الترميم". وأضافت السفارة تقول: " كان يقال لنا، عادة، إن الناس الذين تلقوا الأموال قاموا بإعطاء مؤسسة "وعد" مبلغ 30 مليون ليرة لبنانية ( حوالي 20000 دولار) وطُلب منهم إبقاء 10 مليون ليرة معهم ( 6500 دولار) كـ "هدية" من حزب الله(13).

رأى المفكر الشيعي المستقل محمد عبيد أن حزب الله قد يكون " ثاني أكبر موظّف في لبنان... بعد الحكومة اللبنانية"(14). وأشار الى أن لدى حزب الله حوالي " 40000 موظف على جدول رواتبه المدفوعة، بمن فيهم المسؤولون السياسيون، الاجتماعيون، والعسكريون"(15). وبحسب مصادر سرية أخرى للسفارة، بما في ذلك القوات الدولية المؤقتة في لبنان ( اليونيفيل) و" سياسيين شيعة محترمين"، يتلقى حزب الله ما بين 10 إلى 50 مليون دولار شهرياً من إيران(16).

تواجه البدائل الشيعية الأصغر حجماً والأحدث عهداً مهمة عبثية إذا ما كان هؤلاء يأملون بإنشاء برامج رعائية أسوة بتلك التي لحزب الله. وفي برقية حول العمليات الخيرية لحزب الله، تم تحليل عدد من نشاطات المجموعة لدعم حزب الله. فبالنسبة لأولئك الذي ماتوا وحاربوا في صفوف حزب الله، " تقدم مؤسسة الشهيد الإيرانية (واجهة موالية لحزب الله) لعائلات " الشهداء" شقة في جنوب بيروت بقيمة 35000 دولار تقريباً؛ وراتباً شهرياً؛ ورحلة مجانية للحج الى مكة" (17).

في آذار 2009، قال خليل الخليل، المستقل الشيعي، للسفيرة الأميركية سيسون إن الشيعة غير الداعمين لحزب الله، " يعانون من عدم التنظيم ويفتقرون إلى الآليات الفعالة لمعارضة وتحدي شبكة حزب الله وأمواله"( 18). ومع نظامها الرعائي الخاص الذي يشفط الأموال من الحكومة، لا يزال حزب الله يسبق ويبز حركة أمل، الحليف السياسي لحزب الله وأشد منافسيه، بالمكاسب التي يقدمها لأعضاء حزبه(19). وفي برقية سرية تمت الإشارة إلى أن " حركة أمل تقدم، على الأكثر، فرص التوظيف لعائلات الشهداء" كما قال أحد الصحافيين الشيعة العاملين لدى صحيفة النهار اللبنانية(20).

بالنسبة لأولئك الذين لا يمكن شراؤهم أو إقناعهم، غالبا ًما يكون التهديد هو الأساس لدى حزب الله. وغالباً ما كان المستقلون الشيعة ينالهم عقاب حزب الله العنيف بسبب مناشدتهم الشيعة عدم الانجرار في خط حزب الله. وخلال حرب حزب الله- إسرائيل 2006، انطلقت صواريخ من منزل أحمد الأسعد، السياسي الشيعي المناهض لحزب الله، الى داخل إسرائيل. وبحسب إحدى برقيات 2007، لقد شعر الأسعد بأن " حزب الله

أطلق الصواريخ على الإسرائيليين من منزله الشاغر ليشكل ذلك دعوة لرد فعل انتقامي إسرائيلي ضد ممتلكاته". وعقب انتقاداته لحزب الله، قصف الإسرائيليون المنزل.

أما الشيعي المستقل الدكتور أحمد شهاب فقد تم ضربه، وإطلاق النار عليه، و" تُرك بحالة حرجة على أدراج مستشفى محلي ( النبطية)" بعد انتقاده لحزب الله أثناء استيلائهم المسلح على بيروت في أيار 2008. (21) كما تم استهداف دريد ياغي الشيعي أيضاً، نائب الزعيم الدرزي وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وذلك خلال حرب أيار 2008. وبحسب إحدى البرقيات السرية، " تم استهداف منزل ياغي في البقاع بمتفجرتين... وأطلق مسلحون النار على غرفة نومه في الوقت الذي كانت فيه زوجته في غرفة الجلوس"(22). وفي نفس الفترة الزمنية تقريباً، تم تهديد وإزعاج عبد الله بيطار، رجل أعمال ورئيس غرفة التجارة في النبطية، و"ضُغط عليه" لبيع ما قيمته 600000 دولار من الأعمال التجارية بـ 200000 دولار بعدما ذهب الى الولايات المتحدة مع أحد السياسيين الشيعة المستقلين البارزين(23).

وكما هو الحال مع مؤسسات وأفراد شيعة مستقلين، كذلك الحال مع رجال الدين الذين يقاومون"المقاومة" والذين غالباً ما كانوا يقابلون بالعنف والإكراه. فالسيد علي الأمين، مفتي جنوب لبنان ورجل دين شيعي بارز مناهض لحزب الله، أزيح من منصبه بالقوة كمفتيّ من قبل حزب الله خلال القتال الذي جرى في أيار 2008. وعند هروبه من منزله في منطقة صور التي يسيطر عليها حزب الله، " كانت مهمة رحيله صعبة عندما هوجم سائق العائلة وتمت مضايقة العائلة عند نقاط التفتيش التابعة لحزب الله ما إن تركوا الجنوب"(24). وبحسب ما قال دريد ياغي، كان نجل الأمين مستهدفاً حتى من قبل حزب الله بعدما أزيح من منصبه من قبل حرس البرلمان(25). وحل مكان الأمين في منصبه في صور رجل دين موالٍ لحركة أمل.

أخبر الصحافي علي الأمين المناهض لحزب الله السفارة الأميركية عن ثلاث قضايا لن يسمح حزب الله بانتقادها: السيد حسن نصر الله قائد حزب الله، و"دور حزب الله كحركة مقاومة كما يصف نفسه"، وتسليم حزب الله لسلاحه (26). "عندما اجتاز أحدى هذه الخطوط الحمر في الماضي، تلقى تهديدات بالموت"(27). وفي برقية أخرى تصف اجتماع الشيخ المستقل محمد علي الحاج مع القائم بالأعمال الأميركي، تمت الإشارة الى أن "حزب الله كان يتعقبه وعائلته لأشهر"(28).

 

 

" الطريق الشيعي الثالث": الحياة السياسية، والأحزاب، والمنظمات غير الحكومية

حتى قبيل ثورة الأرز 2005 ، تقدمت مجموعة واسعة من الشيعة، تضم رجال دين، ومفكرين، وأفراد عائلات بارزة، وقادة سياسيون- إقطاعيون معروفون بـ " الزعماء" لمعارضة حزب الله. بعض هؤلاء الشيعة كانوا منتسبين الى تحالف 14 آذار. وفي أواخر آذار 2009، قال سفير لبناني متقاعد وشيعي مستقل وبارز للسفيرة الأميركية السابقة ميشال سيسون إن " أعداداً كبيرة من اللبنانيين الشيعة المحترمين لا

يدعمون حزب الله حقاً" (29). هؤلاء الشيعة المستقلون يريدون حزباً شيعياً على نمط " الطريق الثالث" ينهض ليجتذب المعتدلين غير المنتمين لأمل أو لحزب الله. وفي حين أن بعض أفرقاء " الطريق الثالث" الشيعة لا يؤيدون، علناً، أو يتماشون مع تحالف 14 آذار، فإنهم مع ذلك روجوا لكثير من مشاعر وغايات التحالف.

منذ أن بدأت كمجموعة مظلة شيعية مستقلة، كانت "مجموعة الخيار اللبناني" من صنيعة أحمد الأسعد الشيعي (30). كما أن الأسعد هو أيضاً رئيس حزب الكفاءات الشيعي المستقل. وينحدر أحمد الأسعد من عائلة الأسعد الشيعية الثرية المالكة للأراضي. ففي السنوات الأولى من عمر الجمهورية اللبنانية، كان أفراد عائلة الأسعد زعماء بارزين ومسؤولين حكوميين. وقد كان كامل الأسعد، جد أحمد الأسعد، رئيساً لمجلس النواب. في كل الأحوال، لقد تحرر أحمد الأسعد من خلفية عائلته ورفض النظام الإقطاعي الذي أكسب عائلته السلطة. أما تقييم روجر شانهان لسياسات أحمد الجديدة واندفاعه في السياسة فكان سلبياً، إذ كتب يقول: " يرجح أننا قد شهدنا الزوال السياسي لسلالة الأسعد التي كانت مهيمنة ذات مرة" ( 31). أما الانتقادات الأخرى للأسعد فقد جاءت من برقيات مسربة تثبت عدم استعداده للعمل مع مجموعات شيعية مستقلة أخرى وأمله بقيادة جهود سياسية شيعية مستقلة (32).

أما عائلة آل الخليل، وهم عائلة زعماء تقليدية من جنوب لبنان، فقد شكلت مجموعة أخرى من المستقلين الشيعة. إن مقاربة آل الخليل مختلفة عن تلك التي للأسعد، إذ اعتبر خليل الخليل مقاربة الأسعد العلنية والصريحة لحزب الله بـ " الخطأ الكبير"( 33). تاريخياً، كان آل الخليل معارضين طبيعيين للأسعديين في مسعىً لأن يصبحوا الزعماء المهيمنين على شيعة جنوب لبنان. هذه الحقيقة لم تمنعهم من تقاسم الهدف المتشابه، معاداة حزب الله. وقد عبَّر وليد جنبلاط عن شكوكه حول العمل مع آل الخليل وقابليته للحياة بسبب حربهم الأهلية وبسبب حقبة المنطقة الأمنية في جنوب لبنان، " الميليشيات الخاصة مع الإسرائيليين"( 34).

إنتقد أعضاء الصحافة الموالية لحزب الله، وبشدة، الدعم الأميركي لآل الخليل وآل الأسعد. وقد أشارت إحدى البرقيات الى انتقاد صحيفة الأخبار لزيارة القائمة بالأعمال آنذاك ميشال سيسون الى النبطية، وقد صرحت بأن هدف الحكومة الأميركية هو " إعادة إحياء الإقطاع الجنوبي المتحلل الذي كانت تمثله عائلتا الأسعد والخليل" ( 35). أما رجل الدين الشيعي المعتدل محمد علي الحاج فقد نُقل عنه أنه قال إن الشيعة المعتدلين قد نمّوا حالة من "عدم الثقة" بكلتي العائلتين وفضلوا بدلاً عنهما استقرار أمل وحزب الله (36).

لم تكن العائلات ذات الخلفيات الإقطاعية هي العائلات الشيعية المستقلة فحسب. إذ كان أحد أبرز الأفراد الشيعة المستقلين إبراهيم شمس الدين، الذي جعله ائتلاف 14 آذار في العام 2008 وزيراً للإصلاح الإداري. شمس الدين هو نجل رجل الدين الشيعي الراحل المحبوب والنافذ للغاية الإمام محمد مهدي شمس الدين. وقد وصف إبراهيم شمس الدين نفسه للمسؤولين الأميركيين بأنه " شيعي أصولي حقيقي" لم يدعم رؤية حزب الله حول الحكومة الإسلامية وبأنه " صديق للولايات المتحدة"( 37).

هناك أحزاب أخرى كانت صنيعة مباشرة لتحالف 14 آذار، فـ " الخيار اللبناني " هو حزب على النمط الشيعي المستقل الذي "يتلقى تمويلاً متواضعاً من 14 آذار" (38). وتم انتخاب اثنين من أعضاء " الخيار

اللبناني" هما باسم السبع وغازي يوسف ليكونا نائبين في البرلمان، لكن الشيعة كانوا ينظرون الى "الخيار اللبناني" – خاصة للمستقلين – على أنه ليس أكثر من عملية مدعومة من قبل سعد الحريري، وبالتالي كان ينظر إليه كواجهة سنية.

لعبت المنظمات اللبنانية غير الحكومية الشيعية المستقلة دورا ً في محاولة خلق " طريق ثالث" بالتفكير بإبعاد الجماهير الشيعية عن احتضان حزب الله. مع ذلك، واجهت هذه المنظمات غير الحكومية مشاكل في التمويل ومحاولات من قبل حزب الله لإغلاقها. أما إحدى هذه المنظمات فهي " هيا بنا" التي تم تأسيسها لتوفير "منصة للأصوات المعتدلة، والليبرالية، والمستقلة، والملتزمة بمقاومة ثقافة الخوف وعدم التسامح"، مع مشاريع تشمل تعليم اللغة الإنكليزية للنساء والترويج للقيم الديمقراطية اللاطائفية (40). وبحسب برقية صادرة في حزيران 2008، كان الاتحاد الأوروبي واليابان حذريْن من دعم المجموعات الشيعية المستقلة. وتمت مناقشة قضية " هيا بنا" المدعومة أميركياً ( بقيادة لقمان سليم) مع مسؤولين أميركيين (41). وصرح سليم بأن الاتحاد الأوروبي لم يكن يدعم المنظمات الشيعية المستقلة بسبب الخوف من نفوذ حزب الله الكبير. وقال سليم للقائمة بالأعمال آنذاك ميشال سيسون إنه يشعر بأن الاتحاد الأوروبي يريد " البقاء على الجانب الآمن وتجنب الدعم العلني" (42). وبرغم المخاوف من تمويل منظمات غير حكومية مناهضة لحزب الله، أسست " هيا بنا" برامج تعليمية عديدة، ومدارس دينية، وساعدت على إنشاء عدد من التنظيمات الشيعية المستقلة.

 

حركة أمل البديل

وراء حزب الله، تأتي حركة أمل، أقوى مجموعة سياسية في أوساط الشيعة في لبنان. وقد جاهدت المجموعة، التي أسسها " الإمام المغيب" موسى الصدر، لإعطاء شيعة لبنان " المحرومين" صوتاً معبراً في البلد وحمايتهم من مختلف الأعداء. وفي أواخر السبعينات، كان نبيه بري أقوى لاعب في التنظيم، ليصبح قائده في نيسان 1980، ولا يزال يشغل هذا المنصب حتى اليوم(43).

كان لحزب الله وحركة أمل تاريخ متقلب منذ الثمانينات. فقسم كبير من حزب الله كان قد تشكل من أفراد الفئة الإسلامية الموالية لإيران في حركة أمل (44). ومن العام 1987 وحتى 1989، خاضت المجموعتان عددا ًمن المعارك ضد بعضهما بعضاً في الجنوب وبيروت (45). وعلى امتداد فترة التسعينات، والى حين حصول ثورة الأرز، تنافست المجموعتان للحصول على سلطة أكبر داخل المجتمع الشيعي. مع ذلك سهلت سوريا المحتلة للبلد " لكل من حزب الله وأمل ...العمل على لوائح انتخابية مشتركة لخوض الانتخابات الوطنية" ( 46). بعد ثورة الأرز، شعرت المجموعتان بأن الشيعة ( خاصة الشيعة الموالين لسوريا) قد يتم تهميشهم بسبب تحالف 14 آذار الصاعد المشكل من مسيحيين، ودروز ومسلمين سنة وبالتالي تعاونتا مع بعضهما بعضاً تعاوناً وثيقاً.

لا يزال يُنظر الى حركة أمل على أنها الممثل العلماني الأكثر شعبية بالنسبة للشيعة الذين لا يرغبون بالانتماء الى الإسلاموية المتطرفة لحزب الله. في كل الأحوال، كانت المجموعة تعاني من الفساد والقيادة

الاستبدادية لنبيه بري. قال أحد أفراد عائلة موسى الصدر إن بري لم يحول خدمات اجتماعية لشيعة الجنوب إلا عبر "اللف والدوران، والصفقات والسرقة" (47). وقد أوجزت برقية سرية صادرة في العام 2004 هذه القضايا بالقول: " حركة أمل محط سخرية شاملة تقريباً بسبب الفساد الضارب فيها حتى الصميم، لكنها تعتبر أيضاً البديل الوحيد للشيعة المعتدلين العلمانيين".

جاءت قيادة بري وسط عاصفة من الانتقادات من داخل وخارج صفوف حركة أمل. كما أن الحركة تشهد خسارة في أعضائها بسبب سحبهم الى حزب الله. وقد ناقش المفكر الشيعي المستقل محمد عبيد انحدار أعداد حركة أمل، كاشفاً للسفارة الأميركية عن أن أعضاء حركة أمل كانوا يتحولون الى حزب الله كما لم يحصل أبداً من قبل وأن "حوالي 5000 من موظفي الحكومة الذين يدينون بالفضل في وظائفهم لرعاية بري يتركون حظيرته" ( 49). وأضاف النائب السابق في حركة أمل محمد بيضون الى هذا التقييم قائلاً، " هناك 2000 الى 3000 شاب تركوا أمل وذهبوا إلى حزب الله" ( 50).

كانت هناك قضية كبرى في أوساط الناس العاديين المنتمين لحركة أمل تتعلق بالسؤال عمن سوف يتسلم زمام الحركة بعد موت نبيه بري أو تقاعده. ففي السنوات الأخيرة، مضى بري بعيداً من حيث طرده لقادة محبوبين في الحركة كانوا يشكلون تهديداً محتملاً لقيادته. إحدى هذه الشخصيات كان النائب السابق عن منطقة صور، محمد بيضون، الذي وُصف في إحدى الوثائق بأنه " قائد شعبي شاب وديناميكي"(51). وانضم بيضون لاحقاً إلى صفوف الشيعة المستقلين. وبحسب اتصالات أمل مع السفارة الأميركية، كان بري يهيئ ابنه عبد الله ليكون خلفاً له. في كل الأحوال، " ليس لدى عبد الله مصداقية كبيرة داخل الحركة أو في المجتمع الشيعي" (52).

قبيل اندلاع معركة الرشاشات والمدافع بين حزب الله و 14 آذار في أيار 2008، قال محمد بيضون للسفارة الأميركية: " حزب الله لا يميل لحمل السلاح بحد ذاته، لكنه قد يشجع بعض حلفائه على ذلك... لخلق بعض من الفوضى الأهلية الثانوية"( 53).

وقد استخدم حزب الله أمل بنجاح لتحقيق غاياته في بيروت. وتمت الإشارة الى أن "من شوهدوا من المشاغبين كانوا من مقاتلي حركة أمل غير المنضبطين وغير المجربين، في حين أن مقاتلي حزب الله الكبار المحنكين ظلوا خلف الكواليس"( 54). أما تقييم رجل الدين الشيعي علي الحاج فهو أن بري الذي يشكل "البيدق السياسي الممتاز" لدى حزب الله قد اكتسب مصداقية أكبر بكثير(55). هذا الشعور انتهى باستنتاج للقمان سليم، رئيس شيعي لمنظمة غير حكومية، يقول فيه: " أمل انتهت. لقد كانت تخسر الأرض منذ زمن طويل وحزب الله لعبها بشكل ممتاز"(56).

بالنسبة لبعض المستقلين، كانت مسألة إعادة التشكيل داخل حركة أمل الجواب الوحيد على قوة حزب الله المتنامية. ورغم أن محمد عبيد دفع بهذه الفكرة، فإنه شعر بأن تشجيع حركة شيعية ثالثة لأخذ المسرح السياسي سيكون أمراً خاطئاً. فخطته كانت مكافحة حزب الله، عن طريق إعادة تشكيل أمل من خلال استعادة تعاليم الإمام موسى الصدر. وتحدث عبيد عن غضب أعضاء كبار بسبب استعداد بري للسماح

لحزب الله بامتصاص أمل" (57). وقال عبيد للسفارة إن إيران استثمرتا الملايين في مصنع للإسمنت كان يديره بري(58). وفي برقية منفصلة أكد أن بري كان يتلقى 400000 دولار شهرياً من إيران(59).

إن تعامل بري مع حزب الله وإيران لم يجعله محصناً من انتقاده لحزب الله في مجالسه الخاصة. ففي عدد من البرقيات، كان كره بري لحزب الله قضية أساسية. وفي إحدى البرقيات، قال بري، " من يحتاج" الى حزب الله( 60). وفي برقية أخرى، يزعم بري أنه خدع حزب الله بالسماح للجيش اللبناني بدخول جنوب لبنان(61). وكان لمسألة الكشف عن وثائق ويكليكس تأثير كبير على شراكة حزب الله وأمل . وفي نيسان 2011، زعمت صحيفة الحياة أن الوثائق المنشورة " قد تسببت بصدع ، تقريباً، في العلاقات الاستراتيجية بين أمل وحزب الله"(62). أما نصر الله، وفي مجهود منه لإخماد أي صدام محتمل أو صدع بين الفريقين، فإنه " تدخل مباشرة" وزعم في خطاب له أن تقارير ويكيليكس هي نتاج " أولئك الذين يستهدفون حزب الله"، وممن " هدفوا دوماً الى زرع إسفين بيننا وبين حركة أمل" (63). وزعم مصدر لصحيفة الحياة أيضاً أن نصر الله حاول تخفيف التوتر بين " الحليفين الشيعيين"( 64). من جانبه، قال بري لصحيفة السفير إن الوثائق عبارة عن " مؤامرة" وإنها " سامة" (65). مع ذلك، وبرغم حملة العلاقات العامة، فإن كره بري – وامتداداً كره حركة أمل – لحزب الله قضية حاضرة حالياً.

في العام 2004، زعم القائم بالأعمال الأميركي السابق كريستوفر و. موراي أنه، " نتيجة لفساد حركة أمل وقيادة بري الرديئة، تزداد قوة حزب الله السياسية" ( 66). فالفساد ونقاء حزب الله، المجتمعان مع الافتقار إلى وريث شرعي لقيادة أمل، قد يمثل هلاكاً بالنسبة للحركة. كانت هناك إحدى البرقيات بعنوان "ما الخطب بحركة أمل؟" والتي مضت بعيداً في قولها التالي: " إن كثيراً من مؤيديها معادون لحزب الله أكثر مما هم موالون لأمل" (67). مع ذلك، وإذا ما حدثت مشاكل داخل أمل، فإن الأعضاء العلمانيين وأولئك الذين يتناحرون مع حزب الله قد يوفرون أعداداً كبيرة للأحزاب الشيعية المستقلة التي لا تزال صغيرة. فإذا كانت إيديولوجية الإمام الصدر ذات القيادة الموثوقة والأقل فساداً يتم تشكيلها في حزب الوريث، فإن هناك فرصة جيدة بأن تتمكن أمل من العيش وتوفير ثقل موازن أفضل إزاء حزب الله.

 

المعركة الدينية ضد حزب الله

اعتنق قادة رجال الدين الشيعة التقليديون، وبشكل طبيعي، صيغة " التقية"، التي وفقاً لها، يظل هؤلاء محايدين بما يتعلق بالسياسة. هذه السمة للقيادة الدينية الشيعية تعتبر التيار السائد وهي بقيادة رجل الدين آية الله علي السيستاني الموجود في النجف(68). إن صيغة التقية للمذهب الشيعي تختلف بشكل كبير عن تبني حزب الله لفلسفة الحكومة الإسلامية عن طريق " ولاية الفقيه"، التي دعا اليها آية الله الخميني الإيراني. إذ شكل نظام الخميني بجعل قادة رجال الدين المسلمين يمسكون بالسلطة السياسية انطلاقة جذرية. نتيجة لذلك، أشعلت الإيديولوجية الخمينية المتطرفة عدداً من الجدل والنقاشات الدينية في المجتمع الشيعي وتسببت بصدع ما بين المدن الشيعية المقدسة في النجف وقم(69). وعلى خلاف حزب الله، الذي يتطلع الى مدينة قم الإيرانية المقدسة بما يتعلق بالكثير من إرشاداته الدينية، فإن معظم اللبنانيين كانوا يتطلعون إما الى الراحل

السيد محمد حسين فضل الله في لبنان وإما الى آية الله علي السيستاني في النجف، أما فضل الله الذي كان يعتبر على نطاق واسع الزعيم الروحي لحزب الله، فقد أظهر قبولاً أكثر بفكر ولاية الفقيه للخميني (70). وبما أن إيديولوجية حزب الله تعتمد على دعم وتوجيه رجال الدين الشيعة، فقد كانت مكافحة الحزب عن طريق استخدام رجال دين شيعة يختلفون مع إيديولوجية المجموعة استراتيجية ناجحة جداً.

لم يفت واقع أن السيستاني الشعبي والمحبوب لم يعتنق السمة الشيعية لحزب الله لا أمل الأكثر علمانية ولا الشيعة المستقلين. ففي عام 2004، قال بري للسفير الأميركي آنذاك فنسنت باتل، " يتطلع أتباع حركة أمل الى آية الله العظمى علي السيستاني كمصدر رئيس وأولي لهم للسلطة الدينية" (71). أما وزير الدولة لشؤون الإصلاح الإداري، الشيعي المستقل، إبراهيم شمس الدين فقد أشار الى أن السيستاني، كقائد ديني، ينبغي أن يكون أكثر مرئية وأكثر صراحة (72). في كل الأحوال ليس كل الشيعة داعمين للسيستاني. وزعم السيد علي الأمين أن السيستاني لم يفعل الكثير لمساعدته عندما تمت مهاجمته من قبل حزب الله وأنه يساعد على تمويل أمل وحزب الله(73). لدى الأمين شكوك حول وجود مجموعة إقليمية تشمل رجال دين عراقيين معارضين لتنظيم لبناني رئيس و" وصف افتقار الشيعة اللبنانيين المستقلين الى دعم الشيعة العراقيين، الذين وصفهم بأنهم خائفون من مواجهة النفوذ الإيراني في العراق" (74).

بما أن حزب الله يهيمن على مجموعة من رجال الدين المؤثرين، أي المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، فقد توصل بعض الشيعة المستقلين الى أن أفضل خيار سيكون إنشاء مجموعتهم الدينية الشيعية الخاصة(75). وفي العام 2008، قال محمد مطر، محام شيعي بارز ومستقل وصديق حميم للحريري، للسفارة الأميركية إنه في خضم إنشاء مؤسسة تتعلق بمركز أبحاث على نسق " Chatham House" للشيعة، تدعى " Lebanese Analitica Matrix" ( LAM). وبحسب مطر، "تضم LAM حوالي 180 رجل دين شيعي ولديها علاقات قوية مع الزعيم الروحي الأعلى في العراق، السيد علي السيستاني" (76). وشعر الأمين بأن وجود مجموعة دينية مستقلة تضم رجال دين، ورجال أعمال، وآخرين يتقاسمون فيما بينهم إيديولوجية دينية معتدلة سيكون بمثابة مسار أكثر نجاحاً. هذا الائتلاف هام، قال الأمين، لأنه لا يمكنك محاربة حزب الله بالدعاء وحده (77).

ناقشت برقية أخرى ( تضم الأمين أيضاً) صادرة بنفس اليوم آمال الأمين بوجود مجموعة دينية مهنية شيعية تضم عدداً من الشيعة المستقلين مقترحاً أمام القائم بالأعمال في السفارة الأميركية أن يتم تشكيل "الاتحاد الشيعي الأعلى"، على أن تكون عضويته مؤلفة من مفكرين ورجال دين. وهذا الاتحاد يعمل بظل قيادة السيد علي الأمين، وكان يؤمل أن يلعب دوره كمعارض رسمي للاتحاد الديني التابع لحزب الله(78).

ألغى أحمد الأسعد إنشاء هذا الاتحاد للدفع بتجمعه الديني الشيعي المستقل الخاص به. واقترب الأسعد من السفارة للحصول على التمويل لعقد اجتماع يضم كبار رجال الدين الشيعة في بيروت. وكان يأمل بأن يضع 300 رجل دين على جدول رواتب " مجموعة الخيار اللبناني" التابعة له. أما السفارة الأميركية فقد رفضت، واصفة الخطة بأنها " غير مدروسة جيداً" وبأنها " الأقل إثارة للإعجاب والأكثر أنانية بشكل واضح" (79).

هذه الأفكار المنفصلة لإنشاء مجموعة دينية لا يسيطر عليها حزب الله اندمجت في النهاية في " اللقاء العلمائي المستقل"، الذي نشأ في أيلول، 2009. وبشكل مثير للسخرية، كان الشيخ أحمد طالب العضو في هذا اللقاء العلمائي المستقل صهر رجل الدين النافذ محمد حسين فضل الله التابع لحزب الله. وفي العام 2007، بدأ طالب إنشاء مجموعة أخرى من رجال الدين، " اللقاء العلمائي اللبناني"، لكن المجموعة فشلت، ويعود ذلك، جزئياً، إلى أنه كان يُنظر إليها على أنها وثيقة الصلة جداً بسعد الحريري(80). وكان "للقاء العلمائي المستقل" بداية ناجحة رغم أنه " لم يكن لديه هيكلية خلفه" (81). ولم تجتذب المجموعة الأسماء العادية التي تشكل القاعدة الفكريين والدينيين للشيعة المستقلين فحسب، وإنما كانت مدعومة أيضاً من قبل بري وحركته حركة أمل(82).

عندما أسست منظمات غير حكومية مستقلة شيعية مدارس دينية، مثل " هيا بنا" عُرض على طلاب "كلية القيادة" في ضاحية بيروت الجنوبية التي يسيطر عليها حزب الله " عروضاً من قبل حزب الله للمشاركة في بعض الحوزات الدينية التابعة بعد تأسيسها في العام 2008" (83). برغم هذه العروض، كانت المدارس الدينية التي تدرس قيمة المؤسسات الحكومية اللبنانية الرسمية ناجحة. كما أسس الشيخ محمد جمال حمود أيضاً مدرسة في ضاحية بيروت الجنوبية. وبحسب لقمان سليم، يعتبر حمود شخصاً " حسن الاضطلاع جداً" و" لا يمكن لمسه من قبل حزب الله" (84).

ولحسن حظ الشيعة المستقلين، كانت هناك قاعدة أكثر استعداداً من رجال الدين للتجند. مع ذلك، لم يكن هذا يعني أن الأمر قد تم من دون وجود صعوبات. وعندما حاول أحد السياسيين الشيعة المستقلين الهيمنة على رجال دين بعيداً عن خط حزب الله، كان يواجه بالصد لأن هؤلاء كانوا " خائفين على مرتباتهم التي يتحكم بها حزب الله. علاوة على ذلك.... هناك ضغط داخلي من الأهالي للاستمرار بدعم حزب الله" (85).

 

إنخراط الإسلاميين الشيعة

 

عند مناقشة الإشراك الأميركي للإسلاميين الشيعة في العراق، أشار الكاتب دونكان كوري قائلاً، " طالما بقيت الطبقات الدينية خارج ذلك النقاش، فسيكون من الصعب بالنسبة لأميركا إقناع العرب والمسلمين العاديين بأن الإسلام، نعم، ينسجم مع الديمقراطية. وبشكل أكثر براغماتية، تتطلب مسألة بناء الوطن في خضم التمرد العنيف يتطلب تعقلاً، ومساومة، واستعداد لتقبل خشب البناء الإنساني المتوفر"( 86). هذا السياق نفسه استكشفه صناع السياسة الأميركيون في لبنان لكنه لم يلاق نجاحاً كبيرا ًفي العراق. وفي حين أن هناك عدداً من الأفراد والمجموعات الشيعية المستقلة ممن اعتنقوا برنامجاً هو نقيض برنامج حزب الله عن طريق دعم العلمانية، فقد حاول آخرون التغلب على هيمنة حزب الله على الساحة الدينية- السياسية. وفي محاولة للعثور على بديل لحزب الله، قامت السفارة الأميركية بتحليل للقادة الإسلاميين المناهضين لحزب الله كتنظيمات مضادة ممكنة لحزب الله. في كل الأحوال، غالباً ما تضرر أي إشراك محتمل من قبل الولايات

المتحدة لما يسمى بعلاقات المجموعات المستقلة بسبب روابطهم القاتمة والضبابية مع حزب الله، والإرهاب، والمشاعر المعادية لأميركا.

كان المجلس الإسلامي – العربي، بظل قيادة محمد علي الحسيني، محط اهتمام السفارة الأميركية. فقد تشكلت المجموعة في العام 2006 وتلقت المال، حسب ما قيل، من السعوديين. وقد انعقد المجلس في بعض الهيئات الصحفية بصفته ضد حزب الله، وكانت هذه رسالة يصدرها الحسيني الى الصحافيين الغربيين(88). قدم الحسيني خليطاً من وجهات النظر؛ أولاً، لقد أدان حزب الله علناً، ومن ثم أثنى عليه. وأبعدت مجموعة الحسيني نفسها عن ولاية الفقيه التي ينتمي إليها حزب الله واعتنقت العروبة المختلطة مع الإسلاموية(89). وقد شككت السفارة الأميركية بزعم الحسيني امتلاكه من 1500- 3000 من القوات المسلحة القوية، المدعومة بصواريخ الكاتيوشا (90).

كان للميليشيا، المدعوة المقاومة العربية- الإسلامية، سبب للوجود هو محاربة إسرائيل بصفتها حركة عربية- إسلامية. منطقياً، كان لدى السفارة تحفظاتها حول المجموعة وكيفية " معاداتها لحزب الله" حقاً. وفي إحدى البرقيات تمت الإشارة الى أن "مراكز قيادة المقاومة الإسلامية- العربية" موجودة على الطريق السريع الى مطار بيروت، منطقة يهيمن عليها حزب الله. ولاحظت جهات على اتصال في ضاحية بيروت الجنوبية أن حزب الله لم يقم بمضايقة المقاومة الإسلامية- العربية ولا هو تدخل بها (91). وتابعت البرقية فنقلت كلاماً لمصدر شيعي رفض ذكر اسمه قال فيه للسفيرة سيسون إن المجموعة " ليست أكثر من أداة إيرانية تتبنى خطاب وأهداف حزب الله لكنها مبنية على العروبة" (92). ولجعل الرواية أكثر إرباكاً، تم اعتقال الحسيني من قبل السلطات اللبنانية في أيار 2011 لكونه " جاسوساً إسرائيلياً" (93).

لم يوقف الإرباك بخصوص مجموعة الحسيني محاولات الشيعة المستقلين لحمل الولايات المتحدة على الاتصال بإسلاميين شيعة آخرين موضع تساؤل. ففي اجتماع نيسان 2008 مع السفير الأميركي السابق جفري فيلتمان، عرض أحمد الأسعد رئيس حزب الخيار اللبناني أن تقوم الولايات المتحدة بمحاورة أحد مؤسسي حزب الله وأشدهم تطرفاً، الأمين العام السابق صبحي الطفيلي. ويعتقد الأسعد بأن احتضان الطفيلي يمكن أن يسحب " بضعة آلاف من الأصوات" من حزب الله(94). كان الطفيلي أول أمين عام لحزب الله وقاد المجموعة من العام 1989حتى 1992. وكان معارضاً بعناد لمشاركة حزب الله في البرلمان اللبناني، مقاتل الى أقصى حد، ويشتبه بقتله لجندي في الجيش اللبناني بالإضافة الى قتله مواطناً فرنسياً. وتعرض بعض الدراسات حول حزب الله الى أن الطفيلي كان قريباً من " الفئة الثورية الإيرانية" في طهران(95). وقد انشق الطفيلي مع متطرفين ومتشددين آخرين عن حزب الله في أوائل التسعينات وشكلوا مجموعاتهم الخاصة مثل " أنصار الله" و" ثورة الجياع"( 96).

خلال اجتماع الأسعد مع فيلتمان، قال الأسعد إن " الطفيلي بعيد اليوم عن خطابه القديم وهو مستعد لترك تحالفة القديم وإن على الولايات المتحدة العمل معه". مع ذلك، فقد أشار تقرير فيلتمان إلى ضم الطفيلي على " لائحة مراقبة الإرهاب". وقد " اعترف الأسعد أيضاً بأن الطفيلي لم يتخل بعد عن رؤاه المعادية لأميركا" (97). وبحسب الأسعد، قدم الحريري أيضاً الدعم للطفيلي، لكن فعله أدى الى مقاومة من قبل الفرنسيين فحسب(98).

رغم أنه ليس هناك من دليل على أن الولايات المتحدة قد دخلت، في أي وقت من الأوقات، بمناقشات مع أي من المجموعات الإسلامية الشيعية المذكورة آنفاً، فإن الإتمام الذي أظهرته السفارة والمقترحات المقدمة من قبل شخصيات بارزة مناهضة لحزب الله تشير إلى الافتقار فعلا إلى مجموعات إسلامية شيعية مناهضة لحزب الله قابلة للحياة للمساعدة على الدفع بالسياسة الأميركية في لبنان أكثر.

 

إنقطاع الاتصالات الشيعية مع تحالف 14 آذار

 

بدأت المشاكل بين الشيعة المستقلين وتحالف 14 آذار الذي يهيمن عليه الدروز، والمسيحيون والسنة ما إن رحل السوريون عن البلاد. وفي شباط 2007، كتب السفير الأميركي آنذاك جفري فيلتمان يقول، " إن توجه 14 آذار بما يخص الشيعة وحزب الله ككيان واحد... ساهم بفشل محاولات عديدة سابقة لإطلاق حزب شيعي جديد" (99). وقد تعززت هذه الرؤية، جزئياً، مع زيارة سعد الحريري صيف 2008 إلى العراق واجتماعه مع آية الله السيستاني(100). وفي حين أن السيستاني ليس برجل دين تابع لحزب الله يبحث عن الإرشاد والتوجيه، فقد نُظر إلى الزيارة على أنها طريقة لتلطيف وتهدئة التوترات المذهبية الدائمة في لبنان بين شيعة يدعمون حزب الله وسنة يدعمون الحريري (101).

قال لقمان سليم، شيعي مستقل ورئيس منظمة غير حكومية، للسفارة الأميركية إن هناك " نقصاً في الاتصالات" من سعد الحريري مع الحلفاء السياسيين، " بمن فيهم الشيعة المستقلون"( 102). كما شعر عدد من الشيعة المستقلين بأن إظهار وجود تواصل وثيق مع الحريري و14 آذار سيجعل " كثيراً من الشيعة يبتعدون عنهم". وقد لخص سليم هذا الشعور بإحدى البرقيات التي قال فيها إن " من الأفضل لمجموعة شيعية أن تصنف شيعية مستقلة على أن تصنف موالية لقوى 14 آذار"( 103).

بعد القتال في 2008 واتفاق الدوحة لاحقاً، شعر عدد من هؤلاء الشيعة بأنه قد تم تجاهلهم أو حتى شعروا بخيانة تحالف 14 آذار الموالي للغرب لهم. فقبل انتهاء القتال حتى، نقل عن " رجل الدين الشيعي المعتدل" الشيخ محمد الحاج في إحدى الوثائق المسربة قوله، " سوف يستخدم حزب الله هذه المكاسب التكتيكية للاستمرار بالدفع أكثر فأكثر للحصول على تنازلات. إن أحداث هذا الأسبوع ستزيد غطرسته وسيبدأ الآن بالدفع ضد منافسيه الداخليين الآخرين، كالشيعة المستقلين"(104).

كما أن عمليات حزب الله المسلحة انتهت بإبعاد قوى 14 آذار نفسها، وبشكل هام، عن الشيعة المستقلين. وقال السيد علي الأمين، الذي أزيح عن منصبه كمفتي شيعي لمدينة صور خلال صدامات أيار، بأنه يشعر "بسوء المعاملة من قبل المجموعة " وبحسب لقمان سليم الذي قال إنه لم يتم تقديم الدعم السياسي الكافي له من قبل 14 آذار بعد إزاحته من منصبه من قبل حزب الله (105). وعلى امتداد الأشهر التالية، " قالت "جهات اتصالات شيعية مستقلة" للسفارة الأميركية، " نحن نوافق على البرنامج – لكن سعد الحريري خاننا" (106).

وعلى امتداد العام 2008، كان الشيعة المستقلون يشتكون من الكيفية التي أخفقت فيها جهود الحكومة اللبنانية بكبح نفوذ حزب الله أو أمل في المناطق ذات الأكثرية الشيعية. وخلال اجتماع حصل بين كبار السياسيين الشيعة المستقلين، ورؤساء المنظمات غير الحكومية الشيعية المستقلة وفريق عمل السفارة الأميركية ، " اتفق كل الضيوف على أن الحكومة اللبنانية أساءت إدارة برامج المساعدات والتعويضات للجنوب بعد حرب تموز 2006" عندما وضعت حكومة الأكثرية التابعة لـ 14 آذار كل أموال إعادة البناء في يدَي نبيه بري(107). هذه الحركة سمحت بأن يُنظر الى حزب الله وأمل على أنهما هما اللذان أعادا إعمار الجنوب بدلاً من الحكومة.

وفي وثيقة أخرى مسربة، مضى الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بعيداً الى حد الإعلان بأن عقاب صقر وباسم السبع، مستشارَي الحريري، " ليسا جدييْن"(108). واستنتج الشيخ الحاج فقال، " لقد احتاجت إلينا 14 آذار البدائية عندما كان السوريون لا يزالون يحتلون البلد. في كل الأحوال، عندما انسحب السوريون واحتفلت قوى 14 آذار بثورة الأرز، قرر هؤلاء أنهم لم يعودوا بحاجة لنا بعد الآن. لقد قاموا بصفقة مع المعارضة لإجراء انتخابات 2005 البرلمانية. لقد ترك شعور الخيانة والتخلي إحساساً عميقاً بعدم الثقة" (109). وفي أيلول 2011، ردد سامي الجميل، المسيحي الماروني وأحد قادة حزب الكتائب، صدى هذه الانتقادات عندما قال لموقع " Now Lebanon" " كان ينبغي لـ 14 آذار أن تتعامل مع أفرقاء آخرين غير حزب الله وحركة أمل كممثلين عن الشيعة" (110).

لم تكن السياسات الداخلية لقوى 14 آذار والشراكة الباهتة معها المشاكل الوحيدة لدى الشيعة المستقلين مع التحالف. فخلال ورشة عمل برعاية 14 آذار، جرت في نيسان 2008، شجب الائتلاف " ثقافة الموت والعنف" لحزب الله. ولم يلق خطاب كهذا ترحيباً لدى بعض الشيعة الذين كانوا يحضرون الاجتماع. وفي كلام منقول عن أحد أهالي بنت جبيل ( يسميها حزب الله " عاصمة المقاومة" وهي موجودة على الحدود اللبنانية- الإسرائيلية) في إحدى البرقيات المسربة، إن السبب هو "المقاربة الخاطئة لتجريد حزب الله من مناصريه وداعميه"(111). وقال أحد الحاضرين شاجباً ما اعتبره " ثقافة التمييز العنصري في أوساط 14 آذار"ن متهماً المجموعة بـ " الفشل بحماية أفراد هم على طرفي نقيض باعترافهم هم".

إذا ما كان تحالف 14 آذار سيعيد المحاولة ، في أي وقت، لتصنيف نفسه على أنه تحالف يشمل كل اللبنانيين في استراتيجية لمكافحة العناصر الراديكالية المدعومة سورياً وإيرانياً، فإن المحاولات الجدية لإشراك الشيعة المستقلين والترويج لأهميتهم بالنسبة للتحالف ستكون أمراً ضرورياً.

 

الإستنتاج

مع الإمدادات المكثفة من الأموال، والاستعداد لاستخدام تكتيكات الإكراه، ونقص الفساد، سوف تكون مهمة مكافحة حزب الله في مضماره المذهبي أمراً من الصعب أن يتم. بناء على الوثائق المسربة، فإن الأفرقاء والأحزاب الشيعية المستقلة الجديدة، العاملة بظل قيادة عائلات تقليدية وأفراد بارزين، هي أحزاب متشرذمة

وتفتقر الى التأثير الضروري لإخراج الشارع الشيعي من قبضة حزب الله. ورفض السيد علي الأمين، رجل الدين الشيعي المستقل، جهود تلك الأحزاب بصفتها " غير فعالة ومحبطة" (113). إضافة لذلك، وفي حين ينبغي أن تكون الاتصالات مع الإسلاميين الشيعة مفتوحة ومصانة، فإن الافتقار الى شركاء مقبولين يثبت أنه قد يكون يتعين على الولايات المتحدة الاستمرار بمساندة الشيعة المستقلين العلمانيين بشكل رئيس.

إذا ما انهارت أمل في بيئة ما بعد بري، فإنه ينبغي للولايات المتحدة التحرك فوراً لرعاية حلفاء محتملين في الحركة. ومن المحتمل أن هناك عدم رضا كافياً لدى حزب الله بحيث إن هناك أعضاء في حركة أمل مستعدون لإسقاط الظل المخيم لنفوذ حزب الله. في كل الأحوال، ينبغي أخذ نفوذ سوريا في المجموعة بالحسبان عندما تكون الولايات المتحدة في صدد إشراك أفرادها. وكما تحتضن قوى 14 آذار وضعها الجديد كفريق معارض، فإنه ينبغي للائتلاف إعادة الانخراط مع الشيعة المناهضين لحزب الله للعمل على التخلص من مكانته السلبية غير المرغوب بها في أوساط أكثرية الشيعة اللبنانيين.

كانت النجاحات الأكثر وضوحاً في العثور على بدائل لحزب الله هي من خلال جهود تعليمية من قبل منظمة غير حكومية، وعبر إنشاء برامج دينية تكافح رسالة العنف والتطرف لدى حزب الله. وفي الوقت الذي يتوفى فيه رجال الدين المؤثرون المتبعون للتقية الواحد بعد الآخر – كالثمانيني آية الله السيستاني – فإنه سيكون على صناع السياسة الأميركيين وأفواج الشيعة المستقلين العثور على رجال دين آخرين يستمرون بتقليد التقية وتحقيق مكانة ومنزلة أعلى في الإسلام الشيعي.

 

* فيليب سميث صحافي وباحث متخصص في شؤون لبنان والشرق الأوسط الكبير. يسافر بانتظام الى المنطقة. في كانون الثاني 2011، عاد من رحلة أبحاث دامت 6 أشهر في لبنان. نشرت له كتابات على " مدونة ضد الإرهاب، الـ Daily Caller، المعد السياسي والاقتصادي للشرق الأوسط، NOW Lebanon، و PJ Media.

 

ملاحظات

[1], December Financial Times Roula Khalaf, “WikiLeaks Threatens to Raise Lebanon Tensions,” -8c29-11e0-06d3-http://www.ft.com/cms/s/0/3f931bb0 13, 2010,.00144feabdc0,s01=1.html#axzz1c2cQgF4f 2][Ibid. [3]The Publishes U.S. Cables Not Found on WikiLeaks,”Max Fisher, “Lebanese Newspaper -nal/archive/2010/12/lebanesehttp://www.theatlantic.com/internatio, December 3, 2010,Atlantic.wikileaks/67430/-on-found-not-cables-us-publishes-newspaper [4], December 11, Daily Star Akhbar Website,”-“Hizbullah Slams Hacking of al -Al-of-hacking-slams-News/Dec/11/Hizbullah-http://www.dailystar.com.lb/News/Local 2010,.website.ashx#axzz1c2SlmRRV-Akhbar [5]Karin Rammerstorfer, “The Lebanon War 2006: A Country Between Terror and Resistance,” -10-http://othes.univie.ac.at/1372/1/2008M.A. Thesis, 2008, University of Vienna, p. 105,.01_0306768.pdf [6], October 11, Wikileaks “Lebanon: Alternative Shi’a Advocates Not United,” .http://wikileaks.org/cable/2007/10/07BEIRUT1597.html 2007, [7], Wikileaks dependently Of One Another,”“Lebanon: Independent Shia Organizing Slowly, In .http://www.cablegatesearch.net/cable.php?id=07BEIRUT269 February 20, 2007, [8], February 24, Wikileaks “Lebanon: Tools of Patronage: Lebanon’s ‘Councils and Funds’,” .http://www.cablegatesearch.net/cable.php?id=09BEIRUT222 2009, [9], April 24, Wikileaks “Lebanon: New Think Tank Aimed at Linking Independent Shia,” .net/cable.php?id=08BEIRUT570http://www.cablegatesearch. 2008, [10], February 14, Wikileaks h’s Charitable Organizations and Their Funding,”“Hizballa .http://www.cablegatesearch.net/cable.php?id=06BEIRUT421 2006, [11]Ibid. [12], March 5, Wikileaks Example of Hizballah’s Effectiveness,”–“Lebanon: Wa’ad .http://wikileaks.org/cable/2009/03/09BEIRUT262.html 2009, [13]Ibid. [14], June 21, Wikileaks “Some Shia Look for a Way to Escape Client Relationship with Hizballah,” .http://wikileaks.org/cable/2006/06/06BEIRUT2072.html2006, [15]“Hizballah’s Charitable Organizations and Their Funding.” [16]Ibid. [17]Ibid. [18], Wikileaks sighted On Shia Outreach, Says Prominent Shia Family,”-“Lebanon: March 14 Short .http://www.cablegatesearch.net/cable.php?id=09BEIRUT351March 26, 2009, [19], November 30, Wikileaks “Lebanon: What’s Wrong with Amal?” .cable.php?id=04BEIRUT4941http://www.cablegatesearch.net/ 2004, [20]Charitable Organizations and Their Funding.” “Hizballah’s [21], Wikileaks Hizballah Figure Pushes for Independent Shia in New Government,”-“Lebanon: Anti http://wikileaks.org/cable/2008/05/08BEIRUT786.htmlMay 28, 2008, [22]y 22, , MaWikileaks “Lebanon: Independent Shia Say Doha Has a Downside,” .http://www.cablegatesearch.net/cable.php?id=08BEIRUT750 2008, [23]Hizballah Figure Pushes for Independent Shia.”-“Lebanon: Anti [24]“Lebanon: Independent Shia Say Doha Has a Downside.” [25]Ibid. [26], June 20, Wikileaks “Lebanon: Independent Shia Figures Discuss How to Counter Hizballah,” .http://wikileaks.org/cable/2008/06/08BEIRUT919.html 2008, [27]Ibid. [28], May Wikileaks ndependent Shia Cleric Says Hizballah’s Arrogance Is Growing,”“Lebanon: I .http://www.cablegatesearch.net/cable.php?id=08BEIRUT665 12, 2008, [29]sighted on Shia Outreach.”-“Lebanon: March 14 Short [30], July The Daily Star ative,”Hani M. Bathish, “New Political Party Offers Shiites a Third Altern -a-Shiites-offers-party-political-http://www.dailystar.com.lb/News/Politics/Jul/12/New12, 2007,.alternative.ashx#axzz1cQagU5Qe-third [31](New York: Palgrave The Shi’a of Lebanon: Clans, Parties, and Clerics Rodger Shanahan, Macmillan, 2005), p. 82. [32], October 11, Wikileaks “Lebanon: Alternative Shi’a Advocates Not United,” ./2007/10/07BEIRUT1597.htmlhttp://wikileaks.org/cable 2007, [33], April Wikileaks ndependent Shia Stresses Need to Activate, Not Organize, Shia,”“Lebanon: I .http://wikileaks.org/cable/2008/04/08BEIRUT504.html11, 2008, [34]Optic “Lebanon: Jumblatt Concerned About UNIIIC Delays, Sunni Militias, and Hizballah Fiber .akhbar.com/node/8425-http://www.al, April 8, 2008,Akhbar English-al Network,” [35], June Wikileaks “Lebanon: Opposition Reaction to Nabatieh Trip and U.S. Outreach to Shia,” .http://www.cablegatesearch.net/cable.php?id=08BEIRUT931 25, 2008, [36]“Lebanon: Independent Shia Cleric Says Hizballah’s Arrogance Is Growing.” [37]building As Best Way to Counter -“Lebanon: Potential Shia Cabinet Member Stresses State .http://wikileaks.org/cable/2008/06/08BEIRUT908.html, June 18, 2008,Wikileaks Hizballah,” [38], October 11, Wikileaks “Lebanon: Alternative Shi’a Advocates Not United,” .http://wikileaks.org/cable/2007/10/07BEIRUT1597.html 2007, [39]Ibid. [40]-://www.hayyabina.org/en/abouthttp See: “About Us” section of the Hayya Bin’a website, .us.html [41]“Lebanon: Independent Shia Figures Discuss How to Counter Hizballah.” [42]Ibid. [43](New York: Palgrave Macmillan, 2011), p. 29. Nabih Berri and Lebanese Politics Nir, Omri [44](Lanham, Profiles in Terror: The Guide to Middle East Terrorist Organizations Aaron Mannes, MD: Rowman & Littlefield Publishers, 2004), p. 46. [45]19.-(Princeton, NJ: Markus Wiener Publishers, 1997), pp. 217 Faces of Lebanon William Harris, [46]le for the Loyalty of the Shi’a of Rodger Shanahan, “Hizballah Rising: The Political Batt Lebanon,” Middle East Review of International Affairs (MERIA), Vol. 9, No. 1 (March .http://meria.idc.ac.il/journal/2005/issue1/jv9no1a1.html 2005), [47]“Lebanon: What’s Wrong with Amal?” [48]Ibid. [49]Ibid. [50]Ibid. [51], April 6, Wikileaks “Amal Succession: Berri’s Bitter, Fruitless Legacy,” .http://wikileaks.org/cable/2005/04/05BEIRUT1123.html 2005, [52]Ibid. [53]olitician on Election, March 14 Mistakes, Shia Alternatives to “Lebanon: Shia P Hizballah,” Wikileaks, November 19, .http://www.cablegatesearch.net/cable.php?id=07BEIRUT18102007, [54]“Lebanon: Independent Shia Say Doha Has a Downside.” [55]’s Arrogance Is Growing.”“Lebanon: Independent Shia Cleric Says Hizballah [56]pendent Shia Say Doha Has a Downside.”“Lebanon: Inde [57]Some Shia Look for a Way to Escape Client Relationship with Hizballah.”“ [58]Ibid. [59], Wikileaks Hizballah Marriage Weakening Amal but May Open a Way for Other Shia,”-mal“A .http://www.cablegatesearch.net/cable.php?id=06BEIRUT1090 April 7, 2006, [60]-http://www.al , July 25, 2006,Akhbar English-al “Berri Says Israel Won’t Win,” .akhbar.com/node/7328 [61]Akhbar -al “Shia Minister Claims Berri Tricked Hizballah, Now at Odds with Nasrallah,” .akhbar.com/node/7335-http://www.al , August 19, 2006,English [62]Contain Their Repercussions on the Shi’i “Majority Sources: Nasrallah Chose ‘WikiLeaks’ to Arena” (in Arabic), al-Hayat, April 11, .http://international.daralhayat.com/internationalarticle/2541812011, [63]Partner in Running the July The complete speech in Arabic available at: “Nasrallah: Berri Is aWar… and I Call on Those Who Lost the Rule to Not Go Crazy and Make Provocations,” Now Lebanon, April 9, http://www.nowlebanon.com/arabic/NewsArchiveDetails.aspx?page=2&ID=259970&MID=0 2011,

.&PID=0&FParentID=0&FFParentID=0 [64].Now Lebanon “Nasrallah: Berri Is a Partner in Running the July War,” [65], April 12, Naharnet “Berri Threatens to Expose ‘Another Kind’ of Wikileaks,”.wikileaks-of-kind-another-expose-to-threatens-berri-http://www.naharnet.com/stories/en/5219 2011, [66]“Lebanon: What’s Wrong with Amal?” [67]Ibid. [68], United States Institute of Islamist Politics in Iraq After Saddam Hussein Graham E. Fuller, 8.-, pp. 3http://www.usip.org/files/resources/sr108.pdfPeace, Special Report, No. 108, August 2003,See also: Babak Rahimi, “Ayatollah Ali al-Sistani and the Democratization of Post-Saddam Iraq,”Middle East Review of International Affairs (MERIA), Vol. 8, No. 4 (December .http://meria.idc.ac.il/journal/2004/issue4/rahimi.pdf 2004), [69](New The Most Learned of the Shi`a: The Institution of the Marja` Taqlid Linda S. Walbridge, York: Oxford University Press, 2001), pp. 234-42. [70], 2005), (London: Saqi Books Fadlallah: The Making of a Radical Shi’ite Leader Jamal Sankari, p. 176. [71]Sistani’s Importance for Amal Movement, and for Shi’as in -zes al“Lebanon: Berri Emphasi .http://www.cablegatesearch.net/cable.php?id=04BEIRUT408, January 22, 2004,Wikileaks General,” [72]ddress Hizballah Arms,” “Lebanon: New Independent Shia Minister Calls for Statement to A .http://www.cablegatesearch.net/cable.php?id=08BEIRUT1113,Wikileaks July 29, 2008, [73], Wikileaks “Lebanon: Deposed Tyre Shia Mufti Proposes Forming Moderate Shia League,” .http://www.cablegatesearch.net/cable.php?id=08BEIRUT918 June 20, 2008, [74]Ibid. [75], June 20, Wikileaks “Lebanon: Independent Shia Figures Discuss How to Counter Hizballah,” .http://wikileaks.org/cable/2008/06/08BEIRUT919.html 2008, [76], April 24, Wikileaks g Independent Shia,”“Lebanon: New Think Tank Aimed at Linkin .http://www.cablegatesearch.net/cable.php?id=08BEIRUT570 2008, [77]“Lebanon: Deposed Tyre Shia Mufti Proposes Forming Moderate Shia League.” [78]“Lebanon: Independent Shia Figures Discuss How to Counter Hizballah.” [79]Ibid. [80]8, , October Wikileaks “New Independent Shia Clerical Gathering Has Successful First Month,” .http://www.cablegatesearch.net/cable.php?id=09BEIRUT1109 2009, [81]Ibid. [82]Ibid. [83]Ibid. [84]ebanon: Independent Shia Figures Discuss How to Counter Hizballah.”“L [85]Hizballah Shia Figure Talks Up Former Hizballah Secretary General -“Lebanon: Anti .p?id=08BEIRUT571http://www.cablegatesearch.net/cable.ph, April 24, 2008,Wikileaks Tufayli,” [86]istani Paradox: Building a Democracy with the Islamists We Duncan Currie, “The S Have,” Weekly Standard, May 10, .00/012/204nxekq.asp?page=2http://www.weeklystandard.com/Content/Public/Articles/000/02006, [87]ew Shia Alternatives to Hizballah.”“Lebanon: F [88]Husseini in -rfect example of this would be journalist Michael Totten’s interview with alA pe 2007. See: “The Liberal Cleric of the Dahiyeh,” Michael J. Totten’s Middle East Journal, January 15, .http://www.michaeltotten.com/archives/001362.html 2007, [89].http://www.arabicmajlis.org/?id=647 See: “This Is Our Arabic Project,” [90]Now Matt Nash, “The Party of Odd: New Arab Islamic Resistance Raises a Question: Who?” Lebanon, January27, http://www.nowlebanon.com/NewsArchiveDetails.aspx?page=2&ID=77278&MID=0&PID=02009,.&FParentID=0&FFParentID=0 [91]“Lebanon: Few Shia Alternatives to Hizballah.” [92]Ibid. [93]“Lebanon: Hezbollah Critic ‘Spied for Israel’,” BBC, May 24, .13519684-east-middle-ww.bbc.co.uk/news/worldhttp://w 2011, [94]Hizballah Shia Figure Talks Up Former Hizballah Secretary General Tufayli.”-“Lebanon: Anti [95](New Hizb’allah in Lebanon: the Politics of the Western Hostage Crisis Magnus Ranstorp, York: St. Martin’s Press, 1997), p. 126. See also Anoushiravan Ehteshami and Raymond A. Hinnebusch, Syria and Iran: Middle Powers in a Penetrated Regional System (New York: Routledge, 1997), p. 144. [96], Beirut, October 26, 1997.Radio Lebanon [97]Hizballah Shia Figure Talks Up Former Hizballah Secretary General Tufayli.”-“Lebanon: Anti [98]Ibid. [99], Wikileaks “Lebanon: Independent Shia Organizing Slowly, Independently of One Another,” .cablegatesearch.net/cable.php?id=07BEIRUT269http://www. February 20, 2007, [100], August, 20, USA Today “Lebanese P.M. Visits Iraq,” .iraq_N.htm-lebanon-20-08-http://www.usatoday.com/news/world/2008 2008, [101], July 29, Awsat-Sharq al-al Zaydi, “The Sectarian Arms Race,”-Mshari al .http://www.alarabiya.net/save_pdf.php?cont_id=53775 2008, [102], September 9, Wikileaks “Lebanon: Independent Shia Gearing Up for 2009 Elections,” .rg/cable/2008/09/08BEIRUT1326.htmlhttp://wikileaks.o 2008, [103]Lebanon: New Independent Shia Clerical Gathering Has Successful First Month.”“ [104]“Lebanon: Independent Shia Cleric Says Hizballah’s Arrogance Is Growing.” [105]“Lebanon: Independent Shia Figures Discuss How to Counter Hizballah.” [106], February Wikileaks “Lebanon: Some ‘Independent’ Shia Contacts Frustrated with March 14,” .http://www.cablegatesearch.net/cable.php?id=09BEIRUT234 26, 2009, [107]“Lebanon: GOL Inefficiency in Aiding Shia Benefits Hizballah, Moderate Leaders .cable.php?id=08BEIRUT391http://www.cablegatesearch.net/, March 17, 2008,Wikileaks Say,” [108], Wikileaks umblatt Wary of Syrian Intentions, Views Tribunal as Biggest Stick,”“Lebanon: J .http://www.cablegatesearch.net/cable.php?id=08BEIRUT1075 July 23, 2008, [109]ing.”“Lebanon: Independent Shia Cleric Says Hizballah’s Arrogance Is Grow [110], September 27, Now Lebanon w Blood,”Hanin Ghaddar, “The Dynasty’s Ne .http://nowlebanon.com/NewsArticleDetails.aspx?ID=315856 2011, [111], April 14, Wikileaks “Lebanon: Frank Discussion at March 14 Policy Workshop,” .http://wikileaks.org/cable/2008/04/08BEIRUT510.html 2008, [112]Ibid. [113]“Lebanon: Deposed Tyre Shia Mufti Proposes Forming Moderate Shia League.”

Iran: Death of a President….....

 الأربعاء 22 أيار 2024 - 11:01 ص

Iran: Death of a President…..... A helicopter crash on 19 May killed Iranian President Ebrahim Ra… تتمة »

عدد الزيارات: 157,856,820

عدد الزوار: 7,082,548

المتواجدون الآن: 102