دولة الرئيس المكلَّف، لفت نظر - مروان اسكندر

تاريخ الإضافة الأحد 12 تموز 2009 - 7:39 ص    عدد الزيارات 1459    التعليقات 0

        

لا شك في أن سعد رفيق الحريري أُسمع مراراً وتكراراً ان لبنان تخطى تأثيرات الازمة المالية والاقتصادية الدولية بنجاح.
هذا الكلام فيه من الصحة نسبة مقبولة، لكن الاستنتاجات أرسيت على نتائج المصارف وحسابات ميزان المدفوعات، ومعلوم ان ودائع المصارف ارتفعت بنسبة 15 في المئة عام 2008، وان ميزان المدفوعات سجل فائضا على مستوى 3،5 مليارات دولار، وهذه نتيجة مرموقة. كما ان التحويلات من العملات الأجنبية الى الليرة وازت 10 مليارات دولار.
إن هذه النتائج تعكس الاحصاءات الداخلية المصرفية والنقدية من غير ان تشمل التأثير على ثروات اللبنانيين المالكين حسابات مصرفية في الخارج أو اسهماً في مؤسسات لبنانية كبيرة كالمصارف الرئيسية وشركة "سوليدير" وأي مراجعة على هذا الصعيد وإن تكن ممكنة بدقة لاظهرت خسائر بأكثر من عشرة مليارات دولار، نصفها على الاقل ظهر في خسائر الاسهم اللبنانية. والواقع ان هذه الخسائر انخفضت ربما بنسبة 20 في المئة مع تحسّن أسعار الاسهم خليجياً ودولياً ولبنانياً.
إن تفحّص أوضاع لبنان واللبنانيين على صعيد الثروات المتكونة لاهل البلد وشروط العيش المتوافرة، إن على صعيد الخدمات العامة، أو الادارة الحكومية، أو البيئة، تظهر مطبات مخيفة.
إن مسيرة الاقتصاد ونبضه يظهران على نحو شبه مكتمل من خلال مؤشّر اعتمده مصرف لبنان منذ 1993 يغطي نشاطات عدة منها انتاج الكهرباء، استيراد المحروقات، شيكات المقاصة، عدد المسافرين من لبنان واليه، الصادرات الاجمالية، المستوردات، رخص البناء، الانتاج الصناعي، الحركة التجارية، الحركة الاستثمارية.
اذا نظرنا الى الخط البياني لتطور هذا المؤشّر تظهر لنا بوضوح الآثار المدمرة للحروب، والصدامات الداخلية والاعتصامات.
بكلام آخر، الاقتصاد اللبناني في تطوره وتوثّبه وانكماشه معلق على الاستقرار والاطمئنان، وهذان العنصران معلقان بدورهما على الممارسة السياسية، ومقدار تحسّس السياسيين أو إهمالهم لضرورات المحافظة على مناخ مستقر وآمن لسنوات.
الخط البياني يظهر بوضوح تدني مقياس الانجاز من مستوى 185 نقطة - بالمقارنة مع قاعدة 100 نقطة بداية عام 1993 - الى 165 نقطة بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ومن ثم، وبعدما ارتفع مقياس المؤشر الى 195 نقطة اوائل صيف 2006، انحدر في تموز وآب خلال حرب ذلك الصيف الى 115 نقطة، أي خسر ثلث ما تحقق طوال 13 سنة. ومن بعد عام 2007 واحداث نهر البارد واستمرارها مدة طويلة، انحدر المؤشر من مستوى كان قد استعاده مساويا 188 نقطة الى 170 نقطة.
بكلام آخر، ولو استمر الوضع مستقراً منذ عام 2000 حتى اليوم دون النتائج المضرة بالاقتصاد والثقة، وخصوصاً حرب 2006 والاعتصام المشين وحرب نهر البارد، لكان المؤشر قد بلغ هذه السنة، وقبل انتهاء الصيف، مستوى 260 نقطة، في حين ان المستوى المتحقق وخصوصا مع تحقق معدل نمو للدخل القومي بنسبة 8،5 في المئة عام 2008، صار على مستوى 240 نقطة.
إن الامر الذي يسترعي الانتباه هو تحقق نمو بنسبة مرتفعة عام 2008 على رغم الازمة المالية والاقتصادية الدولية، وتجميد المناكفات السياسية لأي نمو خلال الاشهر الخمسة الاولى من السنة والتوصل الى اتفاق مهد لانتخاب الرئيس ميشال سليمان وتالياً تحسن الآمال في الاستقرار في المستقبل المنظور.
يجب التأكيد ان النمو المتحقق كان بالفعل نتيجة الاندفاع التعويضي لخسائر 2006 و2007. فاللبنانيون بطبعهم متفائلون ويتعلقون بحبال الهواء، لأن بلدهم صغير، ومعطياته الطبيعية عدا المناخ والمياه محدودة الى حين استكشاف فرص توافر النفط والغاز اذا انفتحت هذه في مستقبل قريب، ومعلوم ان الدراسات الجيولوجية المتوافرة تبدو واعدة.
لنفترض ان وعي اللبنانيين لاهمية الاستقرار والاطمئنان يتوسع ويتجذر حتى لدى طبقة السياسيين وإن تكن المظاهر حتى تاريخه لا تفيد عن تحسس السياسيين لضرورات النمو والإنماء لا يكفي الاستقرار لتحقيق المناخ الاستثماري والمعيشي المطلوب.
العالم المتحضّر يدرك ان توافر الطاقة الكهربائية أو سواها أمر ضروري لمساندة عمليات الانتاج، ونشاط المؤسسات والافراد، ومستوى الحياة الاجتماعية. والمياه لا تقل أهمية عن توافر الكهرباء بأسعار معقولة ووتيرة مستمرة دون تقطّع وعبر إمدادات لا تتشابك مع شروط البناء. والكهرباء والمياه تمثلان قضايا عالقة ومعلقة وذات دلالة على إهمال القيمين على الشأن العام لضرورة تأمين شروط الحياة الكريمة والصحية للمواطنين.
والبيئة لا تقل أهمية عن قضايا الكهرباء والمياه، وهي تتأثر مباشرة بتوافر الكهرباء والمياه النظيفة، كما تتأثر الى حد بعيد بكثافة السير واعداد السيارات وتجهيزاتها، ومعدات تنقية عوادم المصانع، سواء منها معامل توليد الكهرباء، او تصنيع الاسمنت والأسمدة والورق الخ.
واذا لم نوفر الكهرباء والمياه، ولم نحل مشكلة السير، ولم نتحكم بنظافة الجو ومياه الشواطئ، نكون قد اهدرنا فُرص الترقي وتحقيق مستويات الرفاه الاساسية المطلوبة لمواطني أي دولة في القرن الحادي والعشرين.
لنأمل ان يكون اطار التحكم بتوقعات المستقبل، الذي هو معلّق على تصرفات السياسيين وتطلعاتهم وممارساتهم، مقبولا على الاقل لنستطيع عندئذ التركيز على تحديات تتآكل التوقعات وتهدر الآمال منذ سنوات.
منذ عام 1997 لا نزال نشهد كمواطنين مساعي حثيثة من أفرقاء متنوعين لجعل حياتنا مُظللة بغيوم الشك والتهديد، وقد آن الأوان ليحظى اللبنانيون بـ10 أو 15 سنة من الاستقرار والعمل الجدي والمستمر كي نحفظ لنا ولأبنائنا (ذكوراً واناثاً) وطناً يؤمن شروط الحياة العصرية سياسياً، اقتصادياً، بيئياً وثقافياً. فهل يتجاوز هذا الهدف قدرة مجلس أصبح يضم عدداً لا بأس به من العناصر المقتدرة والشابة بالفكر والتوجه، إن لم يكن بالسن فقط؟!
 

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 157,126,548

عدد الزوار: 7,056,308

المتواجدون الآن: 93