لهذه الأسباب يعتقد "حزب الله" أن المصالحة مع 14 آذار جدّية

تاريخ الإضافة السبت 4 تشرين الأول 2008 - 8:22 ص    عدد الزيارات 1389    التعليقات 0

        

كتب ابرهيم بيرم:

لا يسقط "حزب الله" من رأس قائمة حساباته الضمنية البعيدة المدى فكرة ان يكون (رئيس كتلة المستقبل) النائب سعد  الحريري رئيس اول حكومة تؤلف بعد الانتخابات النيابية المقبلة، سواء كسب الحزب مع حلفائه في المعارضة قصب السبق الى حدّ تشكيل الاكثرية النيابية ام حالت الظروف دون ذلك.
وهذا الاستنتاج مبني على "فلسفة"خاصة وقراءة معمقة للمصالحة التي شرع في فتح ابوابها على مصراعيها بينه وبين "تيار المستقبل".
ليس لأن الحزب يبادر الى تحميل حدث المصالحة اكثر مما يتحمل، الى حدّ ان يضع في حسبانه امكان تكرار تجربة "التحالف الرباعي" الذي وسم الحياة السياسية عام 2005، فتلك تجربة لا تبيح ظروف الحزب الذاتية والموضوعية والتجربة التي خاض غمارها طوال الاعوام الثلاثة المنصرمة ان تتكرر وان ينسج على منوالها، ولكن لسبب آخر فحواه اولاً ان الحزب جاد كل الجديّة في دفع المصالحات التي بدأها وتوسيعها لتصل الى مداها الاقصى، وثانياً ان الحزب لا يريد ان يرتكب اخطاء من سبقه، فيعمل على اقصاء الآخرين او الغاء ادوارهم، انطلاقاً من اقتناع بدأ بدرسه كمسلمة لقواعده الدنيا والوسطى والعليا، فحواها ان للبنان خصوصية ديموغرافية وسياسية منيت بالخسران والفشل كل المحاولات التي بذلت لتجاوزها.
وعلى هذا الاساس سيخوض الحزب تجربة الانتخابات النيابية وفي مقدم أهدافه بالطبع كسب اكبر عدد ممكن من المقاعد في مجلس النواب، ولكن من ضمن قواعد اللعبة الديموقراطية وليس بقصد كسر فريق او تحقيق غلبة على جهة معينة.
ربما ثمة قائل بأن "حزب الله" ما بلغ هذا الاقتناع ووصل الى هذا الإستنتاج الا بعدما ساهم في ايصال الأمور الى مرحلة الخطر الشديد، وكان ممن وضعوا البلاد على شفا حفرة الإنفجار الواسع قبل 7 ايار وخلال ذلك التاريخ وما بعده من خلال انتهاجه سياسة الإعتراض والمعارضة الى حدها الأقصى الذي لم يخل من اللجوء الى خيار العنف، او السياسة "الخشنة". ولا ينكر الحزب ان ثمة مرحلة عاصفة ومتوترة ويريد ان يطوي صفحتها، ولا يستطيع ان يكتم ان النهج الخشن الذي اعتنقه في تلك الحقبة التي طالت نسبيا لم تنتج واقعا جديدا يختلف داخليا جعلته مرتاحا، او بمعنى آخر انجزت معادلة دقيقة تميل التفاصيل فيها لمصلحته وجعلته ايضا في وضع الممسك من خلف الستارة بلعبة التوازنات الداخلية، على نحو قد يبدو احيانا اكثر براعة من ادارة حليفه السوري حين اتاحت المعادلات الإقليمية والخارجية له الإشراف على وضع لبنان، خصوصا منذ عام 1990 حتى عام 2005.
ولكن الحزب لا يخفي مع ذلك انه كما جميع اللاعبين على الساحة اعاد النظر في شكل عميق في المرحلة الماضية. ولم يكن الحزب مضطرا الى احداث انعطافة حادة، واعادة تموضع سياسي لافت، ولم يكن يعيش اضطرابا وارتباكا بيّناً في ساحته. واستلزمت "إعادة النظر" هذه، كما يقول قادته، تعزيز جملة اقتناعات قائمة لديه اصلاً واسقاط جزء من خطابه في المرحلة الماضية. ويأتي في مقدم هذه الخطوات:
- خفض منسوب التوتر العالي في الساحة الداخلية وتهدئة روعها وقلقها على نحو يخرج فيه الحزب من صورة "الموتّر" للأوضاع والمشكّل مع سلاحه عبئا على الواقع السياسي، لذا كان حريصا على الرد بالحد الأدنى على الحملات القاصية التي استهدفته من "تيار المستقبل" على وجه التحديد.
- أعطى الحزب في المقابل دفعا قويا لقنوات التواصل التي كانت قائمة بينه وبين "تيار المستقبل" والتي لم تنقطع حتى في ذروة الخلاف والفراق بينهما الى درجة انه فيما كان بعض رموز "المستقبل" يرفعون حملاتهم ضد الحزب كانت ثمة لعبة مصالحة غير مرئية تتوالى فصولا بينه وبين هذا التيار.
- تخلى الحزب لاحقا عن سقف شروطه العالي لإتمام المصالحة مع الحزب التقدمي الإشتراكي، وفي الرد إيجابا على رسائل رئيسه النائب وليد جنبلاط.
وعلى رغم عدم ظهور اي امكانية على المدى المنظور للقاء بين الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله والنائب جنبلاط، وعلى رغم اقراره بأن لا النائب جنبلاط ولا قيادة الحزب طرحا حتى الآن فكرة لقاء "القمة" او شرعا في البحث في أسس التفاهم الإنتخابي، لا يخفى انه مرتاح جداً الى نهج جنبلاط في مرحلة ما بعد اتفاق الدوحة، ومطمئن الى ان مصالح الرجل وحساباته، ستحول دون عودته سياسيا الى مرحلة ما قبل الدوحة.
- إدراك الحزب بعد الانعطافة الجنبلاطية ان النائب الحريري بات في حاجة ملحة الى إعادة التموضع مع ذاته ومع محيطه وفي حاجة الى خطة سياسية جديدة، فبادرت قيادة الحزب الى اشهار اليد الممدودة بإتجاه النائب الحريري و"تيار المستقبل" وإعلان استعدادها التام والجاد للمصالحة.
- ثمة امر اساسي آخر قرأه الحزب واتكأ عليه لفتح باب المصالحة، ولتقديره بإمكان الرد إيجابا على هذا الأمر، هو ان السعودية نفسها لم يعد في مقدورها الإستمرار في سياسة تأجيل المصالحة او إرجائها.
أكثر من ذلك لدى الحزب استنتاج فحواه ان ثمة توجهاً لدى القيادة السعودية الناظرة في الملف اللبناني الى الفصل بين العلاقة السعودية – السورية التي ما زالت على درجتها من التوتر والسخونة، وبين الملف اللبناني نفسه.
وسواء كانت توقعات الحزب حول الشأن السعودي دقيقة ام خلاف ذلك لا يكتم الحزب انه بات عليه السعي حثيثا الى كل الأوراق التي استخدمها والنهج الذي إتبعه لمرحلة ما بعد حرب تموز عام 2006 ، وبالتالي اعطاء الفرصة لمرحلة اخرى تستلزم بطبيعة الحال "عدة شغل" أخرى مختلفة تنهض على الأسس الآتية:
- الذهاب في المصالحة مع "تيار المستقبل" ومع الحزب التقدمي الى اقصى الحدود السياسية والميدانية بما فيها إقامة تفاهمات انتخابية محدودة، ولكن من دون بلوغ مرتبة "التحالف الرباعي" وظروفه وشروطه.
- إنجاح مؤتمر الحوار الوطني لبلوغ مرحلة الإتفاق على الاستراتيجية الدفاعية.
- العمل بأقصى ما يمكن لتهدئة روع الساحة الوطنية قبل موعد الإنتخابات النيابية وسحب كل فتائل الإحتقان والتوتر.
- السعي الى توفير الظروف التي من شأنها إجراء انتخابات هادئة، بما في ذلك إعادة ملف العلاقة السنية – الشيعية الى وضعه الطبيعي، وإلغاء المظاهر التي توتر هذا الملف بما فيها مراكمة عوامل الثقة مع "تيار المستقبل".
وثمة عوامل أساسية أخرى يتكئ إليها الحزب ليشرع مطمئنا في مرحلة الإلتقاء بالآخر والتصالح معه، أبرزها اولا سقوط كل الرهانات على نزع سلاحه، وثانيا ان خصومه مجتمعين ومتفرقين لم يعد في مقدورهم إعادة عجلة الأمور الى مرحلة ما قبل 7 أيار.

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 157,162,099

عدد الزوار: 7,057,551

المتواجدون الآن: 68