لماذا يحاول حزب الله مصالحة الحريري؟

تاريخ الإضافة السبت 11 تشرين الأول 2008 - 7:16 ص    عدد الزيارات 1340    التعليقات 0

        

بقلم حسن الرشيدي

تثير المحاولات المتكررة من جانب حزب الله لمد الجسور مرة أخرى مع تيار المستقبل اللبناني وزعيمه سعد الحريري كثيرًا من الحيرة والتساؤلات.
ومنبع هذه الحيرة تأتي من كون الحزب الذي دائمًا ما انتقد تيار المستقبل وأنزل جماهيره الشيعية في الشوارع وحاصرت مجلس الوزراء الذي يقوده التيار المحسوب على أهل السنة، وفي النهاية وفي السابع من مايو الماضي اجتاحت ميليشيات الحزب بيروت السنية، والتي يحظى فيها تيار المستقبل بشعبية كبيرة واستولت على مقراته، وخرج مناصرو التيار من هذه المقرات وكأنهم أسرى حرب، واقتحمت ميلشيات الحزب مساجد أهل السنة وسَبُّوا الصحابة وأم المؤمنين عائشة...
كما وصف نصر الله في خطاب له بعد هذا الاجتياح قتلى حزب الله بأنهم شهداء والقتلى من أهل السنة بأنهم ضحايا...
يبدو هذا الحزب بعد كل هذه الأفاعيل يريد المصالحة بل هو الساعي لها مع تيار المستقبل، ففي أول خطاب لنصر الله بعد الاجتياح دعا الحريري إلى المصالحة والعودة إلى مسار أبيه، والمعادلة التي كانت بين رفيق الحريري وغيره ومن القوى السياسية كما يزعم نصر الله وهي بالحرف كما يكرر نصر الله، وهي الإعمار لكم والمقاومة لنا، وسنناقش هذه المعادلة فيما بعد.
ولكن ومنذ ذلك التاريخ أي السابع من مايو لم تتوقف محاولات نصر الله في الطلب من الوسطاء تنقية الأجواء بينه وبين الحريري والاجتماع به، وتعرض لهذا الأمر في أكثر من خطبة له بالرغم من أن نصر الله هو من رفض مثل هذا اللقاﺀ قبل أحداث اجتياح بيروت، رغم طلب سعد الحريري هذا اللقاﺀ ثماني مرات، كما قالت صحيفة صدى البلد اللبنانية.
وتوجت محاولات الحزب تلك بزيارة وفد من حزب الله للحريري في مقره بقريطم في بيروت، وبدا الحريري في ذلك اللقاء أقل حماسًا بينما ظهر النائب عن حزب الله ورئيس وفده محمد رعد أمام كاميرات الفضائيات ووكالات الأنباء وهو يشد بقوة على يد الحريري الذي يحاول سحب يده بلا فائدة.
والسؤال الآن: لماذا هذا الإصرار من جانب حزب الله وزعيمه على تنقية الأجواء بينه وبين تيار المستقبل وزعيمه الآن؟
كما قلنا في مقالات سابقة فإن الذي يريد تفسير وتحليل الأحداث اللبنانية بالذات يجب عليه اتباع منهج يجمع بين التفسير المحلي، أي الذي يرجعه إلى تنافس القوى داخل الساحة السياسية اللبنانية والتفسير الإقليمي الذي يرجع فيه إلى مواقف القوى الإقليمية المؤثرة على الساحة اللبنانية، والتفسير الدولي الذي يحلل إستراتيجيات القوى الدولية وموقع لبنان في هذه الإستراتيجيات.
ومن المعلوم أن هذه التأثيرات الثلاثة: الداخلية والإقليمية والدولية متداخلة إلى حد كبير وتؤثر في بعضها البعض.
ولذلك يمكن تفسير محاولات حزب الله للصلح مع الحريري على النحو الآتي:
يشعر حزب الله أن إسرائيل على وشك توجيه ضربة له، أو أن الحزب موشك على الانتقام من مقتل مغنية، وبالتالي فهو يتوقع رد فعل إسرائيلي كبير على غرار حرب صيف 2006 وهو يريد تعبيد البيئة من حوله وجعلها أكثر سلامًا معه، وشعر الحزب بأنه لم يخرج من اجتياح بيروت كما كان يأمل، وأن انتصاره لم يكن كاملاً، فأعداؤه من أهل السنة بدوا أكثر تماسكًا.
كما أن التطورات الإقليمية والضغوط الدولية والإسرائيلية على بشار والمساومات التي يقودها الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد تدفع بشار الأسد إلى التخلي عن حزب الله وإيران في لحظة معينة، أو على الأقل إلى فك تحالفه معه، وبدا أن العلاقات الإيرانية السورية هي في مهب الريح، فبعد زيارة بشار إلى فرنسا صرح بأن بعض القوى الغربية كلفته بوساطة مع إيران بخصوص برنامجها النووي، وعند زيارته لإيران في أعقاب عودته ومن قلب طهران عاد الأسد لينفي قيامه بهذه الوساطة.
وجاء الاغتيال الغامض لأحد أقرب المقربين من بشار وهو محمد سليمان ليضفي مزيدًا من الشكوك على العلاقات الإيرانية السورية، ومدى تماسكها، وبالتالي انعكست هذه الأجواء على العلاقات بين حزب الله الذراع الإيرانية في لبنان والنظام السوري؛ حيث إن هناك شكوكًا من الحزب أن الأجهزة الأمنية السورية قد سهلت اغتيال مغنية في دمشق، لذلك يرجح بعض المراقبين للشأن اللبناني أن العلاقات بين الطرفين متوترة، وأن هناك بناء على ذلك قد تتبدل التحالفات بين القوى اللبنانية المختلفة، أو حسب التعبير اللبناني إعادة تموضع لهذه القوى.
ويرتبط بهذا التوجه المحاولات المستميتة من جانب الحزب لإعادة علاقاته مع الحريري الذي هو أشد أعداء النظام السوري في لبنان، ويتهمه مباشرة باغتيال والده رفيق الحريري كما ظهر التباين بين حزب الله والنظام السوري بعد المصالحات التي قام بها الحريري في طرابلس، حيث سارع حزب الله إلى الترحيب بها، بينما ظل بشار وأركان نظامه يلوحون بخطر طرابلس والسلفيين والإرهابيين الذين ترسلهم المدينة إلى سوريا لتنفيذ عمليات إرهابية داخلها، كما يزعم النظام.
وفي خضم التهديدات السورية المبطنة باجتياح شمال لبنان كان لافتًا للأنظار تصريحات قيادات من حزب الله وتأكيدهم على أن الجيش السوري لن يتخطى الحدود، وكأنها إشارة إلى سوريا أنها غير مرحب بها مرة أخرى في لبنان.
ولكن ماذا يقصد نصر الله عندما يتحدث عن الإعمار في مقابل المقاومة في توصيفه لشكل العلاقة التي يجب أن تكون بين الحريري وحزب الله؟
يقصد نصر الله أن العلاقة بين الطرفين تعني أن دور الحريري في هذه العلاقة يجب أن لا يتعدى حدود تمويل لبنان بالمال والسعي لدى السعودية لاستمرار تدفق المال الخليجي للمشاريع الاقتصادية في لبنان، وتمويل نتائج مغامرات الحزب كما حدث في حرب 2006، بينما السلاح يكون في يد حزب الله، أي إن القوة العسكرية للحزب والتمويل للحريري باختصار وخاصة أن السنة والشيعة يمثلان معًا أكثر من ثلثي الشعب اللبناني.
ولكن هل يرضى الحريري بذلك؟
يبرز موقف تيار المستقبل بوضوح مع تأكيد النائب مصطفى علوش أحد قيادات التيار في حديث إذاعي تعليقًا على لقاء النائب سعد الحريري وحسن نصر الله أن احتمال اللقاء أصبح عاليًا جدًّا مع التأكيد أن ليس من رغبة لدى كوادر المستقبل بأن يتم هذا اللقاء قبل أن يكون هناك تمهيد سياسي حقيقي من خلال، على الأقل، العودة إلى ما نسميه جريمة، وهو ما حدث في السابع من أيار وخصوصًا بعد أن أكد الأمين العام لحزب الله أنه متمسك بهذه القضية ويعتبرها انتصارًا كبيرًا وأنه دافع عن البلد بهذه الطريقة.
أي إن تصريحات علوش تعكس ترددًا كبيرًا داخل جماعة الحريري حول إعادة العلاقات مع حزب الله، لأن الحزب يرفض الشرط الوحيد الذي وضعه التيار وهو الاعتذار عن ما حدث في مايو الماضي في اجتياحه لبيروت السنية فتيار الحريري يشعر بغصة وذلة قد حدثت له في اجتياح بيروت، والتي شملت إطلاق صاروخ على مقر إقامة الحريري في قريطم، ولكن الضغوط الداخلية من حلفائه مثل وليد جنبلاط والإقليمية كالسعودية تدفعه في اتجاه المصالحة، فضلاً على أن موازين القوى الدولية في غير صالح الموالاة اللبنانية، فالولايات المتحدة وإيران في طريقهما إلى صفقة إن عاجلاً أو آجلاً والمسألة مسألة وقت، والتوتر بين الدولتين إنما هو لتحسين شروط الصفقة، فخير للحريري من وجهة نظره البراجمتية اعتماد مبدأ المصالحة مع حزب الله الحاكم الفعلي للبنان الآن.

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 157,070,608

عدد الزوار: 7,053,866

المتواجدون الآن: 81