أخبار لبنان..دعوة ميقاتي إلى «قمة التضامن»..ووقف الحرب على لبنان على جدول الأعمال..قاسم أكثر تشدّداً في الموقف من الأميركيين وخصوم الداخل: نسخة جديدة من حزب الله..حرب لبنان في «المنطقة الرمادية» بانتظار دخان السِباق الأميركي..تل أبيب تفتح معركة بنت جبيل في أربعين نصرالله..إشارات إسرائيلية متضاربة حول تقليص العملية العسكرية البرية في جنوب لبنان..القطاع الخاص اللبناني يسجل أدنى مستوى له في 44 شهراً..
الأربعاء 6 تشرين الثاني 2024 - 4:56 ص 0 محلية |
دعوة ميقاتي إلى «قمة التضامن»..ووقف الحرب على لبنان على جدول الأعمال..
20 شهيداً بغارة إسرائيلية على برجا ليلاً .. وانسحاب تكتيكي لوحدات إسرائيلية من الجنوب
اللواء....استبقت حكومة بنيامين نتنياهو المخاض الانتخابي الرئاسي الطويل بترتيبات تتعلق بالمرحلة ما بعد جو بايدن، الذي يعيش ايامه الاخيرة في حديقة البيت الأبيض، بإقالة وزير الحرب يوآف غالانت، وتعيين يسرائيل كاتس مكانه، وسط ترحيب وزراء اليمين المتطرّف، كما عيّن جدعون ساعر وزيراً للخارجية، في وقت سحب الجيش الاسرائيلي وحدات من جنوده من «أجل الراحة» (حسب البيان الاسرائيلي). ومع ذلك، استمر جيش الاحتلال الاسرائيلي بقصف السيارات والمنازل، من الجنوب الى الاقليم فسوريا، حيث تزايد عدد الشهداء والجرحى، وتميز يوم امس بردّ صاروخي فاعل على نهاريا ومستعمرات الشمال من كريات شمونة الى المطلة وبلدات في الجليل الغربي واصبع الجليل، مع ضربات لتجمعات الجيش المعادي بالمسيرات الانقضاضية. وكان الوزير المقال اعتبر بتصريح له أن المقاومة جنوب الليطاني تنهار، مطالباً بانسحابها الى شمال الليطاني، وذلك خلال اتصال جرى مع وزير الخارجية الاميركي أنتوني بلينكن الذي شدد على حل دبلوماسي في لبنان يسمح للمدنيين على جانبي الحدود بالعودة الى منازلهم. وجاءت هذه التطورات في اسرائيل بعد يوم طغى فيه على العالم كله ومن لبنان امس بتتبع مجريات الانتخابات الاميركية الرئاسية والنيابية ولحكام الولايات، وسط وعود المرشحين الديموقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب بوقف الحرب في لبنان بين إسرائيل وحزب لله، التي اعتبرتها صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مسؤولين أميركيين بانها تُشكل «الخطر الأكبر على واشنطن لا الحرب في غزة». وأضافت: أن خطوات بايدن ستشمل قرارات تجنبها سابقاً، مثل عدم حماية إسرائيل في المحافل الدولية وإبطاء إمدادها بالأسلحة». لكن ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية نهاراً أن إسرائيل «نقلت إلى رئيس حكومة لبنان رفضها وقف إطلاق النار». بينما أفاد «موقع Ynet» الإسرائيلي ان جيش العدو الإسرائيلي، قام بسحب عدة ألوية من جنوب لبنان لإجراء «تدريبات تنشيطية»، حيث من المتوقع أن تستمر العملية البرية لعدة أسابيع أخرى. وذكر الموقع الإسرائيلي، أنه على خلفية تقييم المسؤولين المشاركين في المفاوضات من أجل التوصل إلى تسوية في الشمال، بأن التوصل إلى اتفاق ممكن في غضون أسبوع ونصف إلى أسبوعين، لذلك قام الجيش بسحب عدة ألوية من جنوب لبنان لإجراء تدريبات تنشيطية. وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن رفع التوقعات بشأن تبدل معين في ما خص مسار الحرب بعد ظهور نتائج الأنتخابات الأميركية ليس في مكانه، لأن الكلمة للميدان في الوقت الراهن اما في وقت لاحق فإن مسألة وقف إطلاق النار تترك للمفاوضات وللفريق الذي يفاوض مكلفا من الرئيس الأميركي الجديد. إلى ذلك أوضحت المصادر أن هناك يعملون بقوة من أجل دعم قائد الجيش لرئاسة الجمهورية وإن هناك ضغوطاً تمارس في هذا المجال كونه الشخصية الانسب، مع العلم أن التعويل الأكبر يقوم على دوره في المرحلة المقبلة.
دعوة ميقاتي الى القمة
وتسلم امس الرئيس نجيب ميقاتي دعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للمشاركة في القمة العربية - الإسلامية المشتركة غير العادية التي ستعقد في الحادي عشر من تشرين الثاني الحالي في الرياض. وقد تسلم رئيس الحكومة الدعوة من سفير المملكة لدى لبنان الدكتور وليد بخاري. وتضمنت الدعوة تأكيداً على «التضامن العربي والاسلامي في سبيل وقف العدوان الاسرائيلي، والدفع باتجاه حل عادل للقضية الفلسطينية». وعلمت «اللواء» من مصدر دبلوماسي ان الاعتداءات الاسرائيلية السافرة على لبنان ستكون على جدول الاعمال، لجهة وقف العدوان ووقف النار وتنفيذ القرار 1701 وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
مجلس الوزراء
ويقر مجلس الوزراء اليوم البند رقم 2، الذي يقضي بمنح وزارة المالية سلفة خزين لتطويع الف وخمساية جندي في الجيش، بالرغم من اعتراض وزير الدفاع موريس سليم. وفي ما خص البند الرابع من جدول الاعمال، فقد رفضت القوات اللبنانية استعمال الابنية العائدة للمدارس الخاصة عند الاقتضاء لتدريس تلامذة المدارس الرسمية بأن يمس بالمقومات لجهة الملكية الخاصة. سياسياً، اعلن رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية انه مستمر في مساندة المقاومة حتى النهاية، «وتيارنا لم يتغير سابقاً ولن يتلون»، محذراً من ان هدف العدو الاسرائيلي هو افتعال حرب اهلية، وهو سيلعب على هذا الوتر.
الميدان ساخن
وفي حين خيّم الهدؤ السياسي الداخلي، استمرت السخونة في الميدان . حيث في اطار استهداف العدو المستمر للمدنيين في منازلهم، شنّ الطيران الحربي الاسرائيلي، غارتين على شقة سكنية في مبنى من 4 طبقات ببلدة الجية ساحل اقليم الخروب، بالقرب من مجمع المصطفى ادت الى تدميرجزء منه وتصدعه. حيث افيد عن ارتقاء سيدة شهيدة وسقوط 15 جريحاً. كما واصل العدو تفجير المنازل التي يصلها حيث افيد عن نسف حي سكني في بلدة ميس الجبل. وقرابة السابعة صباحا، شن العدوغارة على منزل لآل فقيه، في بلدة كفرتبنيت ما أدى الى تدميره. وأغار الطيران الحربي على أطراف بلدة الخرايب، وعلى المنطقة الواقعة بين بلدتي القصيبة وصير الغربية، وعلى بلدة دير انطار في قضاء بنت جبيل. واستهدفت موجة جديدة من الاعتداءات الاسرائيلية قرى قضاءي صور وبنت جبيل استمرت حتى الصباح اذ اغار الطيران الحربي على مبنى في بلدة معروب ما ادى الى تدميره ووقوع اصابات واضرار وعملت فرق الدفاع المدني والاسعاف الصحي على البحث عن مفقودين حتى صباح اليوم. وارتقى شهيد في غارة حاريص وغارة على مسجد البلدة بعد منتصف الليل. واصيب عدد من الاهالي بجروح متوسطة من جراء استهداف الطيران المسير لبلدة الطيري، وتم نقلهم إلى مستشفى اللبناني الإيطالي في صور للمعالجة . وصباحاً أفيد عن استشهاد 4 أشخاص في غارة إسرائيلية على منزل في بلدة بافليه قضاء صور.وفي بلدة ديركيفا ادت الغارة الى سقوط شهيدين واصابة عدد من الجرحى. واستهدف الطيران الحربي بلدات: البازورية، صريفا، باريش، كفرا وياطر. وفي البقاع، شن العدوغارة بـ 3 صواريخ إستهدفت سيارة على طريق حورتعلا، ما ادى حسب مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة سقوط 3 شهداء في الغارة. كما اعلن المركز في بيان أن غارة العدو الصهيوني على سيارة في بدلة طليا أدت إلى إرتقاء ثلاثة اخوة في الغارة وهم: العريف في أمن الدولة رائد ناجي دندش وشقيقته ديانا والطفل محمد.وإصابة 3 بجروح. وبعد الظهر استهدفت غارات العدو مدخل بلدة مشغرة الشمالي وسحمر ويحمر - زلايا في البقاع الغربي، واستهدفت غارة منزلا في حوش الرافقة الا ان الصاروخ لم ينفجر. كما استهدف العدو مساء منزلا في سهل سعدنايل بالبقاع الاوسط ما ادى الى ارتقاء 3 شهداء. وليلاً أغار الطيران الحربي الاسرائيلي على الطريق الدولية بين جديدة يابوس والمصنع، كما استهدف بلدة عرمتى، وليلا برجا حيث سقط 20 شهيداً و14 جريحاً من جراء الاعتداء على مبنى سكني في البلدة، مما ادى الى اشتعال النيران وانيهار المبنى في حصيلة اولية، حسب بيان وزارة الصحة اللبنانية. وعلمت «اللواء» ان المبنى المستهدف يضم نحو 30 شخصاً بينهم اطفال احترقوا نتيجة النيران التي اندفعت بعد الغارة. وعلم ان المستهدف بغارة برجا هو مسؤول مالي في حزب لله يدعى عبد لله ابراهيم. وقصف حزب لله مصنع المواد المتفجرة في الخضيرة بصواريخ جديدة. كما هاجمت المقاومة الاسلامية بالمسيرات تجمعاً لقوات العدو عند اطراف بلدة مارون الراس.
قاسم أكثر تشدّداً في الموقف من الأميركيين وخصوم الداخل: نسخة جديدة من حزب الله..
الاخبار..ميسم رزق.....لم يحصل في التاريخ الحديث أن تعرّض حزب أو مقاومة للكمات قاسية كتلك التي تعرّض لها حزب الله خلال أسابيع قليلة، أصابت آلافاً من عناصره قبل اغتيال قادته الجهاديين ثم أمينه العام الشهيد السيد حسن نصرالله. ولم يمر في التاريخ الحديث نموذج كحزب الله الذي تعرّض لهجمة تُستخدم فيها كل أنواع القوة، الناعمة منها والخشنة، للقضاء على المقاومة، ثم يخرج منها بسرعة استثنائية، في رحلة تعافٍ بات الجميع يشعر بها، بدءاً من العدوّ نفسه وصولاً إلى حلفائه وأهله، إذ أعاد تنظيم نفسه وهو في قلب معركة كبيرة وتحديات تفرض عليه مراجعة الكثير من الحسابات والأخطاء الماضية. أثبت حزب الله أن قتله غاية لا تُدرك.......
٣٠ تموز ٢٠٢٤، لم يكُن يوماً عادياً في الحرب. حدث مفصليّ، كشفَ بعض المستور. اغتال العدو القيادي الجهادي الكبير في المقاومة فؤاد شكر (السيد محسن). عملية لا تترك مجالاً لأي التباس. ثمة خطأ ما تنبّه له حزب الله. ما بينَ يوم الاغتيال ويوم الرد عليه في ٢٥ آب باستهداف الوحدة 8200 الإسرائيلية (واحدة من أكبر وأهم الوحدات المتخصّصة في الاستخبارات الإلكترونية عالمياً)، اتّخذ الحزب أول إجراء تمثّل بالدخول في عملية عزل للوحدات احترازياً، قبل أن يطلق مهمة تحقيق أظهرت تباعاً وجود خرق أمني خطير.
يوم ١٧ أيلول. يومٌ آخر غير عادي، وحدث مفصليّ جديد. تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية (البايجر). قنابل متنقّلة بين أيدي عناصر المقاومة. لحظة العملية ظنّ حزب الله أنها صافرة انطلاق من قبل العدو الإسرائيلي لبدء الحرب، وكان ينتظر بدء عملية كبيرة في اليوم نفسه. إلا أن الإحجام الإسرائيلي كانَ لافتاً، وباباً لأسئلة استدعت تحقيقاً سريعاً ساعد في تحصيل نتائج أولية، أبرزها:
أولاً: إن الشركة الوسيطة المعنية بإيصال الشحنة عمدت إلى تأخيرها بحجة وجود خلل في الأجهزة، وتعويضاً عن هذا التأخير قامت بخفض السعر، مثيرة بعض الشبهات من دون أن يؤدي ذلك إلى إجراء سريع يتعلق بالشحنة، وكانَ ذلك واحداً من الأخطاء في عملية الشراء.
ثانياً: تبيّن أن العدو الإسرائيلي وصلَ إلى الشركة الوسيطة، وكان قد جهّز كمية كبيرة من الأجهزة وقام بتفخيخها بشكل يصعب كشفه. أما باقي تفاصيل العملية وما أحاط بها فقد أصبحت مكتملة لدى الأجهزة المعنية في المقاومة، ومن غير المعروف متى تتحدّث عنها.
ما يُمكن تأكيده أن الحدثين أماطا اللثام عن خرق أمني إسرائيلي جدّي وخطير، لم تُحسم طبيعته في ذلك الوقت. بينما استمر العدو في رفع مستوى الضربات ضمن برنامج محدد يقضي باستهداف جميع القيادات قبل الوصول إلى السيد نصرالله، معتبراً أن هذا الاستهداف من شأنه شلّ الوحدات العسكرية، وبالتالي فإن أي ردّ على الاغتيال سيكون ضعيفاً. ثم جاءت العملية الكبيرة يوم ٢٧ أيلول. لكن، رغم حالة الصدمة الكبيرة التي خلّفتها لدى كل الجهات في الداخل والخارج وحتى داخل حزب الله، لم يكُن هناك مجال لأي انهيار أو شلل.
الصدمة الكبيرة لم تمنع حزب الله من التصرف على قاعدة أن لدى العدو فكرة واسعة عن كل المراكز والهيكليات، فباشر بتنفيذ خطة جديدة لتموضع القيادات. في هذه الأثناء، بادرت الوحدات العسكرية في الجنوب احتياطاً إلى التخلّي عن كمية كبيرة من التقنيات الموجودة في حوزتها. وقبل استشهاده (الذي أعلنه حزب الله رسمياً في ٢٣ تشرين الأول)، نقل رئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين الحزب إلى مكان آخر، حيث عمل على:
-إخلاء كامل المقرات المعلنة وإلغاء جزء من الأماكن البديلة التي كانت مقرّرة في خطة الحرب السابقة.
- وقف العمل بشبكة الاتصالات الخاصة بالحزب بعدَ أن تبيّن وجود خرق إسرائيلي فيها.
لكنّ الفريق الأمني لم يتنبّه إلى أن المقر الذي توجّه إليه السيد صفي الدين نفسه، كان مشخّصاً أيضاً لدى العدو. فكان القرار بالتخلي عن كل خطة الأماكن السابقة. ورغم الضربات القاسية، بادر الحزب إلى عملية هدفها الأولي لملمة الفوضى والتأقلم مع الوضع الجديد، آخذاً في الاعتبار أن العدوان الجوي المعادي على الجسمين المدني والعسكري أصاب جانباً من مقدرات الحزب إلى جانب القيادات الأمنية والعسكرية. خلال أيام فقط، عاد التواصل بين القيادات الأساسية ومسؤولي الوحدات العسكرية الذين وضعوا خططاً سريعة لإدارة الميدان ربطاً بالوقائع الجديدة. وبعد ١٥ يوماً، تمّ عملياً تشكيل لجنة تقود العمليات العسكرية، بالتزامن مع عودة التواصل بين القيادات العليا، خصوصاً أعضاء الشورى الذين اتخذوا قراراً بتعيين أمين عام في أقرب وقت، علماً أن الشيخ نعيم قاسم كان بدأ بتولي المسؤولية انطلاقاً من موقعه، إلى جانب قيادة جماعية تدير الشقين السياسي والعسكري، قبل أن يصار إلى خلق آلية لتفعيل الجهاز التنفيذي الذي يدير بعض الملفات، تحديداً قضية النازحين. في ٢٨ تشرين الأول، أعلنَ حزب الله رسمياً انتخاب الشيخ نعيم قاسم أميناً عاماً له. وعلى الفور، بدأ مناهضو الحزب، بطلب من الأميركيين وبعض العرب، حملة سياسية تركّز على فكرة أن الحزب كقوة وكوحدة تنظيمية مرتبط عضوياً بشخص السيد نصرالله وأن لا بديل عنه. وتولّى الاميركيون، بواسطة جماعاتهم من اللبنانيين والعرب، اعتبار انتخاب قاسم خيار الضرورة، وأنه لن يتمكن من ملء فراغ السيد. وهو كلام تثبّت على شكل «تعليمة» عمّمتها السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون على صبيانها من الساسة والإعلاميين بالقول لهم إن «العد العكسي لانتهاء حزب الله بدأ ويجب التحضير لفترة ما بعده»، طالبة التركيز على ثلاثة أفكار:
أولاً: إن حزب الله لم تعد لديه قيادة سياسية أو عسكرية.
ثانياً: إن الإيرانيين هم من يتولون قيادة الحزب سياسياً وعسكرياً وتنظيمياً.
ثالثاً: إن حزب الله دخل حالة من الشلل والانهيار على صعيد البنية التنظيمية.
ورشة النهوض
في مقابل ذلك، أدار حزب الله ظهره لكل هذا التشويش، واضعاً نصب عينيه إعادة تنظيم الهيئة القيادية للقوى العسكرية، والاستمرار في عملية التدقيق في حجم الأضرار العسكرية، ووضع الخطط لتعبئة الفراغات بشرياً وتسليحياً، إضافة إلى مهمة مركزية تتعلق بتظهير موقف سياسي من كل ما يحصل. وهو ما عبّرت عنه كلمات مسجّلة للشيخ قاسم، ومؤتمرات صحافية عقدها مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله الحاج محمد عفيف، وتولّى عقد لقاءات لشرح الموقف، مواظباً على دوره رغم التهديد الأمني الذي يتعرض له. وإلى جانب ذلك، بدأ النشاط التدريجي لنواب كتلة «الوفاء للمقاومة»، ما مكّن الحزب خلال ثلاثة اسابيع من استعادة ما يحتاج إليه من صلات سياسية وغير سياسية وفقَ خطة مقرّرة تحدد مَن الذين يجب التواصل معهم في هذه الفترة، من دون الحاجة إلى اتصالات لا تخدم مهمة اليوم الحالي. وبعدَ تولّي الشيخ قاسم منصبه، انتظمت الهيئات العاملة تحت قيادته. ورغمَ أن الحرب أصابت جزءاً من الجسم المدني، ما سبّب تعطيلاً في بعض المناطق ظهر جلياً في عدد من القطاعات، لكنّ السلسلة أُعيد ترابطها من الأعلى إلى الأسفل، بحيث لا يقوم أي مسؤول بأي مهمة من دون قرار مركزي. وحتى المرونة التي تحظى بها القيادات الميدانية وفق نظام البقع الجغرافية، لا تلغي أن بعض العمليات التي تحصل على الجبهة تتم وفق أوامر من القيادة العليا. من يعرف حزب الله جيداً، يدرك أن أهم ما أعاده الحزب، هو آلية التحكم والسيطرة. لكنّ هذه الالية أخذت شكلاً أكثر متانة، انطلاقاً من كون الضربات التي تلقّاها الحزب، دفعته إلى مستوى جديد فيه الكثير من الحزم والتشدد والصرامة وملاحقة الأخطاء. كما بدأ الجميع يلمس وجود عقلية جديدة على صعيد صناعة القرارات، وبما يمنع الاجتهادات. لكنّ اللافت في الحديث عن شخصية الشيخ قاسم أنه مجهول الكثير من الجوانب. ومن يعرفه عن قرب، يعرف من أن تجربته الدينية تعود إلى سنوات طويلة سابقة على قيام حزب الله، وهو كان واحداً من البيئة القريبة من الراحل السيد محمد حسين فضل الله، وهذا الأمر له تأثير على مقارباته. وهو لا يُصنف على الإطلاق في خانة «المحافظين» دينياً. لكن ما لا يعرفه كثيرون عن الشيخ قاسم، وعلى عكس ما حاول الجهلة إشاعته، استناداً إلى إملاءات أو رغبات، فإن تحولاً كبيراً طرأ على الفكر السياسي للرجل، بعد انضمامه إلى الفريق المؤسس لحزب الله، وإعلان ولائه للخط الذي قاده الإمام الخميني، علماً أن الجانب الآخر من شخصيته، يتمثّل في دوره الإداري، وهو الذي كان يتولى مهام تنفيذية تتطلب مهارة إدارية، إلى جانب ما تفرضه من آليات عمل في حزب جهادي. وفي حين يجري الحديث عن أنه شخصية مرنة أو ضعيفة، فما لا يعرفه كثُر أنه من الشخصيات الأكثر تشدداً داخل الحزب، من الناحيتين التنظيمية والإدارية، استناداً إلى خبرة ٤٠ عاماً في العمل الإداري الذي أشرف عليه، خصوصاً في مجال الموازنات والإنفاق. إضافة إلى أنه من أكثر المسؤولين معرفة بأحوال الدولة ومؤسساتها، من المجلس النيابي إلى الحكومة إلى المشاريع المدنية. وهو امتلك خبرة كبيرة في بواطن القوى السياسية كافة.
حدّد الحزب مكامن خروقات أمنية كبيرة وانتقل إلى خطة عمل لا صلة لها بكل ما سبق عسكرياً وتنظيمياً وإدارياً
وما لا يعرفه كثيرون أيضاً عن الشيخ قاسم، نظراً إلى كون القرار كان يتمثّل في ما تقرره الشورى وما يعبّر عنه الأمين العام الراحل، هو أن قاسم على الصعيد الشخصي، كما على صعيد رأيه داخل الهيئات القيادية، من الأكثر تشدداً حيال طريقة التعامل مع القوى الخارجية الداعمة لإسرائيل، خصوصاً الأميركيين والأوروبيين. كما أنه من أكثر قيادات حزب الله تشدداً تجاه القوى الداخلية المعروفة بخصومتها للمقاومة. وهو ليس من الفريق القابل للمساومة حول الكثير من الأمور، ويشعر اليوم بأن مسؤوليته كبيرة جداً في حماية الحزب، ويعرف أنه الآن متفرغ لملف الحرب والمواجهة، لكن عينه على الداخل مرتبطة بأصل موقفه من التدخلات الخارجية واستسهال بعض القوى للتفاعل مع هذه التدخلات. وعلى من يقرأ الحزب بشكل خاطئ أن يتنبّه إلى أن حزب الله، بعد الضربات التي تلقّاها والتحديات التي فُرضت عليه، سيعيد بناء نفسه ويضع برامج كما كان عليه في فترة الثمانينيّات. ولن يكون حزب الله على المستوى نفسه من التساهل، وهو يقدّر عالياً جداً سلوك اللبنانيين الإيجابي الذي ظهر في التعامل مع ملف النزوح، لكنّ الحزب بقيادة الشيخ قاسم، يميز بين سلوك الناس، وسلوك القوى والشخصيات التي انتقلت من مرحلة الرهان على العدو الإسرائيلي إلى مرحلة إبداء الاستعداد للتعاون مع المشروع الأميركي، والتي تضع نفسها في قلب حملة سياسية وإعلامية تُلاقي إسرائيل في منتصف الطريق.
تحذير أميركي للمسؤولين: لا تردّوا على طلبات الحزب
لاحظت أوساط سياسية أن هناك حملة من الترهيب للمسؤولين اللبنانيين في الحكومة والأجهزة الحكومية والأمنية والعسكرية من قبل الأميركيين لعواقب التعاون مع حزب الله وإعانته في الملفات الداخلية، وأن هذا الأمر في حال حصوله سيتم تصنيفه في إطار التعاون مع حزب الله ويعرّضهم لحرمانهم من تولي مناصب في الدولة أو الحصول على مكاسب. ولضمان التزام المسؤولين الرسميين بما يفرضه الأميركي، يعمد الأميركيون إلى إقناعهم بـ«أننا لا نطلب إعلان الحرب على الحزب أو الانتفاض في وجهه، نحن فقط نطلب عدم التعاون معه والرد على اتصالاته أو طلبات مسؤوليه».
حملة منظّمة ضد حزب الله تموّلها السعودية والإمارات
علمت «الأخبار» أن السعودية والإمارات بدأتا بتمويل قنوات وصحف ومواقع إلكترونية وإعلاميين، وستتطور عملية التمويل أكثر خلال الأسابيع المقبلة ضمن مشروع لاستقطاب كل هؤلاء للمشاركة في حملة هدفها إبراز أن حزب الله انتهى، وضمن شعار وحيد «سلاح الميليشيات خطر على الدولة والشعب»، ويجب «تسليم السلاح». وهذا التوجه يأتي برعاية من السفارة الأميركية في بيروت، ومادة التنافس هي المزيد من العداء لحزب الله والمراهنة على خسارته الحرب. وفي السياق نفسه، برز قيام السفارة الأميركية في بيروت بتفعيل لجنة إعلامية تتبع للسفارة مباشرة، غايتها بث سردية التهويل لإحباط الناس وبث الفتن.
بين لبنان وسوريا: خوف من نموذج الحرب والتهجير
الاخبار...هيام القصيفي......لا تحمل المحطات الميدانية الأخيرة تحوّلاً في مسار الوضع اللبناني العام، في انتظار انكشاف مزيد من التطورات العسكرية والسياسية. لكن المراوحة الحالية لا تبشّر بالخير، في وقت لا تزال فيه الرسائل الديبلوماسية التي تصل الى لبنان تحمل علامات قلق من المستقبل، مع تمسّك إسرائيل بموقفها المعلن باستمرار نهج التدمير والقصف حتى فرض واقع جديد يعيد صورة «الشريط الحدودي» بمعناه الواسع، وبتطبيق عملاني للقرار 1559. في هذه الأثناء، تستمر قراءة مستقبل الوضع الداخلي ربطاً بعاملين. في المشهد الإقليمي، تنذر حرب لبنان، في إطار أوسع مما جرى في غزة، بأن المتغيرات المقبلة على المنطقة كبيرة بحجم المشروع الذي يُبنى والذي انطلق منذ 7 تشرين الأول من غزة، وجرف في طريقه لبنان، ويلامس إيران وسوريا ودول الجوار، ويأخذ منحى مختلفاً عن ذلك الذي كان مقصوداً من الحدث الذي أطلقه صانعوه قبل عام. فما حصل تحوّل إلى أداة في يد واضعي خطط المنطقة، مستفيدين من المتغيرات الميدانية، لتحقيق مشاريع أوسع وطويلة الأمد. لكن لبنان، وهو الحلقة الأضعف في المشهد الإقليمي، من الصعب أن يتجاوز الخضة الداخلية والعاصفة التي هبّت عليه بأقل أضرار ممكنة. قبل اندلاع الحرب، بوجهها اللبناني، كان هناك تحذير دائم من خصوم حزب الله من تحوّل لبنان إلى غزة ثانية، بمعنى الانهيار الداخلي الاقتصادي والاجتماعي وتحوّله إلى مجتمع حرب دائمة. وكان هؤلاء يحمّلون الحزب وسلاحه مسؤولية هذا المنحى الذي يخالف رغبة العاملين على مشروع مختلف للبنان مزدهر. وبعد تطورات الشهرين الأخيرين، وحملة التدمير الممنهج من الجنوب الى البقاع والضاحية، تكررت المخاوف، ولكن من جانب حلفاء الحزب، من أن يكون الهدف خلق غزة ثانية، بالمعنى العسكري والميداني، عن طريق محو كل ما يقف في طريق خطة إسرائيل لمستقبل غزة. لكن النظرة المغايرة، تضع سوريا كنموذج لما يحصل في لبنان حالياً وليس غزة، أولاً لجهة مفهوم الوطن والدولة القائمة بغضّ النظر عن النظرة إليها في لبنان وسوريا والجغرافيا المعترف بها، بما هو مختلف تماماً عن غزة، وثانياً، لتشابه تركيبتَي لبنان وسوريا الى حدّ كبير لجهة التنوع الطائفي والسياسي، وثالثاً أن حرب سوريا التي بدأت تدريجاً وانفجرت في صورة عشوائية وعنيفة أدّت الى حركة نزوح داخلية كبيرة على قاعدة طائفية واجتماعية كما يحصل في لبنان اليوم، ورابعاً أن حركة النزوح من سوريا نحو دول الجوار بدأت تفرض إيقاعها، وإن بأعداد أقلّ، من لبنان في اتجاه سوريا والعراق، عدا عن مغادرة اللبنانيين جماعاتٍ بلدهم، وإن كانت هذه المغادرة أكثر تمايزاً لجهة واقع الانتشار اللبناني والعمل والدراسة في الخارج. بذلك يصبح النموذج السوري، وبما وصل إليه من ارتدادات وتدخلات خارجية وانهيار داخلي، أقرب الى الحالة اللبنانية. لكن ذلك يعكس مخاوف تنذر حتى الآن بالقلق خشية تفاقمها.
الحرب الأهلية التي يتخوّف الفرنسيون منها في لبنان أقرب إلى مثال سوريا
ما قبل الحرب الأخيرة، ومع ارتفاع الكلام عن الفيدرالية لدى بعض المجموعات والشخصيات عبر إطلالات سياسية وإعلامية، كان جمهور حزب الله وحلفاؤه أكثر الذين انتقدوا مروّجي هذا الكلام، عدا عن شخصيات مسيحية لا تزال تتمسك حتى الآن بفكرة لبنان القائم وفق نظام اتفاق الطائف وتركيبته الحالية. لكن في الوقت نفسه، كان الحزب متهماً بأنه يطبق نوعاً من الفيدرالية في مجتمع منسجم ومندمج في مناطق الجنوب والبقاع، بما يخدم خصوصية الثنائي الشيعي من دون غيره، وهذا الكلام كان معززاً بشواهد عن التفاعل ضمن بيئة من لون واحد بعيداً عن المجتمعات الأخرى. مع حركة النزوح الأخيرة، خرج جمهور الثنائي وقاعدته من هذا الإطار الى مناطق الداخل، مندمجاً مجدداً مع قواعد الطوائف والأحزاب الأخرى، وهو أمر مرشح لأن يطول بفعل استمرار الحرب وآلة التدمير التي لا تسمح للنازحين بالعودة قريباً. وهنا يصبح الكلام أكثر دقّة بين انفلاش سجال حول ثلاثة اتجاهات، واحد يرى ما يحصل احتضاناً لبنانياً صافياً وتلقائياً وتهليلاً لفكرة العيش المشترك، وآخر لا يرى فيه إلا تجاوزات من المجتمع المضيف الحزبي الخصم لحزب الله لا المجتمع النازح ويلوّح بحسابات مستقبلية معه، وثالث لا يرى في الحركة القائمة إلا مشهد التجاوزات المرشحة للتفاعل. والاتجاهات الثلاثة لها طواقمها السياسية والإعلامية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي. وهنا يصبح الكلام عن الترويج المستمر لفكرة الحرب الأهلية التي لا يزال الفرنسيون يتخوّفون منها ويصرّون على التداول بها، أقرب الى مثال سوريا. ولبنان الذي خبر أنواعاً من هذه الحروب، طوال خمسين عاماً، بات يحتاج الى جهود مضاعفة لكبح مسار أي تحوّل من الحرب الإسرائيلية الى تفلّت داخلي، يصاحبه تدهور تدرّجي يشكل عامل إفادة لكثير من العناصر الداخلية والخارجية في الانتقال من مرحلة الى أخرى. عام 1975، لم يظنّ اللبنانيون أن حروبهم ستمتدّ خمسين عاماً، وحين اندلعت تظاهرات سوريا لم يتوقّع السوريون أن تمتد حربهم 13 عاماً. لذا يصبح اللجوء الى تماسك داخلي في اللحظات الحرجة الحالية مطلباً أكثر إلحاحاً من السنوات السابقة، وحزب الله واحد من المطالَبين بذلك، لأن الحرب الإسرائيلية لا تقلّ خطراً عن كل ما يرتسم من مخاوف خارجية على الوضع الداخلي.
هل تمرّ صيغة «اتفاقٍ بلسانيْن»..واحد معلَن لـ «بلاد الأرز» وآخَر بحبر سرّي لإسرائيل؟
حرب لبنان في «المنطقة الرمادية» بانتظار دخان السِباق الأميركي... أزرق أو أحمر
الراي... | بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |
- جنبلاط: بعد اغتيال نصرالله صارت إيران هي المُحاور في لبنان
لم يَسبق لانتخاباتٍ رئاسية أميركية أن وُضعتْ تحت المجهر في لبنان والمنطقة، في ضوء الإسقاطات المُسْبَقَة على نتائجها بوصْفها ستتيح استشرافَ مآلاتِ «حرب الجبهات السبع» التي انفجرتْ مع «طوفان الأقصى» وتشي بموجاتٍ أعتى من العنف الذي يُخشى أن يحوّل الإقليمَ «ملعب نار» بحال خرجت المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران عن السقوف القابلة للاحتواء، هي التي يشكّل أحد محرّكاتها الرئيسية عدم قدرة طهران على «تَحَمُّل» فقدان ذراعها الأقوى «حزب الله»، وعدم إمكان تسليم تل أبيب بـ «إيران الأخطبوطية». وكما العالم بأسْره، أَسَرَتْ مشهديةُ الثلاثاء «التاريخي» في الولايات المتحدة، لبنان، حيث نافس تَرَقُّبُ لونِ الدخان الذي سيلفّ البيت الأبيض في ختام الانتخابات، الأزرق الديمقراطي أو الأحمر الجمهوري، غبار الغارات الإسرائيلية التي تمدّدت مجدداً إلى منطقة الجية، ساحل الشوف، وعمليات «إبادة» القرى على الحافة الحدودية بعمق نحو 3 كيلومترات وعلى امتداد نحو 100 كيلومتر من الناقورة حتى الخيام. وفيما كان «تَحرّي» مَن سيفوز في انتخاباتٍ أميركية تَجري على خط انقسام عميق سياسي ومجتمعي، عمودي وأفقي، أقرب إلى البحث عن جوابٍ بين أوراق الأقحوان: دونالد ترامب، كامالا هاريس... فإنّ المنطقةَ بدت هذه المرة وكأنّها في تَفاعُلٍ على خطيْن مع هذا الاستحقاق، متأثِّرةً بنتائجه المنتظَرة ومؤثِّرة في مجرياته، خصوصاً عبر الدور الحاسم للصوت العربي في «الولايات الأرجوانية» (المتأرجحة) ولا سيما ميتشيغن، وسط تَحَوُّل حرب غزة و«لبنان الثالثة» وأهوالهما عاملاً رئيسياً سُمع «صوته» في الصناديق التي ساد حبْسُ الأنفاس هل ستَعْلو فيها الرغبةُ بـ «لحاقِ» الرئيس السابق في وعوده بإحلال السلام، أم الخشيةُ من أن يأخذ بنيامين نتنياهو «جرعة تنشيطٍ» لماكينة الدم والدمار بحال فاز «المرشّح المفضَّل» لديه أقلّه في الشهرين الفاصلين عن حفل التنصيب. وأبعد من انتخاباتٍ مدجَّجةٍ في ذاتها بعناصر تَجعلها من الأكثر صخباً واحتداماً ورصْداً لِما إذا كانت ستجعل هاريس أول رئيسةٍ لبلاد «العم سام»، أم ينجح ترامب في أن يكون ثاني رئيسٍ في تاريخ الولايات المتحدة يعود إلى البيت الأبيض مرّتيْن غير متتاليتين، فإن بيروت والمنطقة جعلاها «تحت الرادار» باعتبار أن مسارَها يمكن أن يحدّد مصيرَ الحرب المفتوحة على جبهة لبنان خصوصاً التي تحوّلتْ «جاذبةَ صواعق» في ضوء معطييْن:
- الأول مجاهرة نتنياهو بأن أهدافَه النهائية هي إنهاء «حزب الله»، ما لم يكن بالضربة القاضية المستحيلة، فبآلياتٍ يكون هو «بوليصة التأمين» في ضمان تنفيذها وتتيح ما يشبه «الموت البطيء» للحزب عبر «قطع الأوكسيجين» عنه من سورية وإيران ومنْع إعادة تسليحه.
- والثاني المراوغةُ في ما خصّ الاكتفاءَ بـ «تقليم أظافر» إيران الخارجية أو الاستعداد للذهاب حتى النهاية نحو ما يعتبره «خزان الخطر الوجودي» على إسرائيل، وهو ما جعل طهران تعطي إشاراتٍ إلى استعدادٍ للمواجهة حتى النهاية، لتصفيح الأرض التي يقف عليها الحزب كما لإرساء «مناخ ردع استباقي» عبر تفعيل «الوعد الصادق 3» وإعلان الاستعداد للردّ المعقّد والموجع على الضربة الإسرائيلية عليها.
وبأي حال، فإن «تَقَفّي آثار» المعركة الرئاسية الضارية في الولايات المتحدة لن يَطول، لتتكشّف ارتدادات فوز إما هاريس التي تسلّمت «عصا» الترشح عن الحزب الديمقراطي بعد ما بدا «ميني سباق بدَل» خيض في داخله نحو البيت الأبيض بدأ مع بايدن وانتهى مع نائبته، أم ترامب الذي انخرط عن الجمهوريين مكرّساً العودة عما لاحَ في 2020 وما تلاه من ملاحقات قانونية له «خط النهاية» السياسية لواحد من أكثر الشخصيات إثارة للجدل والذي عاد «من بعيد» لينافس على مفاتيح الرئاسة against all odds. ولم يكن عابراً أنه في الوقت الذي كانت الانتخابات تجري، مضت إدارة بايدن في مواكبةٍ حثيثة للحرب في غزة ولبنان، وهو ما عبّر عنه تكثيف وزير الخارجية أنتوني بلينكن «ديبلوماسية الهاتف» في اتجاه المنطقة، والتقارير عن احتمال عودة الموفد الرئاسي آموس هوكشتاين إلى إسرائيل وربما بيروت الأسبوع المقبل. واعتُبر إبقاء واشنطن الدفعَ الدبلوماسي لعملية البحث المضنية عن وقف نار يمهّد لتسوية نهائية في غزة ولبنان، في إطار الرغبة في حفظ «خط الرجعة» إلى بؤرة النار الآخذة في التمدّد وبالزخم نفسه الذي ساد عشية الانتخابات، وذلك في حال انتصرت هاريس، وفي الوقت عيْنه توجيه رسالةٍ بأنّ المرحلة الانتقالية الفاصلة عن 20 يناير، موعد التسليم والتسلم بين بايدن وترامب (إذا فاز الأخير) لن تكون «فترة ميتة» دبلوماسياً، رغم الاقتناع بأن أي خسارة للمرشحة الديمقراطية ستجعل مهمة هوكشتاين محكومةً بتشظياتها وتعمّق عدم واقعية تَصَوُّر أن «يهدي» نتنياهو حلاً لـ «إدارة منتهية الصلاحية» ما لم يكن حزب الله وإيران قررا «الاستسلام» لشروطه التي كان أبلغها إلى الموفد الأميركي الأسبوع الماضي حين حمل إليه مسودة ورقةٍ مع ملحق جانبي (بين واشنطن وتل أبيب). ومن هنا يتم التعاطي مع الأجواء التي تُضخ إسرائيلياً عن احتمال بلوغ تَفاهمات خلال أسابيع على أنها تعبيرٌ عن «جرعة زائدة» من الإفراط بالثقة بالقدرة على فرْض التسوية بالنسخة التي يريدها نتنياهو، وسط توقف أوساط سياسية عند ما أوردته صحيفة «يديعوت آحرونوت» أمس، من أنه «في الطريق إلى التسوية، تم إحراز تقدم في المحادثات، خصوصاً في ما يتعلّق بصوغ الوثيقة الجانبية التي سترافق الاتفاق، والتي ستضمن حرية العمل العسكري لإسرائيل في جنوب لبنان في حال فشل آلية إنفاذ وقف النار»، وهو الملحق الجانبي بين واشنطن وتل أبيب والذي رغم أن «لا كلمة» مباشرة للبنان فيه إلا أنه يصعب أن يسير بصيغةِ «اتفاقٍ بلسانيْن» واحد معلَن ينطق بلغة تطبيق القرار 1701 بكامله وفق الرؤية اللبنانية وثانٍ بحبر سرّي يمنح تل أبيب حرية إكمال ما لم ينتهِ في الميدان «بيده».
سحب ألوية عدة
وفي حين كشفت «يديعوت أحرونوت» أيضاً أن الجيش سحب ألوية عدة من جنوب لبنان، مشيرة إلى أنه على خلفية تقييم المسؤولين المشاركين في المفاوضات لبلوغ تسوية في الشمال «فإن التوصلَ إلى اتفاقٍ ممكنٌ في غضون أسبوع ونصف الأسبوع إلى أسبوعين، ولذلك قام الجيش بسحب ألوية من جنوب لبنان لإنعاش العملية البرية» التي توقّعتْ «أن تستمرّ لبضعة أسابيع أخرى»، اعتبر وزير الدفاع يوآف غالانت أن الجيش في «موقف متفوّق، وعليه له الحقّ بفرض شروطه». وصرح لصحيفة «فاينانشال تايمز» بأن «إنجازاتنا تضعنا في موقف قوي لمطالبة حزب الله بأن يقوم بالدفع بقواته بعيداً كما نريد لشمال نهر الليطاني»، مؤكداً «لا يمكننا وفق منطلقاتنا أن نقبل بأي وجود عسكري إيراني في سورية المجاورة لنا، ونحن بحاجة إلى وقف نقل السلاح من إيران عبر سورية والعراق إلى لبنان إلى يد حزب الله». وفي وقت عَكَستْ المواقفُ الإسرائيلية ثباتاً على شروط وقف النار التي لن يسلّم بها لبنان، ولا بطبيعة الحال إيران، وسط كلام لافت للزعيم الدرزي وليد جنبلاط لصحيفة «النهار» اعتبر فيه «أن من اغتال السيد حسن نصرالله عرف ماذا فعل، فقد ألغى المُحاوِر الداخلي، وقد أصبحت إيران هي المُحاوِر في لبنان»، مع دعوته إلى «التمييز هنا بين حزب الله وسياساته، والطائفة الشيعية، وهي ليست بالضرورة منحازة إلى إيران، وأكبر دليل أن الرئيس نبيه بري له زعامته وكيانه التاريخي (...)»، مضى الجيش الإسرائيلي في استهدافاته الجوية التي طاولت أمس، إلى الجنوب والبقاع، منطقة الجية حيث أغار الطيران على مبنى دُمر الطابقان الأخيران منه ما أدى لوقوع 7 جرحى، فيما نجا طلبة مدرسة مجاورة (مدرسة مار شربل) أصيبت بأضرارٍ وتحدثت تقارير عن أنهم كانوا غادروها قبل وقت قصير.
37 بلدة «مُسحت عن الأرض»
أوردت «الوكالة الوطنية للاعلام» الرسمية أنه «في إطار الحرب التدميرية التي يشنّها العدو الإسرائيلي على لبنان عموماً والجنوب خصوصاً، والغارات والأعمال العسكرية التدميرية، يقوم جيشه بتفخيخ وتدمير أحياء في مدن وبلدات بكاملها، بحيث ان أكثر من 37 بلدة تم مسحها وتدمير منازلها وأكثر من 40 ألف وحدة سكنية دمرت تدميراً كاملاً، وهذا يحدث في منطقة في عمق ثلاثة كيلومترات تمتد من الناقورة حتى مشارف الخيام»....
تل أبيب تفتح معركة بنت جبيل في أربعين نصرالله 29 بلدة و40 ألف منزل دمرت في الجنوب... والقصير في مرمى القصف
الجريدة.....رغم الحديث عن سحب الجيش الإسرائيلي ألوية عدة من جنوب لبنان تزامناً مع تقدم في جهود التوصل إلى تسوية، حسبما أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، شنّ الجيش الإسرائيلي هجوماً عنيفاً باتجاه مدينة بنت جبيل، في جنوب لبنان، التي أطلق عليها الأمين العام الراحل لحزب الله حسن نصرالله لقب «عاصمة المقاومة» بعد التحرير في عام 2000، وأطلق من ملعبها الشعار الشهير «إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت». وعشية إحياء أربعين نصرالله، الذي قتل في 27 سبتمبر بغارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، يبدو أن إسرائيل تسعى للوصول إلى ملعب بنت جبيل نفسه وترفع علمها هناك في مشهد رمزي، في وقت لا يترك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مناسبة إلا ويستذكر مقولة نصرالله حول بيت العنكبوت، مشيراً إلى أن من أطلق هذا الشعار قد تمّت تصفيته فيما بقيت إسرائيل. وبحسب المعلومات الميدانية الشحيحة وسط تعتيم من الطرفين، خاض الجيش الإسرائيلي وعناصر حزب الله معارك عنيفة على أطراق بنت جبيل، التي تقدم إليها من محوري حانين - عين ابل غرباً ورميش - عين ابل- يارون شرقاً. وفي مشهد رمزي آخر قامت القوات الإسرائيلية أمس بتدمير لافتة كبيرة نصبت في بلدة مارون الراس، تدعو لاحتلال إسرائيل. وقالت وسائل إعلام لبنانية رسمية، إن ضربة جوية إسرائيلية واحدة على الأقل استهدفت مبنى سكنياً في بلدة الجية الساحلية جنوبي بيروت، فيما استهدفت ضربات أخرى مواقع متفرقة في أنحاء البلاد مما أدى إلى سقوط قتلى فيما أطلقت جماعة حزب الله صواريخ صوب إسرائيل. وتسبب الهجوم على بلدة الجية الساحلية في تصاعد عمود ضخم من الدخان من مبنى سكني. ولم يتبين بعد ما إذا كانت الضربات محاولة اغتيال، ولم تصدر إسرائيل أي تحذير بالإخلاء قبل الضربات. وذكرت وزارة الصحة اللبنانية أن ضربات أمس، أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص قرب مدينة بعلبك في سهل البقاع من بينهم اثنان لقيا حتفهما في ضربة على سيارة. وقالت الوكالة الوطنية للإعلام التي تديرها الدولة اللبنانية أمس، إنها تقدر أن الضربات الجوية الإسرائيلية والتفجيرات واسعة النطاق للمنازل تسببت في تدمير أكثر من 40 ألف وحدة سكنية في المنطقة الحدودية فيما أعلن خبراء أن 29 قرية قد نسفت بالكامل في وقت تسعى إسرائيل لإقامة حزام أمني عبارة عن أرض محروقة بعمق عدة كيلومترات مقابل الشريط الحدودي. وفي تطور ميداني آخر، استهدف قصف إسرائيلي أمس، بلدة القصير في وسط سورية، بالقرب من الحدود مع لبنان، وفق ما أورد الإعلام الرسمي، في ثاني استهداف للبلدة في أقل من أسبوع. وأفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) «عن عدوان إسرائيلي» استهدف المنطقة الصناعية في القصير وبعض الأبنية السكنية المحيطة» بها. وكانت ثلاث غارات إسرائيلية على البلدة أسفرت نهاية الشهر الماضي عن مقتل «سبعة مدنيين وثلاثة مقاتلين سوريين يعملون لمصلحة حزب الله»، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. وكان حزب الله هاجم بلدة القصير وسيطر عليها بعد أن طرد مقاتلي المعارضة السورية منها في بداية تدخله في الحرب الأهلية السورية التي اندلعت في العام 2011. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، إن إسرائيل لا يمكنها أن تقبل بوجود عسكري إيراني في سورية، مضيفا في تصريحات لصحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية: «نحن بحاجة إلى وقف نقل الأسلحة من إيران عبر سورية والعراق إلى لبنان»...
غارات إسرائيلية تستهدف مناطق في جنوب لبنان وشرقه
بيروت: «الشرق الأوسط».. أغار الطيران الحربي الإسرائيلي، ظهر وعصر الثلاثاء، على عدد من المناطق في جنوب لبنان وعلى بلدة حوش الرافقة في البقاع شرق لبنان. ووفق ما أعلنت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية الرسمية، شن الطيران الحربي الإسرائيلي، عصر الثلاثاء، غارة على بلدتي صير الغربية الجنوبية، والبرغلية في جنوب لبنان؛ ما أدى إلى مقتل سوري وجرح فلسطينيين اثنين. وشن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات، بعد ظهر الثلاثاء، على بلدات عيتيت، وخربة سلم، وعنقون، ودير الزهراني، ووادي جيلو، ويحمر الشقيف، وأرنون في جنوب لبنان. كما أغار على منزل في بلدة حوش الرافقة في البقاع شرق لبنان، وقصفت المدفعية الإسرائيلية المنطقة الواقعة شرق بلدة يحمر الجنوبية، واستهدفت غارة إسرائيلية شقة سكنية في مبنى في بلدة الجية بجبل لبنان، وأسفرت عن سقوط 7 جرحى في حصيلة أولية، وفق «وكالة الأنباء الألمانية». واستهدفت طائرة مسيَّرة إسرائيلية بعد ظهر اليوم سيارة أسرة نازحة من مدينة بعلبك إلى بلدة طليا في البقاع شرق لبنان؛ ما أدى إلى سقوط 3 قتلى، وأغار الطيران الحربي الإسرائيلي بعد ظهر اليوم على المنطقة الواقعة بين بلدتي عيتيت ووادي جيلو الجنوبيتين، وعلى أطراف بلدة البازورية في جنوب لبنان؛ ما أدى إلى وقوع إصابات، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام». وأعلنت «الوكالة الوطنية للإعلام» أنه «في إطار الحرب التدميرية التي يشنها العدو الإسرائيلي على لبنان عموماً والجنوب خصوصاً، والغارات والأعمال العسكرية التدميرية، يقوم جيشه بتفخيخ وتدمير أحياء في مدن وبلدات بكاملها، بحيث إن أكثر من 37 بلدة تم مسحها وتدمير منازلها، وإن أكثر من 40 ألف وحدة سكنية دمرت تدميراً كاملاً، ومن الواضح أن هذا يحدث في منطقة في عمق 3 كيلومترات تمتد من الناقورة حتى مشارف الخيام». يُذْكر أن الطائرات الحربية الإسرائيلية بدأت منذ 23 سبتمبر (أيلول) الماضي بشن سلسلة واسعة من الغارات لا تزال مستمرة حتى الساعة، استهدفت كثيراً من المناطق في جنوب لبنان والبقاع شرق لبنان والعاصمة بيروت والضاحية الجنوبية لبيروت وجبل لبنان وشماله. وبدأ الجيش الإسرائيلي في أول أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عملية برية مركزة في جنوب لبنان.
إشارات إسرائيلية متضاربة حول تقليص العملية العسكرية البرية في جنوب لبنان
المواجهات متواصلة... والغارات ومحاولات التوغل تتجدد في المنطقة الحدودية
الشرق الاوسط..بيروت: نذير رضا.. ترسل إسرائيل إشارات متناقضة حول العمليات العسكرية في جنوب لبنان؛ إذ تتحدث وسائل إعلام إسرائيلية عن تقليص العمليات في الأسبوعين الأخيرين وسحب فرقتين من أصل أربع كانت تقاتل في ميدان الحافة الحدودية، لكن الاشتباكات تتواصل بشكل متقطع، على أكثر من محور، فضلاً عن تفجير إسرائيل منازل ومربعات سكنية في المنطقة الحدودية اللبنانية، فيما استأنف الجيش الإسرائيلي غاراته الجوية على تلك المنطقة. ولم تثبّت القوات الإسرائيلية أي نقطة عسكرية في القرى الحدودية اللبنانية التي دخلت إليها، على مدى 4 أسابيع من عمر المعركة البرية التي أطلقتها في جنوب لبنان، وفق ما تقول مصادر أمنية لبنانية، لكنها تتوغل في العمق اللبناني، وتفخخ منازل ومنشآت مدنية وتفجرها، كان آخرها تفجيرات طالت 38 منزلاً ببلدة ميس الجبل، في حي يشرف على مستعمرة «المنارة». وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، إن بيانات الناطق باسم الجيش الإسرائيلي تشير إلى أنه «يقلص عملياته البرية في جنوب لبنان، في الأسبوعين الأخيرين»، وإن ذلك «يعود إلى عدد جنوده الذين قُتلوا خلال الاجتياح المستمر منذ نحو 5 أسابيع». وكان الجيش الإسرائيلي أعلن قبل أسبوعين أن 4 فرق عسكرية، هي: «91» و«146» و«98» و«36»، تشارك في العملية البرية. لكنه قال يوم السبت الماضي إن فرقتين فقط تشاركان في العملية، هما «146» و«91»، مما يعني أن العملية تقوم على فرقتين الآن، ويشير ذلك إلى تقليص الفرق المهاجمة. غير أن الحديث عن تقليص العملية تدحضه المعطيات الميدانية؛ إذ تحدثت وسائل إعلام لبنانية عن «اشتباكات عنيفة» خاضها مقاتلو «حزب الله» مع قوة إسرائيلية، عند أطراف عين إبل - حانين لجهة بلدة رميش، كما تحدث «حزب الله» عن استهداف تجمع للقوات الإسرائيلية عند الأطراف الجنوبية الغربية لبلدة مارون الراس بصليةٍ صاروخية. كما أعلن عن استهداف لتجمع آخر في ثكنة «دوفيف» القريبة من الحدود اللبنانية بصلية صاروخية. وفي محاولة تسلل من الجيش الإسرائيلي من ناحية بلدة رميش، بمنطقة «خانوق الكسارة»، اندلعت اشتباكات وتواصلت المواجهات حتى فجر الثلاثاء؛ «ما أجبر القوات الإسرائيلية على الانكفاء بعد تكبدها خسائر كبيرة»، وفق ما أفادت به وسائل إعلام لبنانية. وتشير تلك المعطيات الميدانية إلى أن العملية الإسرائيلية البرية لم تُقلَّص، لكنها تحولت إلى عملية محدودة، تُستأنف بشكل متقطّع. وبعد أسبوعين من تراجع القصف الجوي على المنطقة الحدودية، استأنف الطيران الإسرائيلي قصف المنطقة، حيث أفيد بغارة جوية استهدفت بلدة مارون الراس الحدودية، كما أفيد بقصف مدفعي استهدف بلدة الخيام التي فشلت عملية التوغل البري الإسرائيلية فيها. وعلى جبهة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرى العرقوب، شهد بعض المرتفعات تحركات من قوات المشاة وآليات الجيش الإسرائيلي في اتجاه مرتفع السدانة وبوابة شبعا، وتعرضت هذه التحركات للاستهداف بالصليات الصاروخية، فيما تبقى المناطق الحرجية في شبعا وكفرشوبا عرضة للقصف المدفعي والغارات الجوية بين الحين والآخر.
قصف جوي
وفي مقابل تراجع العمليات بالمنطقة الحدودية، توسع القصف الجوي إلى الداخل اللبناني الذي طال بلدة الجية على ساحل جبل لبنان الجنوبي، في واحدة من أندر الضربات في تلك المنطقة. وارتفعت أعمدة الدخان بالمنطقة، بعد غارة إسرائيلية واحدة على الأقل استهدفت شقة بمبنى سكني في الجية. وقال سكان المنطقة إن المبنى مؤلف من 4 طوابق، واستُهدف القسم العلوي منه، ما أدى إلى تدمير شقتين في الطابق، لكن المبنى كان خالياً من السكان، مما حال دون وقوع قتلى. وفي سياق الاستهدافات في العمق أيضاً، قصف الطيران الحربي مبنى على طريق مدخل «مستشفى الشيخ راغب حرب» في تول، كما ذكرت وزارة الصحة اللبنانية أن ضربات الثلاثاء أسفرت عن مقتل 5 أشخاص قرب مدينة بعلبك في سهل البقاع (شرق لبنان)، بينهم اثنان لقيا حتفهما بضربة على سيارة. وسجلت غارات على كفرا والشهابية وتول وعيناتا ومحيط مدينة صور والشبريحا والمنطقة بين بلدتي عيتيت ووادي جيلو وطير دبا وعيتيت وعنقون وأرنون ويحمر الشقيف ودير الزهراني وخربة سلم، وهي بلدات جنوبية تقع في العمق. واستهدفت غارة منطقة كفرجوز في النبطية بصاروخَي «جو - أرض»، بينما تسببت غارة على أطراف بلدة البازورية في وقوع إصابات.
40 ألف وحدة سكنية مدمرة
وتُخلّف الغارات الإسرائيلية دماراً كبيراً. وتفيد السلطات اللبنانية بأن الجيش الإسرائيلي مسحَ 37 بلدة في جنوب لبنان، ودمّر 40 ألف وحدة سكنيّة بشكل كامل، وفق ما أعلنت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية الثلاثاء. وذكرت «الوكالة» أنه «في إطار الحرب التدميرية التي يشنها العدو الإسرائيلي على لبنان عموماً، والجنوب خصوصاً، والغارات والأعمال العسكرية التدميرية، يقوم جيشه بتفخيخ وتدمير أحياء في مدن وبلدات بكاملها». وقالت «الوكالة» إن «أكثر من 37 بلدة تم مسحها وتدمير منازلها»، مشيرة إلى أن «أكثر من 40 ألف وحدة سكنية دُمّرت تدميراً كاملاً». ووفق «الوكالة»، فإنه «من الواضح أن هذا يحدث بمنطقة في عمق 3 كيلومترات، تمتد من الناقورة حتى مشارف الخيام». وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية، مساء الاثنين، ارتفاع «حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على البلاد منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى 3 آلاف وشهيدين، و13 ألفاً و492 جريحاً».
إسرائيل عطّلت رادارات المراقبة البحرية خلال خطف مسؤول في «حزب الله» من مدينة البترون اللبنانية
بيروت: «الشرق الأوسط»... أشار مصدر قضائي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، اليوم (الثلاثاء)، إلى معطيات أظهرتها التحقيقات الأولية بشأن خطف إسرائيل لمواطن لبناني، تفيد بأن الجيش الإسرائيلي استخدم خلال تنفيذ العملية أجهزة قادرة على تعطيل رادارات القوة الدولية المسؤولة عن مراقبة الشاطئ اللبناني. وأكد مسؤول عسكري إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته، السبت، أن قوات كوماندوز بحرية إسرائيلية «اعتقلت عنصراً رفيعاً في (حزب الله) في مدينة البترون الساحلية في شمال لبنان ونقلته إلى الدولة العبرية للتحقيق معه»، موضحاً أنه يعتبر «خبيراً في مجاله»، من دون تقديم مزيد من التفاصيل. والمخطوف ويدعى عماد أمهز، في الثلاثينات من عمره، كان وفق ما قال مصدر مطلع على الملف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» الأسبوع الماضي، في المراحل التعليمية الأخيرة قبل حصوله على شهادة قبطان بحري من معهد العلوم البحرية والتكنولوجيا في مدينة البترون. وقال المصدر القضائي اللبناني إن التحقيقات الأولية التي تجريها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي بإشراف النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار أظهرت أن «العملية نُفذت بدقة وبسرعة وكان معداً لها مسبقاً وبإتقان». وأشار إلى أن «التقديرات تفيد بأن الجيش الإسرائيلي استخدم زورقاً حربياً سريعاً مزوداً بأجهزة متطورة قادرة على تعطيل رادارات القوة البحرية الدولية المسؤولة عن مراقبة الشاطئ اللبناني». ومنذ عام 2021، تتولى ألمانيا قيادة القوة البحرية التابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل). ويناط بها، وفق موقع القوة الإلكتروني، دعم البحرية اللبنانية في مراقبة مياهها الإقليمية وضمان أمن الشاطئ ومنع دخول الأسلحة أو المواد ذات الصلة إلى لبنان عن طريق البحر من دون إذن. ووصف المصدر ما حصل بأنه «جريمة حرب أدت إلى خرق السيادة الوطنية، وأسفرت عن خطف مواطن لبناني، بغض النظر عن انتمائه ودوره وما إذا كان ينتمي إلى (حزب الله) أم لا، لا سيما وأن الجريمة نفذت في منطقة آمنة وبعيداً جداً من مناطق الاشتباك مع العدو». وأشار إلى «اتصالات وتنسيق بين الدولة اللبنانية والقوة الدولية»، موضحاً أن الجانب اللبناني «لا يمكنه أن يخضع قوات اليونيفيل للتحقيق أو الطلب منها تزويده بالمعلومات أو بالصور التي ترصدها راداراتها لكونها تتمتع بحصانة». ونفى والد أمهز أي علاقة لابنه بجماعة «حزب الله»، مناشداً الحكومة اللبنانية التدخل لإطلاق سراحه بعد خطفه من البترون، المدينة التي كانت بمنأى عن التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل.
القطاع الخاص اللبناني يسجل أدنى مستوى له في 44 شهراً
نتيجة لتوسُّع نطاق الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»
بيروت: «الشرق الأوسط».. شهد أداء القطاع الخاص اللبناني في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 أسوأ أداء له منذ أكثر من 3 سنوات ونصف؛ حيث أظهر مؤشر مديري المشتريات الرئيسي تدهوراً حاداً في نشاط القطاع. ويعود هذا التراجع إلى ازدياد الضغوط الناتجة عن الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» التي ألقت بظلالها على مختلف جوانب الاقتصاد. فقد أشار مؤشر مديري المشتريات الرئيسي الصادر عن بنك «لبنان والمهجر» التابع لـ«ستاندرد آند بورز» إلى تدهور النشاط الاقتصادي في القطاع الخاص اللبناني، بأسرع وتيرة له في أكثر من 3 سنوات ونصف خلال شهر أكتوبر 2024. وسجلت مؤشرات الإنتاج والطلبيات الجديدة -وخصوصاً الأعمال الواردة من العملاء الدوليين- تراجعاً حاداً، نتيجة لتوسّع نطاق الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» في مختلف أنحاء لبنان. كما أثّر انقطاع سلاسل التوريد سلباً على الأنشطة الشرائية ومخزونات الشركات، مما أدى إلى تراجع ملحوظ في ثقة الشركات، بسبب المخاوف من استمرار المواجهات العسكرية أو تصاعد حدتها. وأظهرت بيانات المسح الأخيرة زيادة في الضغوط التضخمية على الأسعار نتيجة لتصاعد الصراع؛ حيث أفادت التقارير بأن الموردين قد رفعوا أتعابهم، ما دفع شركات القطاع الخاص اللبناني إلى رفع أسعار السلع والخدمات بشكل ملحوظ. وانخفض مؤشر مديري المشتريات بمقدار نقطتين من 47 نقطة في سبتمبر (أيلول) 2024 إلى 45 نقطة في أكتوبر 2024، وهي أدنى قراءة منذ أكثر من 3 سنوات. ويُعزى هذا الانخفاض الكبير إلى تراجع مستوى الطلب بشكل رئيسي من العملاء الدوليين؛ حيث شهدت الطلبيات الجديدة للتصدير انخفاضاً ملحوظاً خلال الشهر الماضي. وأشار المشاركون في الاستطلاع إلى أن العملاء الدوليين تراجعوا عن تقديم طلبيات جديدة؛ ليس فقط بسبب الحرب في لبنان؛ بل نتيجة للصراع في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام. وكان هذا الانخفاض في مبيعات التصدير هو الأكثر وضوحاً منذ مايو (أيار) 2020. على صعيد التوظيف، شهد القطاع الخاص اللبناني انخفاضاً في أعداد الموظفين بسبب انكماش الأعمال الجديدة الواردة؛ لكن هذا الانخفاض كان طفيفاً نسبياً بشكل عام. ومع ذلك، استُنفدت الأعمال غير المنجزة بأعلى معدل لها في أكثر من عامين ونصف، نتيجة للضعف الملحوظ في مستوى الطلب. من جهة العرض، أظهرت بيانات المسح لشهر أكتوبر أن الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» قد تسببت في انقطاع سلاسل التوريد، مما أدى إلى تأخير مواعيد تسليم الموردين بأعلى معدل منذ مارس (آذار) 2023. وسبَّب هذا التأخير في حركة السلع -وخصوصاً عبر وسائل النقل البري- إعاقة كبيرة في تدفق الإمدادات. كما خفضت الشركات اللبنانية أنشطتها الشرائية بأعلى معدل منذ يوليو (تموز) 2021 بسبب المخاوف الأمنية، مما أسفر عن تراجع مخزون المشتريات بأعلى معدل في أكثر من 4 أعوام. ولجأت بعض الشركات إلى استخدام المخزونات المتاحة لتعويض نقص المواد في السوق. وأفاد المشاركون في الاستطلاع أيضاً بارتفاع أسعار المشتريات التي تتحملها الشركات اللبنانية، نتيجة لزيادة أتعاب الموردين بسبب الحرب؛ حيث سجل معدل التضخم العام لأسعار مستلزمات الإنتاج أعلى مستوى له في 19 شهراً. وفي ظل هذه الظروف، رفعت شركات القطاع الخاص اللبناني أسعار السلع والخدمات بأعلى معدل في أكثر من عام ونصف. وأخيراً، تراجعت ثقة الشركات إلى أدنى مستوى لها في 16 شهراً، بسبب المخاوف من تأثير استمرار الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» على توقعات الإنتاج المستقبلي. وتعليقاً على نتائج مؤشر مديري المشتريات لشهر أكتوبر 2024، قال المدير العام لبنك «لبنان والمهجر»، الدكتور فادي عسيران: «من المؤلم أن نظرة شركات القطاع الخاص اللبناني تظل تشاؤمية بشأن توقعات النشاط التجاري خلال العام المقبل؛ حيث يتوقع 84 في المائة من المشاركين في الاستطلاع تراجعاً في مستوى النشاط التجاري خلال الاثني عشر شهراً القادمة».