هل تُفجِّر فلسطين «ربيعها» بانتفاضة شعبية ثالثة؟

تاريخ الإضافة الخميس 9 شباط 2012 - 6:46 ص    عدد الزيارات 610    التعليقات 0

        

هل تُفجِّر فلسطين «ربيعها» بانتفاضة شعبية ثالثة؟


بقلم سامر الياس


تغامر النخب السياسية الحاكمة في إسرائيل في دفع الفلسطينيين إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة تختلف جوهريا عن سابقتيها عامي 1987 و2000. وتضيق السياسات والإجراءات الإسرائيلية في الأعوام الأخيرة الخناق على الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما فيها القدس، وفي قطاع غزة، وتقوض الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة أي إمكانية حقيقية لحل الدولتين، وتزيد القرارات العنصرية التي تتبناها الكنيست والمؤسسات القضائية من نقمة المواطنين العرب في إسرائيل على تهميشهم وتحويلهم إلى مواطنين من الدرجة الثانية في بلادهم. وتدغدغ نسمات الربيع العربي مشاعر الفلسطينيين المقيمين في الشتات بقرب تحقيق حلم العودة.
عام آخر من الصراع...
في نهاية العام الماضي مرَّ عشرون عاماً على عقد مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط، وفي السابع من شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي مرت الذكرى السنوية الـ 24 لانطلاقة الانتفاضة الفلسطينية الأولى دون ضجة كبيرة، وفي سبتمبر/ أيلول الماضي صعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى منصة الأمم المتحدة مطالباً بدعم «الربيع الفلسطيني» وقدّم طلباً لنيل عضوية فلسطين في الأمم المتحدة كدولة تحت الرقم 194، وهو بالصدفة يحمل رقم القرار الدولي القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم والتعويض عن ممتلكاتهم. خطاب عباس، إضافة إلى عوامل أخرى، عزز إمكانية تحقيق مصالحة تنهي الخلاف السياسي والكياني بين غزة ورام الله، وبعث موجة من التفاؤل في صفوف معظم الفلسطينيين بعد سنوات عجاف طويلة من الانقسام وانسداد الافاق السياسة، خصوصا مع تتويج الجهود الفلسطينية العام الماضي بقبول فلسطين في عضوية منظمة اليونسكو.
وعلى الجانب الإسرائيلي كان العام الماضي حافلاً أيضاً، فقد أقرت الكنيست الإسرائيلية بضعة عشر قانونا وتشريعاً عنصريا بحق المواطنين العرب، إضافة إلى محاولات مصادرة ما تبقى من أراضي بدو النقب، وفي بداية العام اتخذت المحكمة الإسرائيلية العليا من الأمن ذريعة لتثبيت «قانون لم الشمل» الذي يمنع بموجبه لم شمل عشرات آلاف العائلات الفلسطينية المتزوج أحد الوالدين فيها من فلسطيني الضفة وغزة أو من البلدان العربية.
وواصلت إسرائيل حصارها المفروض على قطاع غزة، منذ نحو خمسة أعوام وعطلت محاولات إعادة الاعمار بعد «حملة الرصاص المصبوب» نهاية العام 2008، ويحرم الغزيون من الوصول إلى ربع أراضي القطاع جلها من الأراضي الخصبة القابلة للزراعة، مما زاد نسبة البطالة وارتفاع معدلات الفقر إلى مستويات تنذر بكارثة إنسانية.
كما صعدت إسرائيل نشاطاتها الاستيطانية في القدس والضفة الغربية بنحو الخُمس، وزادت هجمات المستوطنين على القرى الفلسطينية في شكل ملحوظ، وسياسياً حاولت إسرائيل عرقلة المصالحة الفلسطينية، وتعطيل جهود السلطة للانضمام إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وفرضت عقوبات مالية عقب حصول فلسطين على عضوية اليونسكو.
المفاوضات تراوح مكانها وسط حالة من الترقب...
وعلى صعيد المفاوضات التي استؤنفت أخيرا بلقاءات استكشافية بعد نحو 16 شهرا من التوقف، يرجح معظم المراقبين ألا تحقق أي اختراق جدي في إيجاد مقاربات لقضايا الحل النهائي مع تصريحات الطرفين بعدم جدية الآخر، في تقديم تصور لحل المسائل الخلافية التي تتواصل المفاوضات حولها منذ اتفاق أوسلو 1993.
هل نحن على أبواب انتفاضة ثالثة...
تسود إسرائيل حالة من الترقب والحيرة بانتظار ما سوف تؤول إليه ثورات الربيع العربي، وانعكاس ذلك على «واحة الديمقراطية» الوحيدة في الشرق الأوسط، والسلام البارد مع مصر والأردن، وحالة «اللاحرب واللاسلم» على الجبهة الشمالية.
وتطرح بين الفينة والأخرى احتمالات اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة مختلفة نوعيا عن سابقتيها، لكن رغم هذه الإشارات لا تؤخذ التوقعات على محمل الجد في أوساط واسعة في إسرائيل المنشغلة بتثبيت «الدولة اليهودية»، وتشاركها في ذلك آراء أخرى فلسطينية ودولية، لكن عوامل قيام انتفاضة فلسطينية تتزايد وتكبر ككرة الثلج، في ظل انسداد أفق المفاوضات والتسويف المتواصل من قبل حكومة نتانياهو والحكومات التي سبقتها لتغطية خلق وقائع جديدة على الأرض تلغي إمكانية قيام حل الدولتين وتخرج القدس كاملة موحدة من أي حلول مستقبلية، وهي من وجهة نظري تتمثل في عدة نقاط يمكن إجمالها في الآتي:
- لا يمثل الواقع الذي تعيشه البلدان العربية عائقا، ففي عام 1987 بدأت الانتفاضة الفلسطينية بهبة انتشرت في كل المدن والقرى ومخيمات اللاجئين، وجاءت ردا على إهمال العرب» قضيتهم المركزية» وحامل لوائها أنذاك ياسر عرفات في قمة عمان، وفاجأت العالم بانطلاقتها وتطور أدائها التنظيمي بمشاركة مختلف القوى السياسية الوطنية والإسلامية، قبل إسراع البعض في محاولات استثمارها سياسياً. ورغم انشغال الشباب العربي في عدة بلدان بإيصال قطار الربيع العربي إلى محطته المنشودة فإن فلسطين لم تكن غائبة في ساحات الثورة على الأنظمة التي تاجرت بها عقوداً طويلة.
- في العام 2000 فجر دخول شارون ساحة الحرم القدسي الانتفاضة الثانية، وامتدت ليشارك فيها العرب في إسرائيل الذين هبوا لنجدة الأقصى وإخوانهم في الضفة وغزة وسقط منهم عشرات الشهداء والجرحى. ومع إمعان إسرائيل في سياسة الاستيطان وهدم المنازل في القدس فإنها ترفع الأوضاع في الشارع الفلسطيني إلى درجة الغليان بغض النظر عن أماكن تواجده.
- الجديد أن لانتفاضة يمكن ألا تقتصر على أبناء الضفة والقدس ومواطني إسرائيل العرب، بل قد تضم على الأرجح أبناء مخيمات الشتات، ففي العام الماضي أبدى الشباب أبناء الجيلين الثاني والثالث من اللاجئين رغبة كبيرة بالعودة وأبدوا شجاعة فائقة في اقتحام الحواجز والأسلاك الشائكة ونزفت دماؤهم على أرض الجولان وفلسطين، وبغض النظر عن دخول أطراف وعوامل على الحراك الذي نظموه وأعدوا له في العالم الافتراضي، فإن الحراك أكد أن حق العودة لا يمكن أن يسقط مع الزمن.
وإذا أضفنا إلى العوامل السابقة الأوضاع الاقتصادية الصعبة لأبناء الشعب الفلسطيني بغض النظر عن أماكن تواجده، ففي الضفة والقطاع يخسر الاقتصاد الفلسطيني نحو 7 مليارات دولار سنوياً، أي ما يعادل 85 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي، وترتفع نسبة الفقر بين المواطنين العرب في إسرائيل والقدس في شكل لافت مقارنة باليهود، ويعيش فلسطينيو مخيمات الشتات في الأردن، وسورية، ولبنان أوضاعا مأساوية، واذا اضفنا كل ذلك فإن اندلاع انتفاضة ثالثة لم يعد أمرا مستبعدا، خصوصا أن شرائح واسعة من المفكرين العرب ترى في تحرك الشباب العربي استلهاما في شكل أو آخر من التجربة النضالية للفلسطينيين في الداخل والخارج طوال العقود الستة الأخيرة.
 روسيا اليوم

A Gaza Ceasefire..

 الأحد 9 حزيران 2024 - 6:33 م

A Gaza Ceasefire... The ceasefire deal the U.S. has tabled represents the best – and perhaps last… تتمة »

عدد الزيارات: 160,756,804

عدد الزوار: 7,176,671

المتواجدون الآن: 151