من التهميش الى الصدارة..

تاريخ الإضافة الجمعة 7 آب 2020 - 6:14 ص    عدد الزيارات 1183    التعليقات 0

        

من التهميش الى الصدارة....

مركز كارنيغي....مروان المعشّر....

مر فلسطينيو الداخل بتحولات كبيرة تجعلهم اليوم جزءاً أساسياً من أي تصور مستقبلي لحل القضية....

لا يعرف معظم العرب الكثير عن فلسطيني الداخل، الذين تطلق عليهم إسرائيل اسم بإسم "عرب إسرائيل"، وهم من بقوا في قراهم وبلداتهم بعد حرب 1948 ووصفهم البعض بـ"الخونة" لقبولهم المواطنة الإسرائيلية والمشاركة في مؤسساتها السياسية، الامر الذي يتنافى مع الفكر الفلسطيني العام القائم على حق العودة واسترداد الحق كاملًا.

مر فلسطينيو الداخل بتحولات كبيرة تجعلهم اليوم جزءاً اساسياً من أي تصور مستقبلي لحل القضية الفلسطينية. السؤال هو كيف ولماذا؟

كان عدد الفلسطينيين الذين يعيشون داخل ما يعرف بحدود الخط الأخضر (أو خط الهدنة) حوالي تسعمائة ألف نسمة، بقي منهم في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية عند انتهاء الحرب ما يقارب مائة وخمسين ألف نسمة. كان جل الذين بقوا يفتقرون الى القيادات السياسية او الامكانات الاقتصادية التي تم تهجيرها خلال الحرب. بالرغم من أن السلطات الإسرائيلية منحت العديد منهم حق الاقتراع وجوازات سفر إسرائيلية، إلا أنها في نفس الوقت عاملتهم كطابور خامس، وفرضت عليهم قيوداً صارمة وأعلنت الحكم العسكري والاقامة الجبرية على الكثير من المدن والقرى العربية لمدة ثمانية عشر عاماً. في المقابل، ما عدا الأردن ومصر، قطعت معظم دول العالم العربي صلاتها الثقافية والدينية معهم، ورفضت استقبالهم ومنعتهم من أداء الحج والتعليم في معظم الجامعات والمدارس العربية.

لكنهم لم يستسلموا لمصيرهم البائس. فبنوا أنفسهم بأنفسهم حتى أصبحوا اليوم يعدون أكثر من مليون وسبعمائة ألف نسمة (بما في ذلك الحائزين على مكانة "مقيم دائم" في إسرائيل)، أي أكثر من عشرين بالمائة من سكان دولة اسرائيل. وبعد ان كانوا مضطرين للدخول في تحالفات مع احزاب صهيونية للحصول على الفتات من الموازنات الاسرائيلية، فهموا تدريجياً كيف يتعاملون مع من احتل بلدهم وذلك عن طريق ذات القوانين الاسرائيلية التي كانت تميز ضدهم. فطوروا اللعبة السياسية لديهم ووعوا أهمية وحدتهم وضرورة مقاومة الاسرائيليين اليهود من الداخل حتى حازوا اليوم على خمسة عشر مقعداً من مقاعد الكنيست المائة والعشرين، أي ما يعادل 12.5٪ من مجموع المقاعد، ويسعون إلى الحصول على المزيد انطلاقاً من مبدأ أنها الطريقة الوحيدة للتأثير وإحداث التغيير. وتجدر الإشارة إلى أن عدد أعضاء فلسطينيي الداخل في الكنيست اليوم هو خمسة أضعاف عدد اعضاء حزب العمل الذي قاد اسرائيل لفترة طويلة منذ تأسيسها والذي ساهم الى حد كبير في اضطهادهم منذ عام ١٩٤٨.

اذن، تغيرت المعادلة اليوم بشكل كبير، فمن التهميش الى القوة الثالثة في الكنيست، ومن الاقامة الجبرية الى مقارعة الاسرائيليين اليهود مقارعة الند بالند.

لكن ثقل فلسطينيي الداخل يمتد اليوم ليشمل موقعهم داخل الحركة الوطنية الفلسطينية. فمن الطبيعي أن القيادة الفلسطينية منذ عام ١٩٤٨ ولوقت طويل كانت بيد فلسطينيي الخارج ومن خلال منظمة التحرير الفلسطينية. إلا أن دور المنظمة بدأ بالانحسار منذ اتفاقية اوسلو وقدوم السلطة الوطنية الفلسطينية كهيئة انتقالية تدير أجزاءً من قطاع غزة والضفة الغربية لحين قيام الدولة الفلسطينية المستقلة. ولكن السلطة الوطنية الفلسطينية لم تتمكن من فعل ذلك، وقد أضعفتها اسرائيل إلى أبعد الحدود، ما أفقد ثقة الناس بها. ومع تولي فلسطينيي الداخل القيادة في مواجهة اسرائيل ومحاولتها فرض دولة ذات قومية يهودية واستبعاد العنصر العربي فيها بكافة الوسائل، أصبح العديد من فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة وشرقي القدس والشتات ينظرون الى نظرائهم في الداخل على أساس أنهم يُمثلون تطلعاتهم ومواقفهم أكثر من السلطة الوطنية نفسها، ما يجعل فلسطينيو الداخل اليوم رأس الحربة لمحاربة المساعي الاسرائيلية لطمس الهوية الوطنية الفلسطينية. هناك عامل آخر يزيد من نفوذ فلسطيني الداخل. لقد أدى عداؤنا لإسرائيل للإحجام عن انشاء مراكز بحث جادة لدراسة المجتمع والعقلية الاسرائيلية الا في ما ندر. قلة من العرب تدرك بعمق هذه العقلية وتعرف كيف تتعامل معها. أما فلسطينيو الداخل، فقد أجبرتهم ظروفهم على التعامل مع الاسرائيليين اليهود وسبر أغوارهم، ما جعلهم أكثر كفاءة وفاعلية من نظرائهم العرب في انتزاع حقوقهم رغم كل المحاولات الاسرائيلية لمعاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية.

فلسطينيو الداخل اليوم في وضع يختلف جذرياً عن ذاك الذين كانوا عليه عام 1948. هم اليوم في طليعة مجابهة اسرائيل ومقاومة رفضها الحقوق الفلسطينية، وهم ليسوا بحاجة لان يستمعوا لمن يشكك بدوافعهم في العالم العربي، فقد أثبتوا عروبتهم وانتمائهم وفاعليتهم بالفعل وليس بالصوت العالي، ولم يعودوا بمعزل عن دائرة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. حين تقتل اسرائيل حل الدولتين ولا يتبقى إلا حل الدولة الواحدة، سيبقى السؤال الرئيسي هل نظام هذه الدولة عنصري ام ديمقراطي، اقصائي او ادماجي؟ حينها، لا مناص من الاستفادة من تجربة فلسطيني الداخل في المطالبة بالحقوق السياسية الكاملة، وعندها لن يكون فلسطينو الداخل مجرد مشاركين في تحديد المستقبل الفلسطيني وفي تجديد الهوية الوطنية الفلسطينية، بل في موقع الصدارة في الدفاع عن الحقوق والمصالح الفلسطينية.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,048,996

عدد الزوار: 6,749,824

المتواجدون الآن: 118